حسم الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، في فتوى رسمية وردت على الموقع الرسمي لـ دار الإفتاء المصرية على شبكة الإنترنت، حملت رقم 4505، صحة قصة ذكر العنكبوت والحمامتين في هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وشكك الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تلك القصة، مستندين إلى بعض الأحاديث التي وردت في كتب الفقه من أنّه حديث ضعيف، إلا أنّ مفتي الجمهورية أكد أنّ قصة نسج العنكبوت على الغار ووقوف الحمامتين عليه وقت الهجرة النبوية الشريفة، وردت في كتب السنة المشرفة والسيرة المطهرة برواياتٍ صحيحةٍ مشهورةٍ مروية من طُرق كثيرة؛ حيث أخرج الإمام أحمد في «مسنده» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوك﴾ [الأنفال: 30] قَالَ: «تَشَاوَرَتْ قُرَيْشٌ لَيْلَةً بِمَكَّةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَصْبَحَ فَأَثْبِتُوهُ بِالْوَثَاقِ، يُرِيدُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلِ اقْتُلُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ أَخْرِجُوهُ، فَأَطْلَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ، فَبَاتَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم حَتَّى لَحِقَ بِالْغَارِ، وَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ يَحْرُسُونَ عَلِيًّا رضي الله عنه يَحْسَبُونَهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فَلَمَّا أَصْبَحُوا ثَارُوا إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَوْا عَلِيًّا رضي الله عنه رَدَّ اللهُ مَكْرَهُمْ فَقَالُوا: أَيْنَ صَاحِبُكَ هَذَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. فَاقْتَصُّوا أَثَرَهُ، فَلَمَّا بَلَغُوا الْجَبَلَ خُلِطَ عَلَيْهِمْ، فَصَعِدُوا فِي الْجَبَلِ فَمَرُّوا بِالْغَارِ، فَرَأَوْا عَلَى بَابِهِ نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ، فَقَالُوا: لَوْ دَخَلَ هَاهُنَا لَمْ يَكُنْ نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ عَلَى بَابِهِ، فَمَكَثَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ».
وأضاف مفتي الجمهورية، أنّ هذه القصة أخرجها عددٌ كبيرٌ من أئمة الحديث؛ كالإمام عبد الرزاق في «مصنفه»، والحافظ أبو بكر المروزي في «مسند أبي بكر الصديق»، والإمام الطحاوي في «شرح مشكل الآثار»، والحافظ الطبراني في «المعجم الكبير»، وذكرها أيضًا الإمام جلال الدين السيوطي في «الدر المنثور»، والملا علي القاري في «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح»، وغيرهم، كما أوردها المؤرخون وأهل السير في أحداث الهجرة النبوية الشريفة من غير نكير، خاصة أنّه قد التزم جماعة منهم الصحة أو القبول فيما يذكرونه.
وتابع المفتي: «صحح جماعات من كبار المحدِّثين هذه القصة، وحسَّنوها؛ منهم الحافظ ابن كثير، والخلاصة أنّ قصة نسج العنكبوت على الغار ووقوف الحمامتين على بابه في حادثة الهجرة الشريفة قصةٌ ثابتةٌ برواياتٍ صحيحةٍ من طرقٍ كثيرةٍ في كتب السنة والسيرة، ولا مطعن على مضامينها بوجه من الوجوه».