وافق مجلس النواب على قانون جديد يقضى بفصل الموظف بغير الطريق التأديبى من العاملين بالدولة وقد حدد القانون حالات الفصل وهى إذا أخل بواجبات الوظيفة بما من شأنه الإضرار الجسيم بالإنتاج أو بمصلحة اقتصادية للدولة أو لأى من الجهات المنصوص عليها بهذه المادة، وإذا قامت بشأنه دلائل جدية على من يمس أمن الدولة وسلامتها، وإذا فقد أسباب الصلاحية للوظيفة التى يشغلها لغير الأسباب الصحية، وإذا كان فاقدا للثقة والاعتبار، وإذا أدرج على قوائم الإرهابيين المنظمة بأحكام القانون رقم 8 لسنة 2015 فى شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين على أن يعاد إلى عمله فى حالة إلغاء قرار الإدراج.
وقد أبدى عدد من العاملين بالجهاز الإدارى تخوفهم من صدور هذا القانون وفى هذا التوقيت الحرج، بما قد يساعد بعض المسئولين على تصفية حسابات ناتجة عن خلافات شخصية بينهم وبين الموظفين بحسب شهادات وردت في تقرير صحفي نشرته الزمان لموظفين بالحكومة، مؤكدين أن الفصل بغير الطريق التأديبى يفتح الباب على مصراعيه لتصفية الحسابات، خاصة أن القانون نص على لجوء الموظف لمجلس الدولة للتظلم من قرار الفصل ويحق له مبلغ تعويض فقط دون إلغاء القرار مع احتفاظه بالمعاش ومكافأة نهاية الخدمة.
وفى هذا السياق، يقول “سمير.أ” موظف بالتربية والتعليم في تصريحات صحفية: لم أطلع على تفاصيل القانون واللائحة التنفيذية لكن ما قرأته كفيل بأن يثير القلق والخوف فى نفوس أى موظف لأنك تعطى السلطة للمدير بأن يقوم بفصلى بدون تحقيق وبغير الطريق التأديبى سواء بالخصم من الراتب أو الإيقاف عن العمل لحين انتهاء التحقيقات وهى سلطة مطلقة تمثل مفسدة مطلقة، وقد عرفت من متخصصين بأن تطبيق القانون سيكون شامل العاملين بالقطاع العام والهيئات والشركات التابعة للدولة.
وأضاف، أن حالات الفصل معروفة ومدرجة بقانون الخدمة المدنية، لكن أن يفصل الموظف مباشرة ويذهب هو يبحث عن حقه فى العودة ويكون غير ممكن أيضًا فهو أمر بمثابة استغلال غير صائب للسلطة من جانب المدير والذى يمكن له تصفية الحسابات الشخصية معى لمجرد أنى معترض على توجهاته وتصرفاته.
ويتفق معه “محمد.ج” موظف بالتأمينات الاجتماعية، قائلاً إن حالات الفصل من الوظيفة يستوجب معها تحقيق وإثبات للتهمة مثل تعاطى المخدرات أو السكر داخل محل العمل أو التسبب فى وفاة شخص نتيجة فعل قام به الموظف أو الإضرار بالأمن القومى، لكن تهمة تبنى أفكارا متطرفة والعمل على نشرها تهمة فضفاضة ويمكن إلصاقها بأى شخص والاستعانة بشهود زور لإثباتها على الشخص وعليه كان على مجلس النواب إعادة النظر مرة أخرى فيما هو مرتبط بمصلحة العاملين بالدولة والتفكير فى حلول لمشاكلهم التى ظهرت بعد تفعيل قانون الخدمة المدنية لا أن يتم إضافة أعباء جديدة عليهم وجعلهم طوال الوقت رهينة داخل مكاتبهم تنفيذًا لتعليمات المدير.
من جانبه يقول الدكتور محمد حلمى الخبير بالتنمية الإدارية، إن هناك مدونة سلوك للموظفين مفعلة وتم تعديلها أكثر من مرتين فى السنوات القليلة الماضية وهى التى تحكم العلاقة بين الموظف ورفاقه داخل الديوان الحكومى ولعل آخر التعديلات فى العام 2019 حينما تبنت وزارة التخطيط إضافة مواد خاصة بتعاطى المخدرات وفصل الموظف الذى يثبت عليه تلك التهمة بموجب تحليل بمعرفة وزارة الصحة، وتبنى الموظف لأفكار متطرفة وترويجها داخل المصالح الحكومية أمر بالغ الصعوبة بالوقت الراهن، خاصة أن الدولة نجحت بالفعل فى تطهير بؤر كثيرة من العناصر المتطرفة والتى تحمل أفكارًا هدامة وعليه كان على المشرع أن ينظر إلى الطرق التى يؤدب بها القانون الموظف أولاً وهل هى كافية أم يستلزم الأمر قانونا جديدا.