فى حكم فريد من نوعه، قضت محكمة النقض، بسقوط حق الزوج في شكوى زوجته عن جريمة «الزنا»، وذلك على أساس عدم قبول الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم الزوج بالجريمة وبمرتكبيها.
محكمة النقض قالت فى حيثيات الحكم بسقوط حق الزوج في شكوى زوجته عن جريمة «الزنا»، وذلك على أساس عدم قبول الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم الزوج بالجريمة وبمرتكبيها أساس ذلك، أن جريمة الزنا وقتية، وقد تكون متتابعة الأفعال، و ميعاد سقوط الحق في الشكوى عنها، فضلاَ عن أن سريانه من يوم العلم بمبدأ العلاقة الآثمة لا من يوم انتهاء أفعال التتابع .
المحكمة أضافت أن بداية سريان ميعاد السقوط من اليوم الذي يثبت فيه علم المجني عليه اليقيني بالجريمة لا الظني أو الافتراضي و علة ذلك، مثال لتدليل سائغ في أطراح الدفع بسقوط الحق في الشكوى عن جريمة الزنا.
وللإجابة على هذا السؤال ، أن المادة 273 من الباب الرابع من الكتاب الثالث أوضحت انه: « لا تجوز محاكمة الزانية إلا بناء على دعوى زوجها إلا أنه إذا زنى الزوج في المسكن المقيم فيه زوجته كالمبين في المادة 277 لا تسمع دعواه عليها».
و أن المادة 277 من ذات القانون أوضحت انه: «كل زوج زنى في منزل الزوجية وثبت عليه هذا الأمر بدعوى الزوجة يجازى بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور» من ذلك يتضح أن الزوج الزاني متى كانت واقعة الزنا قد تحصلت في مسكن الزوجية وثبت ذلك بطرق الإثبات الواردة بالمادة 276 لا يحق له طلب معاقبة زوجته الزانية بتقديم شكوى للجهات المختصة، وذلك إعمالا لمبدأ المساواة ولكن في غير محله .
وللإجابة على السؤال متى يسقط حق الزوج في طلب عقاب زوجته الزانية ؟
فهناك حالتين وهما:
الحالة الأولى :
أوضحت المادة 274 من ذات القانون أن : «المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها أن يوقف تنفيذ هذا الحكم برضاءه معاشرتها كما كانت»، يتضح من ذلك أن الزوج إذا أقدم على معاشره زوجته بعد علمه بواقعه الزنا وقبل تقديم الشكوى أو بعد تقديم الشكوى وقبل المحاكمة أو بعد المحاكمة، وقبل البدء في تنفيذ الحكم أو الانتهاء من تنفيذه يعد ذلك رضاء منه ويسقط حقه فى طلب معاقبتها من الجهات المعنية .
«القانون صريح في عد وجود المتهم بالزنا في المحل المخصص للحريم من الأدلة التي تقبل فى الإثبات عليه، فإذا كانت المحكمة قد استخلصت من وجود المتهم لدى الزوجة بمنزلها و إنفراده بها فى مخدعها، و من سائر الأدلة الأخرى المقدمة فى الدعوى أنه لابد زنى بها في المنزل، فإن القول من جانب المتهم بتطور العادات فى هذا الصدد لا يكون في الواقع إلا مناقشة فى تقدير الأدلة التي اقتنعت بها المحكمة فى ثبوت الزنا ، فلا يجوز التحدي به لدى محكمة النقض».
الطعن رقم 2387 لسنة 18 مجموعة عمر 7ع صفحة رقم 787 بتاريخ 02-03-1949
الحالة الثانية :
أوضحت المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية أنه: « لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص، إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها فى المواد 185، 274، 279، 292 ، 293، 3.3، 3.6، 3.7، 3.8 ، من قانون العقوبات، وكذلك فى الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون . ولا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك».
وبالنسبة للإجابة على السؤال، هل يستفيد الشريك من موقف الزوج في حالة التنازل .
«إذا صدر تنازل من الزوج المجنى عليه بالنسبة للزوجة سواء أكان قبل الحكم النهائى أو بعده وجب حتماً أن يستفيد منه الشريك و يجوز التمسك به فى أية حالة كانت عليها الدعوى و لو لأول مرة أمام محكمة النقض لتعلقه بالنظام العام و ينتج أثره بالنسبة للدعويين الجنائية و المدنية فى خصوص جريمة الزنا، و هو ما يرمى إليه الشارع بنص المادتين الثالثة و العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية» .
