تقدّمٌ سريع تُنفّذه حركةُ طالبان في أفغانستان، وتُعلن سيطرتها على مراكز ولاياتٍ جديدة، وتقطع الكهرباء اليوم، عن العاصمة كابول، كما وتغتنم معداتٍ عسكرية أميركية من القوات الأفغانية.
حركة “طالبان” على أبواب العاصمة الأفغانية كابول، وواشنطن ترسل إلى أفغانستان 3000 جندي أميركي لردع الحركة التي غنمت أسلحةً أميركية كانت بحوزةِ القوات الحكومية الأفغانية، ودولٌ أوروبية تُسارع في سحب أفرادها.
سقوط كابول
قالت وزارة الداخلية الأفغانية، الأحد، إن حركة طالبان بدأت في اقتحام العاصمة كابول من جميع الجهات.
وكان مسؤولون قالوا إن حركة طالبان سيطرت على مدينة جلال آباد الرئيسية بشرق أفغانستان اليوم الأحد بدون قتال لتؤمن بذلك الطرق التي تصل البلاد بباكستان.
وقال مسؤول أفغاني في جلال آباد لرويترز: «لا توجد اشتباكات حاليا في جلال آباد لأن الحاكم استسلم لطالبان، فتح المجال أمام مرور طالبان كان السبيل الوحيد لإنقاذ حياة المدنيين».
وأكد مسؤول أمني غربي كذلك سقوط المدينة التي كانت واحدة من بضع مناطق رئيسية مجاورة للعاصمة كابول تسيطر عليها الحكومة.
حتى الليلة الماضية، باتت حركةُ طالبان تُسيطر على 22 ولاية، في حين ندّدت واشنطن بما أسمته “ضعف مقاومة القوّات الحكومية” في صدّ هجومات “طالبان” المتتالية.
لم يتحقق شيء من الأهداف المُعلنة لواشنطن في أفغانستان، وهي: “محاربة الإرهاب”، و”تثبيت الاستقرار”، الأمر الذي يفضي إلى خلاصة أن فشلاً استراتيجياً رافق أميركا وحلفائها في البلاد.
في وقتٍ سابق من يوليو 2021، اختصر الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، المشهد بالقول إنّ “من أتى إلى هنا منذ 20 عاماً بحجة مكافحة التطرف والإرهاب، لم يتمكنوا من القضاء عليهما، بل وازدهر التطرف في أفغانستان خلال وجودهم هنا، وهذا ما أسميه بالفشل”.
وأشار كرزاي إلى أن “القوات الأجنبية فشلت فشلاً ذريعاً في مهمتها، وبدل أن تقتحم قرى ومنازل أفغانية، تقصف الناس وتقتل العائلات”.
وفي يوليو، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال محادثاته مع الرئيس الأفغاني أشرف غني، أنّ “مهمة الناتو في أفغانستان فشلت، وفشل الجميع، بما في ذلك واشنطن”.
سيطرة طالبان
ومع إعلان المتحدّث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، اليوم السبت، سيطرة الحركة على ولاية “غور” التي لا تبعد كثيراً عن العاصمة، يسود الخوف والترقّب بين السكان، وبهذا تكون كابول مُحاصرة فعلياً وآخر موقع للقوّات الحكومية الأفغانية.
ووفقا لمحللين سياسيين “بعد 20 عاماً في أفغانستان فشلت الولايات المتحدة الأميركية ولا سيما في القضاء على حركة طالبان”.
بدوره، قال محرر شؤون الأمن القومي في جريدة “واشنطن تايمز” غاي تايلور، للميادين إنّ “سقوط كابول في يد طالبان سيكون حدثاً كارثياً بالنسبة لواشنطن”.
خلال 20 عاماً أنفقت واشنطن مئات مليارات الدولارات لتدريب الجيش الأفغاني وتجهيزه لكن ذلك لم يمنع هذا الجيش من الانهيار أمام هجوم “طالبان” التي باتت تملك ترسانة هائلة غنمتها من القوات الأفغانية المدعومة أميركياً.
ووفقاً للمفتش العام الأميركي الخاص بإعادة إعمار أفغانستان، فإنّ “الولايات المتحدة أنفقت ما يُقارب من 83 مليار دولار على تجهيز وتدريب قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية منذ عام 2002، بما في ذلك توفير ما يقرب من 10 مليارات دولار في شكل طائرات ومركبات”.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي إن “أميركا لم تتوقع غياب المقاومة لدى القوات الأفغانية لوقف تقدم حركة طالبان على الأرض”، معرباً عن “قلقه بشأن السرعة التي تتحرك بها حركة طالبان في أفغانستان”.
وعلى صعيدٍ متصل، اعتبر الخبير في كلية “اس. راجاراتنام” للدراسات الدولية في سنغافورة رافايلو بانتوتشي، في تصريح لوكالة فرانس برس، أن “التسليح الذي قدّمته واشنطن للقوات الأفغانية، يساعد طالبان في الوصول إلى كابول، ويعزز سلطتهم في المدن التي سيطروا عليها”.
ويوم الجمعة، أمرت سفارة الولايات المتحدة في كابول موظّفيها بإتلاف الوثائق الحسّاسة والرموز الأميركية مع اقتراب عناصر طالبان من العاصمة الأفغانية.
حرب أهلية
فيما قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس، إن “أفغانستان تتجه إلى حرب أهلية، وإن على الغرب أن يتفهم أن طالبان ليست كياناً واحداً، وإنما هي مسمى لعدد كبير من المصالح المتنافسة”، وكذلك كان موقف ألمانيا والدانمارك وإسبانيا.
