احتدم السباق لخلافة أنجيلا ميركل بألمانيا في معسكرها المحافظ الذي جمع المرشحين المحتملين المتنافسين في اجتماع مغلق، أمس، قبل 6 أشهر من الانتخابات التشريعية المقررة في 26 سبتمبر المقبل.
وكما كان متوقّعاً، ذكرت دوائر حزبية من الكتلة البرلمانية لـ “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” CDU الذي تنتمي إليه ميركل، أن أرمين لاشيت زعيم CDU، وماركوس سودر، رئيس الحزب الحليف البافاري “الاتحاد الاجتماعي المسيحي” CSU، أعلنا استعدادهما للترشح لمنصب المستشار.
ونقل مشاركون في اجتماع مغلق لزعماء “التحالف المسيحي” أن لاشيت قال امس، “سنجيب عن السؤال بشكل جيد ومعا وبتقدير شخصي متبادل”، مشيرا إلى أهمية الدعم والوحدة من قبل حزبي التحالف.
ونقل المشاركون عن لاشيت، رئيس حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا، القول: “وأنا وماركوس نجري محادثات” وذكر أن هناك مرشحين محتملين “وأنه كانت هناك شهادة متبادلة بأن كلينا يقدر على هذا، وبينما يفتقر الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD (الشريك في الائتلاف الحاكم) إلى امتلاك من يقدر على هذا، فإننا نمتلك اثنين”.
وأوضح لاشيت أنه وسودر على دراية بالمسؤولية، وحذّر من أن الصراع الكبير في هذا الموضوع قد يضرّ بالتحالف، مؤكدا أن “هذا هو السبب في ضرورة حل هذا الأمر بأسرع ما يمكن”.
وكانت ميركل قررت مغادرة السلطة عقب انتخابات 26 سبتمبر المقبل بعد 16 عاما في الحكم، ما سيفتح المجال لحقبة جديدة. ودعا زعيم كتلة المحافظين النافذة في مجلس النواب رالف برينكهاوس إلى جدول زمني مكثّف مع إصدار قرار “في الأسبوعين المقبلين”.
والهدف من ذلك إخراج الحزب من الوضع الصعب الذي يمر به في أسرع وقت ممكن، إذ إن نهاية عهد ميركل تتحول إلى محنة بالنسبة للحزب، إلى حد تعريض انتصاره في الانتخابات التشريعية الذي كان يبدو مضمونا قبل بضعة أشهر، للخطر.
فبعد إدارتهما غير المنتظمة لأزمة الوباء العالمي وتكبدهما انتكاسة انتخابية في اقتراعين محليين أخيرا، يواجه CDU وCSU، فضيحة اختلاس أموال مرتبطة بشراء كمامات طبية.
وبلغ الاضطراب ذروته، كما تكشف استطلاعات الرأي الأخيرة، فتحالف الحزبين لا يحصد حالياً سوى بين 26 و28.5 في المئة من نوايا التصويت، أي أقل بعشر نقاط من شعبيته في فبراير، إضافة الى انهيار حاد لهذه النسبة منذ العام الماضي عندما بلغت 40 في المئة.
وبات “حزب الخضر” ينافس المعسكر المحافظ، بعد أن سجل ارتفاعا في شعبيته منذ الانتخابات الأوروبية عام 2019، وهو الذي يحلم بانتزاع المستشارية من الاتحاد الديمقراطي المسيحي.
وبذلك يصبح اختيار المرشح المحافظ أمرا بالغ الأهمية، ولم تحسم المسألة، أمس، أثناء اجتماع الكوادر الرئيسيين في الكتلة البرلمانية الذي شاركت فيه ميركل. وكتبت، أمس، صحيفة “سودويتشه تسايتونغ” أن هذا الاجتماع للبرلمانيين سيكون خصوصا “نوعاً من الامتحان للترشيحات”، واعتبرت صحيفة “بيلد” أن عطلة نهاية الأسبوع الحالي ستكشف “الحقيقة”. وتظهر استطلاعات الرأي أن الخمسيني ماركوس سودر، رئيس “الاتحاد الاجتماعي المسيحي” يتقدم على منافسه، إلا أنه في ألمانيا لا يتم انتخاب المستشار من خلال الاقتراع العام المباشر بل من قبل النواب. وأفادت قناة “آ ار دي” الرسمية بأن 54 في المئة من الناخبين يعتبرون أنه مرشح جيد، أما بالنسبة للستيني أرمين لاشيت فهو لم يحصل سوى على 16 في المئة من نوايا التصويت.
لكن عموما تعود مسألة طرح المرشح إلى “الاتحاد الديمقراطي المسيحي”، الحزب الأقوى في التحالف، إذ إن “الاتحاد الاجتماعي المسيحي” ليس سوى حزب إقليمي، ونجح هذا الأخير مرتين منذ الحرب في تمثيل المعسكر المحافظ كاملا في الانتخابات، إلا أنه واجه انتكاستين.
من جهته، يواجه أرمين لاشيت، الذي انتُخب منذ يناير فقط على رأس CDU النكسة تلو الأخرى، فقد أثار موقفه الأخير من إغلاق صارم لكن مدته قصيرة بهدف لجم الموجة الثالثة من وباء “كوفيد 19″، انتقادات وحتى سخرية.
ومسألة تعيين مرشح ملحة جدا في نظر “الاتحاد الديمقراطي المسيحي”، إذ إن “الحزب الاشتراكي الديمقراطي” SPD سبق أن حسم المسألة منذ أشهر، باختياره وزير المال الحالي أولاف شولتز، أما “الخضر” فسيعين مرشحه في 19 أبريل.