الطعن رقم 0148 لسنة 41 مكتب فنى 22 صفحة رقم 427 بتاريخ 31-05-1971
«إن جريمة الزنا هي جريمة ذات طبيعة خاصة لأنها تقتضى التفاعل بين شخصين يعد القانون أحدهما فاعلاً أصلياً و هى الزوجة و يعد الثاني شريكاً و هو الرجل الزاني، فإذا أمحت جريمة الزوجة و زالت آثارها لسبب من الأسباب و قبل صدور حكم نهائى على الشريك فإن التلازم الذهنى يقتضى محو جريمة الشريك أيضاً ، لأنها لا يتصور قيامها مع إنعدام ذلك الجانب الخاص بالزوجة، و إلا كان الحكم على الشريك تأثيماً غير مباشر للزوجة التى عدت بمنآى عن كل شبهة إجرام ، كما أن العدل المطلق لا يستسيغ بقاء الجريمة بالنسبة للشريك مع محوها بالنسبة للفاعلة الأصلية لأن إجرام الشريك إنما هو فرع من إجرام الفاعل الأصلى و الواجب فى هذه الحالة أن يتبع الفرع الأصل ما دامت جريمة الزنا لها ذلك الشأن الخاص الذى تمتنع معه التجزئة و تجب فيه ضرورة المحافظة على شرف العائلات».
الطعن رقم 0148 لسنة 41 مكتب فنى 22 صفحة رقم 427 بتاريخ 31-05-1971
«المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية بعد أن علقت رفع الدعوى الجنائية فى جريمة الزنا المنصوص عليها فى المادتين 274 و 275 من قانون العقوبات على شكوى الزوج ، نصت فى فقرتها الأخيرة على أنه : «لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليه بالجريمة و بمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك» .
وفى سياق أخر، أن جريمة الزنا، جريمة الأصل فيها أن تكون وقتية لأن الركن المادى المكون لها و هو الوطء فعل مؤقت ، على أنها قد تكون متتابعة الأفعال كما إذا إرتبط الزوج إمرأة أجنبية يزنى بها، أو ارتبط أجنبي الزوجة لغرض الزنا، و حينئذ تكون أفعال الزنا المتتابعة فى رباط زمنى متصل جريمة واحدة فى نظر الشارع كما هو المستفاد من نص المادة 218 من قانون الإجراءات الجنائية إعتباراً بأنها و إن نفذت بأفعال متلاحقة كل منها يصدق عليه فى القانون وصف الجريمة إلا أنه و قد إنتظمها وحدة المشروع الإجرامى و وحدة الجانى و الحق المعتدى عليه كانت جريمة واحدة .
و نشير إلى أنه لما كان القانون قد أجرى ميعاد السقوط من تاريخ العلم بالجريمة فإن مدة الثلاثة الأشهر تسرى حتماً من يوم العلم بمبدأ العلاقة الآثمة لا من يوم انتهاء أفعال التتابع إذ لا يصح الخلط بين بدء سريان التقادم الذي يحتسب من انتهاء النشاط الإجرامي و بين بدء ميعاد سقوط الحق فى الشكوى الذى يرتد إلى العلم بوقوع الفصل المؤثم لأن مدة السقوط أجراها الشارع فى نصوصه بعامة من وقت قيام موجب الشكوى بصرف النظر عن تتابع الأفعال الجنائية .
و أنه لا شك فى أن علم المجنى عليه بالعلاقة الآثمة من بدايتها يوفر له العلم الكافى بالجريمة و بمرتكبها و يتيح له فرصة الإلتجاء إلى القضاء و لا يضيف اطراد العلاقة إلى علمه اليقينى جديداً و لا يتوقف حقه فى الشكوى على إرادة الجانى فى إطراد تلك العلاقة، و أن القول بغير ذلك يخالف قصد الشارع الذى جعل من مضى ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة و بمرتكبها قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل لما قدره من أن سكوت المجنى عليه طوال هذه المدة يعد بمثابة نزول الشكوى حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا إستمر أو تأبد سلاحاً للتهديد أو الإبتزاز أو النكاية».
الطعن رقم 1452 لسنة 36 مكتب فنى 18 صفحة رقم 270 بتاريخ 27-02-1967.