تحل اليوم ذكرى حادث دنشواي الذي وقع في مثل هذا اليوم 13 يونيو 1906 والذي تعود تفاصيله بعد أن خرج بعض الضباط الإنجليز لصيد الحمام بالقرب من “دنشواي”، إحدي قرى المنوفية، حيث حذرهم الأهالي من اقتراب البارود من أجران القمح حتى لا تحدث حرائق كبيرة، لكن الضباط الإنجليز لم يعبئوا، وحدث أن أخطأت إحدي طلقات البنادق فأصابت إمرأة وقتلتها ، مما أثار غضب الأهالي من الضباط الانجليز، فطاردوهم، حتي أصيب أحد الإنجليز بضربة شمس ومات.
واستغلت الإدارة البريطانية تلك الحادثة لإظهار قسوة شديدة لترهب الحركة الوطنية الصاعدة، فأحالت 52 فلاحاً للمحاكمة و انتهت المحاكمة إلي الحكم بإعدام أربعة مصريين شنقا ومعاقبة 12 بالأشغال الشاقة المؤبدة وجلد خمسة.
وترأس هذه المحكمة الظالمة – بخلاف القضاة الإنجليز – مصريان هما القاضي بطرس غالي والقاضي أحمد فتحي زغلول “شقيق سعد زغلول”، و كان ظلم جائر وتجنٍ واضح على المصريين وقد اعتبرتهم المحكمة جناة مع أن جنود الاحتلال الإنجليزي هم الذين اقتحموا أحد الأجران وهم من بدؤوا ضرب النار على الأهالي.
ويقول مدعي النيابة “إبراهيم الهلباوي” ضمن مذكرة إثبات التهمة على المصريين ما يلي : “هؤلاء السفلة ، وأدنياء النفوس من أهالى دنشواي ، قابلوا الأخلاق الكريمة للضباط الإنجليز بالعصى والنبابيت وأساءوا ظن المحتلين بالمصريين بعد أن مضى على الإنجليز بيننا خمسة وعشرون عاما، ونحن معهم فى إخلاص واستقامة”.
وندد الزعيم “مصطفي كامل” بالحادثة وبالاحتلال الانجليزي في كل من مصر و أوروبا، فقامت إنجلترا بسحب “اللورد كرومر” في أبريل 1907م وعينت “جرورست” معتمداً بريطانياً خلفاً له في مصر.
وهاجمت صحيفة اللواء التي أنشأها “مصطفي كامل” رئيس الوزراء المصري “بطرس باشا غالي” لموالاته للإنجليز وإصداره احكام بالإعدام والجلد في حادثة دنشواي ، مما أثار الرأي العام المصري ضد “غالي” ، إلى ان قام شابا وطنيا يدعى “إبراهيم الورداني” باغتيال “بطرس غالي” عام 1910 أثناء خروجه من مقر رئاسة الوزراء.
وتم القبض على الورداني وكانت المفارقة أن مدعي النيابة بمحاكمة دنشواي “إبراهيم الهلباوي” هو نفسه الذي دافع عن “الورداني”، وأعلن توبته علنا، وقال فيما قاله عند الدفاع عنه :”جئت نادما أستغفر مواطنينا عما وقعت فيه من أخطاء شنيعة، اللهم إنى استغفرك وأستغفر مواطنينا ” ..
وتم الحكم على الورداني بالإعدام وتعتبر حادثة اغتيال “بطرس غالي” هي ثاني حادثة اغتيال سياسي في تاريخ مصر الحديث بعد اغتيال “كليبر”.