عاد المخرج محمد خان في نهاية السبعينات من لندن التي ذهب إليها لدراسة الهندسة المعمارية لكنه اتجه إلى دراسة السينما ليأتي لنا بعد عدة اعوام بلغة سينمائية جديدة.
وظهرت هذه اللغة عام 1980 من خلال فيلم “ضربة شمس” وهو أول أعماله والتي اسند بطولتها للنجم نور الشريف ليلتقي بعدها مع النجم الاسمر أحمد زكي في فيلمي “موعد على العشاء” و”طائر على الطريق” في العام التالي.
الحريف
وفي فيلمه الرابع “الحريف” الذي كتب هو قصته بنفسه بمعاونة السيناريست بشير الديك، وتدور أحداثه حول شاب فقير يعمل في مصنع للأحذية ولكنه يعشق لعب الكرة “الشراب” في الساحات الشعبية ونظرا لشخصيته الفريدة يتسبب في فقدانه العمل وانفصاله عن زوجته.
أحمد زكي
وطبقا للعديد من تصريحات بعض صنّاع العمل ومنهم السيناريست بشير الديك والمصور سعيد شيمي والمخرج محمد خان نفسه، فقد حدث خلافًا بين البطل والمخرج على شكل “الشخصية” وتحديداً قصة شعر البطل قبل البدء في تصوير فيلم الحريف، فلم يوافق زكي على الانصياع لرؤية المخرج وقص شعره، ما دفع خان لاستبعاده والبحث عن بطل آخر للفيلم عوضا عنه، فرشح له سعيد شيمي النجم عادل إمام، وكان نجم شباك وقتها مشهور بافلامه الكوميدية، ولكن يرغب في الخروج من القالب الكوميدي وتجربة شخصيات اخرى.
فشل فيلم الحريف
بدأ الفيلم بتعليق من النجم أحمد زكي أدّاه بصوته قبل بداية تتر الفيلم الذي لم يحقق نجاحا يذكر في دور العرض!!.. ما تسبب في خلاف حاد بين عادل إمام ومحمد خان، والذين تبادلا مسئولية الفشل!.. فقد حمّل البطل مسئولية فشل الفيلم في دور العرض، في حين حمل عادل امام لخان مسئولية البشر نظرا لأسلوب المخرج الذي كان جديدا على الجمهور الذي لم يتعود على هذه النوعية وهذا الأسلوب.
كان البطل الحقيقي في اغلب أفلام محمد خان، هو “المكان”، وفي فيلم “الحريف” كانت شوارع القاهرة وحواريها الضيقة هي ذلك البطل، وليس الشخصيات.. ومن خلالها غاصت كاميرا محمد خان في أدق تفاصيل الشخصيات، وعمقها النفسي لتقدم تيمة غير مألوفة نجحت فنيا لكنها سقطت أمام ايرادات شباك التذاكر وهو ما لم يكن يرضاه عادل إمام صاحب الجماهيرية الكبيرة، والايرادات العالية!.. محمد خان ينظر للغة السينمائية وغيره ينظر للنجاح التجاري والانتشار.
ندم احمد زكي وعادل إمام
وعلى عكس موقف عادل إمام شعر أحمد زكي بندم شديد على عدم مشاركته في الفيلم حيث كان يرى أنه من أفضل الأفلام التي أخرجها محمد خان، برغم نجاحه لاحقا في فيلم “شادر السمك” للمخرج على عبد الخالق والذي قدمه في نفس الفترة.. وطبقا لما رواه المصور سعيد شيمي في تصريحات تناقلتها العديد من الصحف والبرامج الحوارية. قال شيمي ان الفنان الاسمر “ضرب رأسه في الحائط” ندما على ضياع الفيلم منه بينما ندم عادل إمام على قبوله هذا الفيلم وجعله في حالة خصام مع خان بقية حياته فلم يلتق به في أي عمل بعد ذلك..!
ومن ناحية اخرى نجح عادل إمام في مصالحة جمهوره بأفلام كوميدية لاحقة، بعكس أحمد زكي والذي أثبت بتصرفاته أن ما حدث بينه وبين خان لم يكن اكثر من مجرد أزمة عابرة، سرعان ماتلاشت ليقدما سويًا أفلاماً قوية شكلت علامة في مسيرة السينما مثل “زوجة رجل مهم”، و”أحلام هند وكاميليا”، و”مستر كاراتيه”..
أفضل مائة فيلم
لاحقا أدرك عادل إمام، وكذلك الجمهور والنقاد.. أن “الحريف” كان واحدا من أجمل أفلام “الزعيم” واكثرها عمقا.. وهو فعلا كذلك!.. نال الفيلم ما يستحقه عندما عرض في الفيديو كاسيت والقنوات التليفزيونية واختير ضمن أفضل مائة فيلم في السينما المصرية بحسب رأي النقاد والسينمائيين في استفتاء عام 1996.
اقرأ أيضا:
- المنسي والإرهاب والكباب | قصة الكاتب الراحل وحيد حامد مع عادل إمام.. وهذه زوجته
- أحمد زكي يكشف سر توقفه عن تشجيع كرة القدم وعودته مرة أخرى
فيلم “الحريف” إنتاج عام 1984 شارك في بطولته إلى جانب عادل إمام كل من فردوس عبد الحميد، زيزي مصطفى، عبد الله محمود، نجاح الموجي، حمدي الوزير وآخرون وهو قصة وإخراج محمد خان وسيناريو وحوار بشير الديك وعرض لأول مرة في مثل هذا اليوم 6 أغسطس من عام 1984.