نجيب سرور | توفى بمستشفى الأمراض العقلية.. واختزل شعره في قصيدة بذيئة

ثقافة , Comments Disabled

شاعر ومؤلف مسرحي مرهف الحس يمتلك حسا شعريا راقيا، وقدرة فريدة على التعبير، إلا أن مسيرته الشعرية اقتصرت على قصيدة “أميات” التي كتبها تحت وطأة الظروف القاسية التي عاشها، إنه نجيب سرور الشاعر والممثل المصري الذي برز خلال عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، والذي تحل اليوم الجمعة الموافق 1 يونيو ذكرى ميلاده.

ونجيب سرور مواليد قرية إخطاب بمركز أجا في محافظة الدقهلية، حيث كانت عائلته تعمل في الزراعة والأرض على غرار سائر الفلاحين في القرية، وكانت الأسر تحصل على قوت يومها من الزراعة وتربية المواشي، وكانت تلك الأموال تستخدم في إرسال الأطفال للتعلم في المدارس الحكومية.

وتكونت شخصية “نجيب” نتيجة للظروف القاسية التي عاشها، فشبّ على رفض الاستغلال والإقطاع، والمناداة بتحقيق الحرية والعدالة في المجتمع، وبعد أن أنهى دراسته الثانوية، التحق بالجامعة لدراسة الحقوق فيها، ولكنه تركها في السنة الأخيرة كي يحقق حلمه في الانضمام إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، وقد درس هناك التمثيل والإخراج وتخرج منه ليبدأ حياته المهنية.

وسافر “نجيب” إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الإخراج المسرحي، وبعدما عاد إلى مصر، ألف بعض المسرحيات والدواوين الشعرية، ولكن جرأته الشديدة وصراحته في انتقاد سلبيات النظام آنذاك تسببتا في دخوله المعتقل، حيث تعرض لشتى أنواع التعذيب، فضلًا عن إدخاله غصبًا إلى مستشفى الأمراض العقلية عدة مرات.

وعانى “نجيب” خلال تلك الفترة من مشكلتين، فقد عمد الطلاب المرافقون له في البعثة إلى كتابة تقارير أمنية مسيئة بحقه، في حين أن الشيوعيين كانوا يشكّون في انتمائه الشيوعي نظرًا لأنه كان موفدًا ضمن بعثة رسمية، وبقي في الاتحاد السوفييتي ولكنه لم يكن على وئام مع التنظيمات الشيوعية هناك، ولذا قرر الذهاب إلى المجر، ومنها عاد إلى مصر سنة 1964.

واشتهر نجيب سرور بين الناس بقصيدته اللاذعة “الأميّات”، والتي جاءت كلماتها الجارحة وألفاظها الخارجة تعبيرًا عن حالته النفسية بعدما تعرض له خلال حياته من تنكيل وتضييق واعتقال، فكانت هذه القصيدة أشبه بصرخة يطلقها سرور في وجه جميع الناس استياءً من أوضاع مصر في تلك الفترة، وتوفى نجيب سرور في القاهرة عام 1978.

وتابع “نجيب” مسيرته مع المسرح، فقدم مسرحية “ملك الشحاتين” عام 1970. ولكن العام التالي كان حافلًا بالمعاناة، وانتقد بشدة أحداث أيلول الأسود في الأردن، وهاجم طريقة معاملة الفلسطينيين في مسرحيته “الذباب الأزرق”، مما أثار نقمة البعض، وتسبب ذلك في منع عرض المسرحية.

وتدهورت الحالة الصحية والمعيشية لنجيب سرور خلال الفترة الأخيرة من حياته، واشتدت دائرة التضييق الأمني عليه، حتى دخل مستشفى الأمراض العقلية، ليتوفى هناك بتاريخ 24 أكتوبر عام 1978.
لكن المأساة الحقيقية التي صاحبت اسم نجيب سرور هي اقتران اسمه وتاريخه ومكانته بهذا العمل البذيء وتجاهلنا أشعاره مع بقية إنتاجه الأدبي والمسرحي العظيم, فما أن يذكر اسمه, حتي يمتعض السامع أو يبتسم في استنكار وتعجب, لأنه سيتذكر حتما هذا العمل الذي وصفه شاعر كبير من علامات شعر العامية, بأنه أفضل ما كتب سرور!.
فذاك الشاعر أيضا, اشتهر بالبذاءة في أحاديثه العادية مع قهقهات من المستمعين في جلساته من الذين ينبهرون لسبابه المقذع ويعتبرون ألفاظه المكشوفة عديمة الحياء, دليل النبوغ والعبقرية في عالم الإبداع, تماما كما انبهروا بشعره, لكنه لم يفعل لا هو ولا غيره, كما فعل سرور, أن أفرد قصائد كاملة البذاءة ومن فعل لم يشتهر. فحتي في بذاءته, تفوق عليهم سرور!.


بحث

ADS

تابعنا

ADS