شهد اليوم الـ 12 من الحرب الروسية على أوكرانيا تطورات عدة على المستوى العسكري والسياسي.
شروط روسيا
قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن روسيا تطالب أوكرانيا بوقف العمليات العسكرية وتعديل دستورها لتكريس الحياد والاعتراف بأن شبه جزيرة القرم أرض روسية، وكذا الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوجانسك الانفصاليتين.
وأضاف بيسكوف لرويترز إن روسيا أبلغت أوكرانيا بأنها مستعدة لوقف أعمالها العسكرية “في لحظة” إذا استجابت كييف للشروط.
وهذا هو أوضح بيان روسي حتى الآن فيما يتعلق بالشروط التي تريد فرضها على أوكرانيا لوقف ما تسميه “عمليتها العسكرية الخاصة” في أوكرانيا والتي دخلت الآن يومها الثاني عشر.
وأضاف بيسكوف أن أوكرانيا على علم بالشروط، “وقيل لهم إن كل هذا يمكن أن يتوقف في لحظة”.
وحول مسألة الوضع المحايد لأوكرانيا، قال بيسكوف “يجب إجراء تعديلات على الدستور ترفض بموجبها أوكرانيا أي سعي للانضمام لأي تكتل. وهذا ممكن فقط من خلال إجراء تعديلات دستورية”.
وأصر المتحدث باسم الكرملين على أن روسيا لا تسعى لطرح أي مطالب إقليمية أخرى فيما يتعلق بأوكرانيا.
وقال “نحن بالفعل بصدد إتمام عملية نزع السلاح في أوكرانيا. سننجزها. لكن الأمر الأهم هو أن توقف أوكرانيا عملياتها العسكرية. يجب أن يوقفوها، وبعد ذلك لن يطلق أحد النار”.
وأضاف بيسكوف لرويترز “يجب عليهم إجراء تعديلات على دستورهم بحيث ترفض أوكرانيا بموجبها أي مساع للانضمام إلى أي كتلة. لقد تحدثنا أيضا عن الكيفية التي يجب أن يدركوا بها أن شبه جزيرة القرم أرض روسية وأنهم بحاجة إلى الاعتراف بأن دونيتسك ولوجانسك دولتان مستقلتان. هذا كل شيء. سيتوقف (الهجوم الروسي) في لحظة”.
قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، خلال زيارة رسمية لليتوانيا، إن روسيا سعت إلى “تقويض الديمقراطية في ليتوانيا وزرع الاستقطاب من خلال هجمات إلكترونية ومعلومات مضللة”.
وأضاف أن الولايات المتحدة وليتوانيا “متحدتان في عزمنا على الوقوف مع أوكرانيا”، مع وصول الغزو الروسي لها إلى يومه الـ 12.
وقال إن الولايات المتحدة كانت تعزز “الدفاع المشترك”، حتى تكون هي وحلفاؤها مستعدين “لمواجهة أي تهديد” – وكان من بين الخطوات التي اتخذتها في هذا الصدد: إرسال 7000 جندي أمريكي إضافي إلى أوروبا، وإعادة انتشار القوات الأخرى “لتقوية الجناح الشرقي للناتو”.
وجدد بلينكن التأكيد على التزام الولايات المتحدة ، الذي وصفه بـ”المقدس” بالمادة 5 من اتفاق حلف شمال الأطلسي – وهي أن “الهجوم على أي عضو هو هجوم على الجميع” – مشددا على: “الدفاع عن كل شبر من أراضي الناتو”.
وفي غضون ذلك، حث رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إجراء محادثات مباشرة مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بحسب ما نقلته وكالة رويترز عن مصدر حكومي هندي.
وقال المصدر، الذي آثر عدم نشر اسمه: “أطلع الرئيس بوتين رئيس الوزراء مودي على حالة المفاوضات بين الفريقين الأوكراني والروسي”.
فتح ممرات للاجئين الأوكرانيين
وفي روسيا ذكرت وسائل إعلام رسمية الاثنين أن روسيا ستفتح ممرات إنسانية جديدة عبر عدة مدن أوكرانية الاثنين للسماح للمدنيين بالإجلاء.
ويبدأ وقف إطلاق النار من الساعة 10:00 بتوقيت موسكو (07:00 بتوقيت غرينتش)، بحسب ما ذكرته وزارة الدفاع الروسية، مع إنشاء طرق إجلاء في العاصمة كييف، بالإضافة إلى خاركيف، وماريوبول، وسومي. وتخضع كل هذه المدن حاليا لهجوم روسي كبير.
وتظهر الطرق التي نشرتها وكالة أنباء نوفوستي الروسية أن بعض الممرات تنتهي في روسيا وبيلاروسيا.
وأفادت تقارير بأن الممر من كييف سيؤدي إلى بيلاروسيا، حليفة روسيا، ولن يكون للمدنيين من خاركيف سوى ممر يؤدي إلى روسيا.
وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية أن الممرات من مدينتي ماريوبول وسومي ستؤدي إلى مدن أوكرانية أخرى وإلى روسيا.