كما أعلنت هولندا وفنلندا والسويد وإيطاليا وإسبانيا، أمس، خفض وجودها في أفغانستان إلى الحد الأدنى، وفضّلت دول أخرى مثل النرويج والدانمارك إغلاق سفاراتها مؤقتاً.
بينما تخفّض دول أوروبية من وجودها الدبلوماسي في أفغانستان، تسعى دولٌ أخرى إلى تحقيق أهدافٍ سياسية واقتصادية.
الرابح الأكبر
ووفق لمحللين “الصين ستكون الرابح الأكبر لما يجري في أفغانستان خاصّة بالنسبة لمشروع طريق الحرير”، مفيداً أنّه “ليس لأميركا حليف واحد يمكن الاعتماد عليه في أفغانستان”.
باكستان
مرجحين أنّ “أفغانستان ستكون محور صراع بين قوى إقليمية ودولية كبرى”، مضيفاً أنّه “لا يستغرب أن تكون طالبان أقرب إلى حلفاء باكستان في المنطقة كالصين وإيران ضد واشنطن”.
أما تايلور، فقال إنّه “ليس مقتنعاً بأنّ طالبان لن تنخرط في أي نوعٍ من أنواع التفاوض السياسي”، مضيفاً أنّه “لا يعتقد أن الأمور محسومة وأن طالبان ستسيطر على كابول، لذلك يجدر بنا أن ننظر ماذا تخبئ لنا الأيام، ولا سيما بعد العودة السريعة لـ3000 جندي أميركي إلى كابول، وهذه إشارة سريعة بأن الأميركيين لن يسمحوا للعاصمة بأن تسقط بهذه السهولة”، بحسب قوله.
وكان مسؤول دفاعي أميركي أعلن في 11 أغسطس الحالي، أن “مقاتلي حركة طالبان قد يعزلون العاصمة الأفغانية كابول عن بقية أنحاء البلاد خلال 30 يوماً، وربما يسيطرون عليها في غضون 90 يوماً”، وذلك استناداً إلى تقييم للمخابرات الأميركية بحسب ما نقلت وكالة “رويترز”.
ملاذ للإخوان الإرهابيين
بعد القرارات التركية الأخيرة ضد قيادات وعناصر الإخوان المقيمين على أراضيها، ومنع أنشطة الجماعة الإعلامية تمهيدا للتقارب مع مصر، وما تبعه من صدور قرار من إبراهيم منير القائم بعمل مرشد الجماعة، بحل المكتب الإداري للإخوان وحل مجلس الشوري وتأجيل الإنتخابات، عكفت الجماعة على بحث مصيرها ومصير عناصرها وأنشطتها في تركيا.
وعقدت مجموعة محمود حسين، الأمين العام السابق للجماعة، والهارب لتركيا اجتماعات مكثفة للرد على قرارات منير، وبحث ملاذات أخرى آمنة لعناصر الجماعة وقيادتها المطلوبين لمصر، ونقل الإعلاميين ومنصات وفضائيات الجماعة لدول أخرى بعيدا عن تركيا، واستقرت المجموعة بالفعل على نقل بعض الفضائيات للعاصمة البريطانية لندن خاصة أن غالبية تراخيصها صادرة من هناك.
وخلال الاجتماعات طرح أحد القيادات فكرة جديدة خلال سؤال وجهه للمجتمعين وهو: ولماذا لا يتم نقل العناصر الإخوانية إلى أفغانستان خاصة بعد التطورات الأخيرة وانسحاب القوات الأميركية منها وسيطرة طالبان على 85% من أراضيها؟، -قبل سقوط كابول بشكل فعلي اليوم الأحد- إضافة لوجود نفوذ تركي يتمثل في التواجد العسكري وتولي تركيا حماية مطار حامد كرزاي الدولي في العاصمة كابول، وتحملها المزيد من المسؤوليات تحت مظلة حلف الناتو لحين اكتمال انسحاب القوات الأميركية بحلول سبتمبر المقبل.
قيادات الإخوان التي طرحت الفكرة تستند لسابق تقديم الجماعة دعما ماديا وإغاثيا وإنسانيا لطالبان والجهاديين في أفغانستان خلال الحرب ضد السوفييت، فضلا عن وجود فرع للإخوان هناك، مضيفة أن القيادات عرضت الفكرة على إبراهيم منير القائم بعمل المرشد عبر مؤتمر عقد قبل يومين في العاصمة البريطانية لندن، ولم يعارضها، لكنه طلب مزيدا من التشاور مع قيادات التنظيم الدولي، ومسؤولي حركة طالبان، والنظام التركي، خاصة في ظل الخلاف الحالي بين طالبان ونظام أنقرة بسبب ما تصفه الحركة للتواجد التركي في أراضي أفغانستان بالاحتلال.
وكان إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد العام للإخوان، قد قرر حل المكتب الإداري ومجلس الشورى للجماعة في تركيا، مع تأجيل انتخاباته 6 أشهر، بسبب الخطوات التركية بوقف أنشطة الإخوان الإعلامية، وطلبها وقف التحريض ضد مصر ودول الخليج تمهيدا للتقارب مع تلك الدول.
وقررت الجماعة إخراج عناصرها من تركيا والرحيل إلى دول أخرى، على رأسها كندا وبريطانيا وهولندا وماليزيا وعدد من دول البلقان.