ذهَبَ الأمّة إلى أنّ حكم إتيان الزوجة من الخلف فعلٌ مُحرّمٌ ينبغي للمسلم الابتعاد عنه، وفيما يلي تفصيل المسألة من جوانب عدّة.
حكم إتيان الزوجة من الدبر برضاها هل يسقط حكم التحريم
لقد حرّم الإسلام إتيان المرأة من دبرها ولو كان برضاها، وقد اتّفق العلماء على أنّ إتيان الزوجة في دبرها ولو برضاها هو لواط، وقد سمّوه اللواط الأصغر، أو اللوطيّة الصّغرى، ولذا كان حرامًا على الزوجين فعل هذا الأمر، وذهب الشيخ ابن تيمية إلى أنّ الزوجين اللّذَينِ يتّفقان على هذا الأمر يجب أن يُعزّرا، وإن لم يرتدعا فإنّ التفريق بينها واجب.
حكم إتيان الزوجة من الدبر بغير رضاها
إنّ المرأة قد تتعرّض أحيانًا لأن يحاول زوجها أن يأتيها في دبرها من غير رضاها، ففي هذه الحال يجب على المرأة أن تمتنع عن ذلك ولا تطيعه مهما حاول وأصرّ على ذلك، فإن لم يرتدع فإنّه ينبغي لها أن ترفع أمرها إلى القضاء للتفريق بينهما.
إنّ قُبُل المرأة هو موضع الحرث الذي نصّ الشّرع على منع الوطء من مكان آخر سواه، وعليه فقد أجاز الشّرع أن يطأ المرء زوجته من أيّ جهة شاء طالما كان الوطء في القُبُل، وقدر روى محمد بن المنكدر قال: سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللهُ عنْه، قَالَ: “كَانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ: إذَا جَامعهَا مِن ورَائِهَا جَاءَ الوَلَدُ أحْوَلَ، فَنَزَلَتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]”، وعليه فيجوز إتيان المرأة في موضع الحَرث -وهو الفرج- من أيّ جهة شاء، وذلك خلافًا لقول اليهود.
حكم إتيان الزوجة من الدبر مع استعمال الواقي الذكري
قد يظن بعض الأشخاص أنّ علّة تحريم إتيان الزوجة من الخلف هو أنّ الدّبر موضع خروج القذارة، وبالتالي فإن استطاع تجنّب تلك القذارة فلا بأس عليه، كأن يرتدي الرّجل ما يُعرف بالواقي الذكري، ولكنّ هذا الفعل مُحرَّمٌ سواء مع الواقي أو من دونه؛ فعلّة التحريم ليست هي فقط مسّ القذارة، ولكن هنالك عللٌ كثيرة لا يعلمها إلّا الله -تعالى- وحده، فلذلك كان حكم إتيان الزوجة من الخلف محرّمًا بأيّ وسيلة كان
أدلة تحرم إتيان الزوجة من الدبر
لقد ثبُتَ تحريم إتيان المرأة في دبرها عند المذاهب الأربعة؛ فقد قال به مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل، وأمّا الأدلّة على ذلك فهي: قال رسول الله -صلَّى الله عليه سلّم- في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: “إنَّ الَّذي يأتي امرأتَهُ في دبُرِها لا ينظرُ اللهُ إليهِ. وفي لفظٍ لهُ: مَلعونٌ من أتى امرأةً في دُبرِها”. وقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أيضًا فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: “من أتى كاهِنًا فصدَّقَهُ بما يقولُ، أو أتى امرأةً حائضًا، أو أتى امرأةً في دُبُرِها؛ فقد برئَ ممَّا أنزلَ اللهُ على محمَّدٍ”.
وعن خزيمة بن ثابت -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “إنَّ اللهَ لا يستحيي منَ الحقِّ لا تأتوا النِّساءَ في أدبارِهِنَّ”.