ماذا قالت أوكرانيا؟
رفضت أوكرانيا الاثنين الاقتراح الروسي، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز للأنباء، بشأن الممرات الإنسانية، واصفة إياه بـ”غير الأخلاقي تماما”، إذ إن موسكو قالت إنها ستسمح للناس بالفرار من المدن الأوكرانية شريطة خروجهم إلى بيلاروسيا أو روسيا.
وقال متحدث باسم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إنه ينبغي السماح للمواطنين الأوكرانيين بمغادرة منازلهم عبر الأراضي الأوكرانية، واتهم روسيا بتعمد إعاقة محاولات الإجلاء السابقة.
وأضاف المتحدث في رسالة مكتوبة “هذا أمر غير أخلاقي تماما. هؤلاء مواطنون من أوكرانيا، يجب أن يكون لهم الحق في الإجلاء إلى أراضي أوكرانيا”.
وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن كل من يرتكب فظائع مع المدنيين الأوكرانيين سيعاقب.
وأضاف أن الأوكرانيين “لن يغفروا أو ينسوا”، واتهم القوات الروسية الغازية بالقتل العمد.
وقال الرئيس، مشيرا إلى الرئيس الروسي بوتين: “لن يكون هناك مكان هادئ على الأرض لك، باستثناء القبر”.
ماذا قالت فرنسا؟
ونفى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، طلبه أن تؤدي هذه الممرات إلى روسيا، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية.
وصرح قصر الإليزيه لمحطة بي إف إم تي في قائلا إن “رئيس الجمهورية لم يطلب ممرات إلى روسيا بعد محادثته مع فلاديمير بوتين”.
ويطالب ماكرون بإصرار بالسماح للسكان المدنيين بالمغادرة والسماح بنقل المساعدات.
وأضاف تصريح الإليزيه أن “هذه طريقة أخرى لبوتين لدفع روايته والقول إن الأوكرانيين هم المعتدون وهم الذين يدفعون الجميع إلى اللجوء”.
وكانت محاولتان لفتح طريق للسماح للمدنيين بالإجلاء من ماريوبول في جنوب شرق البلاد، قد انهارتا خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وقال مسؤولون أوكرانيون إن هذا يرجع إلى أن روسيا واصلت قصف المدينة خلال ساعات وقف إطلاق النار المتفق عليها.
استهداف المدنيين
ويقول مسؤولون أوكرانيون إن روسيا تضرب أهدافا مدنية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المستشفيات ودور الحضانة والمدارس.
لكن روسيا تنفي استهداف المدنيين قائلة إنها تنفذ “عملية عسكرية خاصة” لمواجهة “القوميين” الأوكرانيين و”النازيين الجدد”.
وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، أولها ستيفانيشينا، لبي بي سي إن روسيا شنت بعد “مقاومة شديدة” من الجيش الأوكراني، “عملية هائلة” على المدنيين.
وأضافت أن أسرة مكونة من أربعة أفراد قتلت يوم الأحد وحده عندما أطلقت القوات الروسية قذائف على أشخاص فروا من الصراع في بلدة إيربين، شمال غرب كييف.
تقول منظمة العفو الدولية إنها تحققت من هجمات مختلفة – بما في ذلك الذخائر العنقودية التي أصابت روضة أطفال وحضانة ، وصاروخ باليستي أصاب مستشفى.
تطورات أخرى:
تفيد تقارير بأن القصف الروسي على مدينة ميكولايف الساحلية الجنوبية تجدد.
– قالت منظمة الصحة العالمية إن المنشآت الصحية تتعرض للهجوم ، حيث قال مديرها العام تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنها تسببت في “وفيات وإصابات متعددة”.
– اتهمت الحكومة البريطانية روسيا باستهداف مناطق مأهولة بالسكان “في مواقع متعددة” ، مشيرة في تحديث استخباراتي إلى أنها “استخدمت سابقًا تكتيكات مماثلة في الشيشان عام 1999 وسوريا عام 2016”.
– قال مراقبو الأمم المتحدة إنه تأكد مقتل 364 مدنيا في أوكرانيا منذ بدء الغزو في 24 فبراير، لكن من المرجح أن يكون الرقم الحقيقي “أعلى بكثير”.
– قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من 1.5 مليون شخص فروا من أوكرانيا منذ الغزو الروسي.
– حذر مسؤولون في أوكرانيا من أن روسيا تحشد قواتها لشن هجوم واسع على العاصمة كييف. وأفاد بيان صادر عن الجيش الأوكراني بأن الدبابات الروسية وقوات من المشاة تتقدم في مناطق قريبة من العاصمة استعدادا للهجوم.
مأساة إنسانية
وقال حرس الحدود في بولندا إن أكثر من مليون شخص عبروا الآن الحدود من أوكرانيا، منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير الماضي.
وكتبت خدمة حرس الحدود على تويتر: “اليوم (الأحد) بحلول الساعة 8:00 مساء (1900 بتوقيت غرينتش) تجاوز عدد الأشخاص الذين عبروا من أوكرانيا إلى بولندا المليون. وهذا يمثل مليون مأساة إنسانية.”
ووفقًا للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فر أكثر من 1.5 مليون شخص من أوكرانيا في غضون 10 أيام فقط.
ووصف المفوض السامي للوكالة، فيليبو غراندي، الوضع بأنه أزمة اللاجئين الأسرع نموًا في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.