يبدو أن سياسات إثيوبيا بالقرن الأفريقى سوف تكون أكثر ضراوة فى نتائجها من ضحايا الجوع العدو الأول لأفريقيا منذ سنوات طويلة،فآديس أبابا بسياسات النهوض التى تتبعها _كما يحلو لها تسميتها_سوف تتسبب فى إعدام دولة بأكملها من خلال سد النهضة.
ذلك السد الذى سوف يمثل تاريخ اسود ليس فى علاقات إثيوبيا بجيرانها ولكنه سوف يكون إعلانا لسياسة الإباده الجماعية للشعب الإثيوبى،فسياسة مصر الرافضة لهذا السد تأتى لتكون سفينة نجاة فى حين يتمسك الكثيرين بالجبل الأشم أو السد.
يبدو أن إثيوبيا اخترقت بنجاح مجال الزراعة الجينية لفصيلة التعنت فى المراحل التدشينية لهذا السد،مما أدى إلى برمجة سياسية أفريقية لا تنتمى لخريطة التفاهمات والتوازنات الإقليمية مما يؤرخ بكتابة شهادة وفاة لهؤلاء السياسيين.
فحالة الزهو الذى تنتاب آديس أبابا تجاه مسألة السد تنذر بلعنة الدب الذى قتل صاحبه ،فى دلالة لترجمة الجغرافية من قبل الطبيعة يرفضها لوجود هذا السد ،الذى قد يحمل كفن أفريقيا على كفيها بتتويج الحلول المصرية للحيلولة دون حدوث مأساة تسطر تحت عبارة “عندما كان هناك دولة تسمى إثيوبيا”.
فقامت شركة”G.censini” إلايطالية للأبحاث فى الأعماق أو ما تعرف ب”جيوفيزكال اكسبلوراشن” عبر استخدامها لجهاز مسح جديد يعتمد على الموجات فوق الصوتية من خلال وضعه على جنبات السد وتحته امتدادا إلى النيل ،عن طريق كابلات متصلة بجهاز “جيو فون” لاستقبال تلك الموجات فوق الصوتية عبر صور شديدة الدقة والوضوح مما يمكنها من رؤية واضحة وعلمية لما يجرى بالأسف،وذلك على النقيض من تلك الأجهزة المستخدمة بعمليات المسح الأخرى التى تقوم على المجسات التى لا تتعدى كونها مؤشر بيانى لا يحمل أى تفاصيل.
تلك الموجات التى كشفت عن وجود مفاجأة بعمق السد من خلال وجود فوالق وكهوف تحت عمق ١٥ مترا فقط ،حيث تشير الدراسة التى قدمتها الشركة إلايطالية إلى أن أسباب تلك التصدعات والفوارغ الكهفية من خلال غسيل وذوبان المعادن الصخرية وخصوصا الكالسيوم مما لذلك ،كما أنه تسبب فى تكون صخور رخوية هشة للغاية قد تنذر بكارثة خطيرة.
وتضيف استخلاص نتائج الدراسة الإيطالية أن الفجوات الكهفية التى تقع أسفل السد لم يتبين وجود اى مواد صلبة تتخلل تلك الفجوات الكهفية ،وذلك بسبب سرعة البناء الذى قامت السلطات الإثيوبية باعتماده فى هذا النهج لتفويت الفرصة ضد هدمه،لأن تلك العوامل أدت بدورها إلى ما يعرف ب “سيولة الطبقات” مما قد يؤدى إلى تسريب وإنهيار للسد عند اكتمال بناء مراحله التالية.