مكاوي سعيد.. التغريدة الأخيرة

ثقافة , Comments Disabled

“عندما تشعر البجعة بقرب نهايتها تذهب إلى الشاطئ لتطلق تغريدتها الأخيرة وتموت فى صمت.. البطل أيضا يقترب من نهايته حيث يجتر ذكريات عدة .. الحب.. الأصدقاء .. الأهل .. رؤيته لأطفال الشوارع و احتكاكهم به ..يدرك ان حياته فارغة و ابتعد كثيرا عن ما كان يخطط لحياته مع حبه الاول”.

تتقطر الحروف أسى وحزنًا من رواية “تغريدة البجعة” حزنًا على فراق من أبدعها وجعلها حياة كاملة إنه مكاوي سعيد.

ذلك الأديب الأسمر الذي اتخذ من زهرة البستان مقرًا له وللقاءاته  ومقابلاته ، تشعر في حضوره بالبساطة وكأن الدنيا حلم عابر لا يريد الانخراط فيه فلا يريد منها شيئًا ولا يهتم لبهرجها الكاذب وكان له ما أراد فقد رحل في صمت كما أحب أن يعيش في صمت.

ويقول مكاوي سعيد عن نفسه “في فترة الدراسة الاولى كانت لي قراءات في القصص البوليسية والألغاز كعادة أبناء جيلنا وارتبطت بشكل خاص بقصص اجاثا كريستي وارسين لوبين لإحكام بنائها الفني، كما اعتدت أيضا قراءة القصص المصورة، وفي فترة الدراسة الثانوية ارتبطت أكثر بروايات نجيب محفوظ وأمين يوسف غراب ومحمد عبد الحليم عبد الله، ثم ارتقت قراءاتي الى الأدب العالمي والشعر الحديث والشعر العامي، أما رحلتي مع الكتابة فقد بدأت أواخر السبعينيات حين كنت طالبا بكلية التجارة جامعة القاهرة، وكنت مهتما أيامها بكتابة الشعر العامي والفصيح عقب تأثري بدواوين صلاح عبد الصبور واحمد عبد المعطي حجازي والبياتي والسياب والفيتوري، ونشرت عدة قصائد لي في مجلة «صوت الجامعة» وبعض المجلات آنذاك.

كما كانت لي نشاطات دائمة في الندوات الثقافية بالجامعة حتى حصلت على لقب شاعر الجامعة عام 1979 . عقب تخرجي من الجامعة اكتشفت ان أشعاري تعبر عن تجارب ذاتية خاصة جدا، فبدأت كتابة القصة القصيرة، وكان يأسرني آنذاك عالم يوسف ادريس وقصص مكسيم جوركي وتشيكوف بالاضافة الى الروائي العظيم ديستويفسكي وهيمنجواي، وفي بداية الثمانينيات كانت لنا ندوات دائمة بمقاه شهيرة بوسط البلد كعلي بابا واسترا وسوق الحميدية نلتقي فيها بالأدباء الكبار والقصاصين الجدد الذين يتلمسون الطريق، وعرضت قصصي الأولى في هذه الندوات وأثنى عليها الكثيرون، كما فاز بعضها بجوائز في نادي القصة، وتعرفت في مقهى علي بابا على الكاتب الجميل يحيى الطاهر عبد الله وقرأت عليه قصصي وأعجبته واختار بعضها لإرساله الى مجلات عربية بتزكية منه. وفي تلك الفترة نشرت قصص بمجلات وصحف مصرية وأصدرنا نشرات بالاستنسل تضم قصصا لمجموعة كتاب شباب مثل يوسف أبورية، سحر توفيق، عبده المصري، كما احتفلت مجلة «مصرية» التي كان يصدرها آنذاك عبد العزيز جمال الدين والدكتور صلاح الراوي بقصصنا وأشعارنا. ثم اصدرت أول مجموعة لي وكان اسمها «الركض وراء الضوء» بمساهمات الاصدقاء، ولاقت قبولا رائعا في الوسط الأدبي، لكن سرعان ما عملت كمحاسب في إحدى شركات المقاولات وابتعدت قليلا عن الوسط الأدبي، ثم أتت ظروف وفاة الأديب يحيى الطاهر عبد الله المأساوية لتزيد الهوة بيني وبين هذا الوسط، فظللت فترة كبيرة مبتعدا اقطعها أحيانا بقصة قصيرة، هنا وهناك. وكانت احداث 18 يناير وانتفاضة الطلبة تؤرقني وأود الكتابة عنها، الى ان كتبت احداثها فعلا في رواية «فئران السفينة» عام 1985 وبقت الرواية حبيسة ادراج الهيئة المصرية العامة للكتاب لمدة تزيد على الخمس سنوات”.

و توفي اليوم السبت الكاتب الكبير مكاوي سعيد، عن عمر ناهز 61 عامًا وشيع جثمانه إلى مثواه الأخير بمقابر السيدة عائشة.

ويعد الكاتب الراحل من أهم كتاب القصة والرواية، وسبق أن ترشح للفوز بجائزة البوكر العربية عن روايته «تغريدة البجعة».

ومن أهم كتبه رواية «فئران السفينة» و«مقتنيات وسط البلد» و«عن الميدان وتجلياته».

 


بحث

ADS

تابعنا

ADS