حكم مداعبة الزوجة في نهار رمضان .. ورد إلى دار الإفتاء سوال ما حكم من يداعب زوجته في نهار رمضان جزاكم الله كل خير، كما وردها سؤال من إحدى السيدات قائلة زوجي يطلب مني مداعبته، فهل مداعبة الرجل لزوجته والزوجة لزوجها في نهار رمضان حرام ويوجب الكفارة؟
حكم مداعبة الزوجة في نهار رمضان
وللإجابة عليهما فإنا ننبهك بداية إلى أن على الصائم أن يتجنب كل ما من شأنه أن يثير شهوته كما جاء في الحديث القدسي، يقول الله تعالى: الصوم لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي. رواه البخاري.
فالاسترسال في مداعبة الزوجة خطر على صحة الصوم فإن من لا يملك نفسه يتعين عليه البعد عن مداعبة أهله، ولذا رأى كثير من أهل العلم حرمة القبلة لمن تحرك شهوته.
وقال الشيرازي في المهذب: ومن حركت القبلة شهوته كره له أن يقبل وهو صائم، والكراهة كراهة تحريم، وإن تكن لم تحرك القبلة شهوته قال الشافعي: فلا بأس بها وتركها أولى، والأصل في ذلك ما روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملككم لإربه.
إفساد الصوم
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أرخص فيها للشيخ وكرهها للشباب، ولأنه في حق أحدهما لا يأمن أن ينزل فيفسد الصوم، وفي الآخر يأمن ففرق بينهما. اهـ.
رد الأزهر
وفي ذات السياق يقول الشيخ عبد الحميد شاكر الخطيب، أحد علماء الأزهر وواعظ عام بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر:
لا بأس من مداعبة الرجل لامرأته، أو المرأة لزوجها بالكلام في حال الصيام فلا مانع أن يظهر الرجل حبه لزوجته بالتلامس والضم بشرط أن يأمنا على نفسيهما، فإن كانا لا يأمنان على نفسيهما لشهوة ما، ويخافان من إفساد الصوم فلا يجوز فعل ذلك؛ لأنه يعرض الصوم للإفساد.
وفي سياق آخر إذا ترتب على التقبيل خروج المني فسد الصيام، ووجب القضاء.
قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: وَلَا يَخْلُو الْمُقَبِّلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ لَا يُنْزِلَ، فَلَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ بِذَلِكَ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ ـ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يُمْنِيَ، فَيُفْطِرَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ إيمَاءِ الْخَبَرَيْنِ، وَلِأَنَّهُ إنْزَالٌ بِمُبَاشَرَةٍ، فَأَشْبَهَ الْإِنْزَالَ بِالْجِمَاعِ دُونَ الْفَرْجِ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يُمْذِيَ، فَيُفْطِرَ عِنْدَ إمَامِنَا وَمَالِكٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُفْطِرُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ، لِأَنَّهُ خَارِجٌ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، أَشْبَهَ الْبَوْلَ… اهـــ .
فتاوى
وبحلول شهر رمضان تتبادر إلى الأذهان بعض الأسئلة المحرجة حول حدود العلاقة الزوجية.. ما يجب وما لا يجب.. ما يفطر وما لا يفطر.. تلك الأسئلة تبدو سهلة لكن إجاباتها تستلزم تفقها في الدين لذلك حرصنا على جمع آراء الفقهاء بخصوص بعض المسائل الحساسة.
هل يجوز للصائم أن يقبل زوجته ويداعبها في الفراش وهو في رمضان؟
نعم يجوز للصائم أن يقبل زوجته ويداعبها وهو صائم، سواء في رمضان أو في غير رمضان، ولكنه إن أمنى من ذلك فإن صومه يفسد، فإن كان في نهار رمضان لزمه إمساك بقية اليوم ولزمه قضاء ذلك اليوم، وإن كان في غير رمضان فقد فسد صومه ولا يلزمه الإمساك لكن إذا كان صومه واجبا وجب عليه قضاء ذلك اليوم وإن كان صومه تطوعا فلا قضاء عليه.
ما حكم من جامع امرأته في نهار رمضان؟
إن كان ممن يباح له الفطر ولها كما لو كانا مسافرين فلا بأس في ذلك حتى وإن كانا صائمين، أما إذا كان ممن لا يحل له الفطر فإنه حرام عليه وهو آثم وعليه مع القضاء عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا وزوجته مثله إن كانت مطاوعة أما إن كانت مكرهة فلا شيء عليها.
إذا احتلم الصائم في نهار الصوم من رمضان فما حكم صومه؟
إذا احتلم الصائم في نهار الصوم لم يضره لأنه بغير اختياره، والنائم مرفوع عنه القلم.
إذا جامع الرجل زوجته في رمضان هل يفطر كل منهما وهل تكون الكفارة على الواطىء والموطوءة؟
إذا جامع الرجل زوجته في رمضان يفطر الواطىء والموطوءة وتكون الكفارة على الواطىء فقط عند الشافعية وإن تسببت الزوجة بذلك، أما عند الحنفية إن رضيت الزوجة بذلك أو تسببت به فعلى الواطىء والموطوءة كفارة (والكفارة هي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد أو لم يستطع، فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام 60 مسكيناً لكل مسكين مُد من غالب قوت البلد (600 غ).
هل الاستمناء يفطر؟ وما حكم القبلة في رمضان؟
والاستمناء حرام ويفطر بالاتفاق وعليه القضاء ولا كفارة عليه ولو أنزل المني عن مباشرة كقبلة مثلا أفطر وعليه الإمساك والقضاء دون الكفارة.
هذا علماً أن القبلة في رمضان مكروهة كراهة تحريم لمن حركت شهوته، لأن في ذلك تعريضاً لإفساد الصوم والأولى تركها في كل الأحوال، فهي مكروهة كراهة تحريم للشباب ومكروهة كراهة تنزيه للشيوخ، ولو أمذى عن مباشرة كقبلة لا يفطر والمذي هو ماء أبيض رقيق يخرج عند ثوران الشهوة، ولكن من غير تدفق ولا يعقُبُه انكسار شهوة، وهو نجس ناقض للوضوء، ولا يوجب الغسل.