نقلت وكالة رويترز عن مسؤليين داخل حماس أن الحركة قررت استئناف علاقاتها مع النظام السوري بعد عشر سنوات من مقاطعة قيادتها دمشق بسبب معارضتها لحملة الرئيس السوري بشار الأسد ضد انتفاضة 2011. وقال مسؤول بالحركة طلب عدم الكشف عن هويته لرويترز إن “الطرفين عقدا لقاءات على مستويات قيادية عليا لتحقيق ذلك”. وقال مسؤولان بالحركة إن حماس “اتخذت قرارا بالإجماع لإعادة العلاقة مع سوريا”.
وأيد قادة حماس علناً الانتفاضة التي استهدفت الإطاحة بحكم أسرة الأسد وغادروا مقارهم في دمشق. وأثار ذلك غضب إيران حليفهما المشترك. لكن بعد أن استؤنفت العلاقات بين حماس وإيران وأشاد مسؤولون من حماس بالجمهورية الإسلامية لمساعدتها بالسلاح والمال تهريباً والتي يستخدمونها ضد إسرائيل.
علاقة حماس مع نظام الأسد
العلاقات بين حركة حماس ونظام الأسد تدهورت نهاية العام 2011، إذ اتخذت الحركة موقفاً محايداً بعد اندلاع الثورة السورية، ثم شعرت أن وجودها في سوريا سيكون له ثمن سياسي، ولذلك، غادرت الأراضي السورية في أوائل العام 2012، في حين اتهم رئيس النظام، بشار الأسد، الحركة بدعم المعارضة السورية والقتال إلى جانبها.من ثم أعلنت الحركة دعمها للثوار السوريين ومعارضتها لبقاء نظام الأسد .ظلت القطيعة بين حماس والنظام السوري مستمرة مع وجود قنوات اتصال مشتركة متمثلة في النظام الإيراني ومن خلفه حزب الله اللبناني .
حماس وصراع الأجنحة
بعد هزيمة رئيس المكتب السياسي لحماس السابق خالد مشعل وصعود إسماعيل هنية مكانه هو الذي مهد لعودة حماس إلى حلف إيران وحزب الله. صعود هنية إلى قيادة حركة حماس ممثلاً للجناح الذي يرى التقرب من إيران وحتمية العودة إلى البيت الإيراني كشرطاً للحصول على الدعم المالي والمساعدة على تهريب الأسلحة إلى غزة .
منذ تولي هنية رئاسة المكتب السياسي لحماس حرص على تعديل خطاب الحركة والاقتراب أكثر من إيران وسوريا، والتبرّؤ من المرحلة السابقة التي كشفت فيها الحركة عن وجهها الإخواني الذي يمس أحد حلفاء طهران. وفي يونيو 2018، قال هنية إن ما نسب إليه من كلام حول “دعم الثورة السورية، غير دقيق”، وإن حماس “لم تكن يوما في حالة عداء مع النظام السوري”.
العودة القسرية للنظام السوري
ينظر إلى هذه العودة على أنها انتصار للخط الإيراني داخل حماس نفسها، حيث عارضت كتائب القسام الجناح العسكري للحركة وقيادات أخرى داخل الحركة، مسار مشعل في القطيعة مع إيران وحزب الله، كما تؤكد نجاح إيران في الضغط على الحركة عبر التحكم في درجة التمويل وكميات الأسلحة لإجبارها على العودة إلى أحضانها وتنفيذ أجندة إيران في غزة كما يفعل حزب الله في لبنان في مشاغبة إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة للتأثير على مفاوضات الملف النووي وقضية العقوبات.
رغم ما بدا ظاهرياً أنها قطيعة بين إيران وحماس التي نجمت عن عدم بقاء الحركة لدعم الأسد، كان هناك تيار داخلها لديه “خط ساخن ومباشر” مع طهران لم ينقطع منذ عام 2012.وخير دليل على ذلك، تأكيد رئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة يحيى السنوار، في أغسطس/آب 2017، أن إيران هي “الداعم الأكبر للسلاح والمال والتدريب لكتائب القسام”. وفي لقاء لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، مع وكالة سبوتنيك الروسية في 11 يونيو 2018، أجاب على سؤال الوكالة حول مسؤوليته عن تدمير العلاقات مع نظام الأسد. وقال هنية وقتها: “نحن وقفنا إلى جانب الشعب السوري، ولكن لم نكن يوما في حالة عداء مع النظام السوري، وأن ما يجرى في سوريا تجاوز الفتنة إلى تصفية حسابات دولية وإقليمية”.
وفي ظل ذلك، جاءت لحظة حاسمة ومفصلية، بلم شمل حركة حماس مع إيران مجددا في 7 يوليو 2019، حينما زار وفد من الحركة برئاسة صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس والتقى بالمرشد الإيراني علي خامنئي. كما أن حماس بوصفها حليفا مشتركا إلى جانب النظام السوري مع إيران، مهدت كثيرا ولو إعلاميا لعودة العلاقات مع الأسد إلى سابق عهدها، وذلك على لسان أبرز قادتها. لعل أبرزها، رثاء رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، لقائد “فيلق القدس” السابق في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي قتل بضربة أميركية قرب مطار بغداد في يناير/ كانون الثاني 2020.
البراغماتية التي تتعامل بها حماس وفق لمصالحها ومصالح قادتها، فعودة علاقات حماس – وهي التي لم تنفك عن حلف إيران- بالنظام القاتل في سوريا ، ويذكر أن النظام السوري اعتقل وهجّر آلاف الفلسطينيين، كما دمر مخيمات، لا سيما مخيم اليرموك ولم يسمح لسكّانها بالعودة إليها. فحماس تعاونت مع نظام الأسد وقدمته نظاما مقاوما وقفزت على تدميره لمخيم اليرموك وتهجير الفلسطينيين منه، وما ارتكب بحقهم من مجازر على الرغم من ارتكاب النظام السوري مجازر بحق الفلسطينيين في تل الزعتر عام 1976 ومحاصرة مخيمات بيروت .رغم كل هذا تعد هذه الخطوة من قبل حركة حماس من باب إضفاء شرعية على جرائم هذا النظام الطائفي . وبإعادة العلاقات بين حماس والأسد تريد إيران إيصال رسالة للإسرائيليين وللدول العربية، بإمكانية تضررهم من أي عمل غير محسوب ضدها، وخاصة إسرائيل.