الأربعاء.. إسدال الستار على قضية قاتل طالبة المنصورة نيرة أشرف

السلايدر, حوادث , Comments Disabled

حين أطل المستشار “بهاء الدين المري” رئيس محكمة جنايات المنصورة من فوق منصة العدالة، ليطلق رسائل المحكمة، مستبقًا الحكم بإحالة أوراق الطالب المتهم “محمد عادل” إلى فضيلة المفتي، تمهيدًا لصدور الحكم بإعدامه في جلسة تحدد موعدها الأربعاء المقبل، السادس من يوليو، في قضية شغلت الرأي العام منذ وقوعها في العشرين من شهر يونيو الماضي، وحتي الحكم المقرر الأربعاء المقبل، وفي فترة لم تتجاوز الأسبوعين، إنما أراد من وراء ذلك أن ينبه المجتمع، لعله يتعظ مما جري، ويجري على أرض الكنانة، ليستفيق من سباته، ويستعيد عافيته، لمواجهة ما يتعرض له من غزوات شاردة، أثرت ولاشك على بنيانه.

هزَّ المستشار بهاء الدين المري، قاعة المحكمة بكلمات من ذهب وجهها لقاتل “نيرة أشرف” حين قال للقاتل: “جئت بفعل خسيس هز أرضًا أسرت لويس، أهرقت دمًا طاهرًا بطعنات غدر جريئة، ذبحت الإنسانية كلها يوم أن ذبحت ضحية بريئة”.

وأضاف المستشار بهاء الدين المري، موجها رسائله للمجتمع: “أعيدوا النشء الملتوي إلى حظيرة الإنسانية، علموهم أن الحب قرين السلام، قرين السكينة والأمان، لا يجتمع أبدًا بالقتل وسفك الدماء، إن الحب ريح من الجنة، وليس وهجًا من الجحيم”.

رسائل المحكمة.. بين الماضي.. والحاضر
ما نطق به رئيس المحكمة ليس مجرد حكم لردع متهم، ولكنه “وثيقة” على المجتمع أن يَنْكَب على دراستها، وتفحصها جيدا، ليدرك ما فيها، ويعمل على إصلاح الخلل الكبير في المجتمع، إذ يكفي ما حدث أمام “بوابة توشكي” خارج جامعة المنصورة، في العشرين من يونيو الماضي، حين استل الطالب القاتل “محمد عادل” سكينا من بين طيات ملابسه، راح يغرسها في صدر الطالبة” نيرة أشرف”، ويذبحها، دون أن يحرك ذلك ساكنا لنحو خمسة عشر طالبا ومواطنا، كانوا في محيط ارتكاب الجريمة، وعلى مقربة من القاتل، الذي لو ألقي أحدهم عليه “حجرا” لحال بينه وبين ذبح فتاة بريئة، ولكن الجميع “جبنوا” وتقهقروا للخلف، تاركين المجرم يجهز على فريسته، في عز الظهر، وفي وضح النهار، وأمام العيون كافة، في مشهد، يكشف الفارق بين ماجرى مع الفتاة “نيرة” وبين ما جري مع “فتاة العتبة” التي تعرضت للتعدي عليها في العام 1986، غير أن شهامة “أولاد البلد” أغاثتها من أيدي المعتدين.. فما أبعد المسافة، بين ما كان منذ نحو الستة وثلاثين عاما، وما يحدث في مجتمعنا اليوم.

نطق القاضي، بما انتهـت إليه المداولة، ليقول بكلمات بليغة:

“دنيا مقـبلة بزخارفها، وإنسان متكالب على مفاتنها.

مادية سيطرت، فاستلبت العقول وصار الإنسان آلة.

يــقين غاب، وباطل بالـزيف يحيا، وتــفاهات بالجهر تتــواتــر.

وبيت غاب لسبب أو لآخر.

والمؤنسات الغاليات صرن فى نظر الموتورين سلعة، والقوارير فـواخــير.

ونــفـس تــدثــرت بــرداء حــب زائف مكذوب، تأثرت بثقافة عـصر اختـلطت فيه المفاهيم.

الـرغبة صارت حبا، والقتل لأجله انتصارا، والانتقام شجاعة، والجرأة على قـيم المجتمع وفحش القـول والعلاقات المحـرمة، تسمى حـرية مكفولة.

ومن هذا الرحم ولد جنينا مشوها.

وقـود الأمة صار حطبها.

بات النشء ضحية قــدوة مشوهة، وثقافات، مسموعة ومرئية ومقروءة، هذا هو حالها.

ومن فــرط شــيوعــه، واعتباره من قبل كثيرين كشفا لواقع، زيـن لهم فـرأوه حسنا، فكان جـرم اليوم له نتاجا.

أفــتــذهب أنـفسنا عليهم حسـرات؟!

إن هذا الخـلل، إن لم نأخذ على أيدى الموتورين ومروجيه، استفحـل ضرره، وعـز اتقاء شـره، واتسع الـرتق على الـراتق.

لكل ما تقدم، تطلـق المحكمة صيحة:

يا كل فـئات المجتمع لابـد من وقفـة.

يا كل من يقـدر على فعل شيء هلموا.

اعقدوا محكمة صلح كبرى بين قـوى الإنسان المتابينة، لننـمى فيه أجـمل ما فيه.

أعيدوا النشء الملتوى إلى حظيرة الإنسانية.

علموهم أن الحب قـرين السلام، قـرين السكينة والأمان، لا يجتمع أبدا بالقتل وسفك الدماء.

إن الحب ريح من الجنة، وليس وهجًا من الجحيم.

لا تشوهوا القــدوة فى معناها فـتنحل الأخلاق.

عظموها تنهض الأمة.

هكذا يكون التناول، بالتربية، بالموعظة الحسنة، بالثقافة، بالفـنون، بمنهج تكون الوسطية وسيلته، والتسامح صفته، والـرشد غايته.

رسالة إلى الآباء والأمهات:

لا تضيعوا من تعــولون.

صاحبوهم، ناقـشوهم، غوصوا فى تفكيرهم.

لا تتركوهم لأوهامهم. اغــرســوا فيهم القـيم.

رسائل إلى القاتل:

جـئت بفعل خسيس هــز أرضا طيبة أسرت لويس.

أهــرقت دما طاهرا بطعـنات غـدر جـريئة.

ذبحت الإنسانية كلها، يوم أن ذبحت ضحية بريئة.

إن مثـلك كمثل نـبت سام فى أرض طيبة.

كلما عاجـلـه القطع قبل أن يمتـد، كان خيرا للناس وللأرض التى نـبت فيها”.

وبعد أن فرغ من توجيه رسائل المحكمة للمجتمع، نطق القاضي بالحكم الذي كان الرأي العام وأسرة الضحية يترقبون صدوره.

قالت المحكمة: “بعد مطالعة الأوراق، وسماع المرافعة الشفوية والمداولة، فقد اطمأن وجدان المحكمة تمام الاطمئنان، وبالإجماع، إلى إعمال نص الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية.

وقررت المحكمة، إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية، لأخذ الرأى فى إنزال عقوبة الإعدام بالمتهم، وحددت للنطق بالحكم جلسة يوم الأربعاء الموافق السادس من شهر يولية 2022″.

قراءة المزيد

بحث

ADS

تابعنا

ADS