فيلم البريء في الذكرى الـ 36 لعرضه الأول | مبلط محارة يضرب أحمد زكي بالقلم.. والحكومة تتنتفض لتغيير النهاية

السلايدر, فن , Comments Disabled

رغم تعدد الأفلام المهمة للغاية في مسيرة عاطف الطيب؛ يبقى لفيلم “البريء” الذي عرض للمرة الأولى في 11 أغسطس 1986 مكانة خاصة، من ﺗﺄﻟﻴﻒ السيناريست الكبير الراحل وحيد حامد، مع النجوم: أحمد زكي، محمود عبدالعزيز، ممدوح عبدالعليم، إلهام شاهين، صلاح قابيل، جميل راتب، حسن حسني، ناهد سمير، وأحمد راتب وغيرهم.

نهاية فيلم البريء

ولظروف أمنية، تم منع النهاية الأصلية للفيلم والتي يقوم فيها “أحمد سبع الليل” بقتل جميع الموجودين في المعسكر قبل أن يموت هو بيد زميل له، وتبلغ مدة المشهد الختامي المحذوف من النسخة الأصلية للفيلم حوالي ست دقائق، وتم حذف النهاية الأصلية للفيلم بعد تشكيل لجنة رقابية مكونة من وزير الدفاع أبو غزالة ووزير الداخلية أحمد رشدي ووزير الثقافة أحمد عبدالمقصود هيكل.
تحدث عن ذلك، وحيد حامد في ديسمبر 2015، خلال لقاء له مع الكاتب الصحفي والإعلامي مجدي الجلاد، في برنامجه “لازم نفهم” عبر شاشة extra cbc، وخلال اللقاء كشف أن جهات سيادية تدخلت لتغيير نهاية فيلم “البريء”، وقال: “فيلم البريء حتى هذه اللحظة يُعرض في القنوات الفضائية بدون نهايته الحقيقية، نهاية فيلم (البريء) اتغيرت لأن أحد المثقفين الكبار بعد ما شاف الفيلم في العرض الخاص، وقف وقال بأعلى صوته: ده كل عسكري أمن مركزي في إيده بندقية يحصل إيه لما يضربها في القائد بتاعه! خلصت الحكاية كده، حُذفت نهاية الفيلم وحصل حاجة كبيرة جدا وكانت قضية كبيرة، وجه 3 وزراء، وزير الدفاع المرحوم محمد عبدالحليم أبو غزالة، وزير الداخلية المرحوم أحمد رشدي، مع وزير الثقافة، وشافوا الفيلم، رغم أن الفيلم مفيش فيه حاجة والنهاية مفيش فيها حاجة”.

 

https://youtu.be/dsuspSSwcj4

واستوحى الكاتب وحيد حامد قصة الفيلم من واقعة حقيقية حدثت له خلال انتفاضة 18 و19 يناير، حينما تلقى ضربة عنيفة من أحد عساكر الأمن المركزي، فوجد عسكري آخر خلال الفض كان يعرفه منذ النشأة في قرية بني قريش بمركز مينا القمح في محافظة الشرقية، حسبما كشف “حامد” في أخر لقاء له قبل وفاته مع قناة “الشرق” الإخبارية.

وخلال اللقاء أيضا، كشف “حامد” كواليس تراجع أحمد زكي عن إنتاج فيلم “البريء”، بالتزامن مع تأسيسه شركة إنتاج فني، موضحًا: “أحمد زكي طلب إن أول فيلم تنتجه شركته يكون من تأليفي، وبالفعل كتبت له فيلم البريء، لكنه قال لي مش ده الفيلم اللي يكون باكورة إنتاج الشركة، كونه فيلمًا سياسيًا، وكان من الأفضل أن يكون رقم 3 في إنتاجات الشركة”، موضحًا أن المنتج صفوت غطاس تحمس لإنتاجه بمشاركة الفنانة سميرة أحمد.

ويحتل “البريء” المركز رقم 28 في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.

أجر أحمد زكي في فيلم البريء

كشف المنتج صفوت غطاس كواليس فيلم “البريء” واحد من أهم أفلام السينما المصرية.
وقال صفوت غطاس في لقاء ببرنامج “صباح الورد” عبر قناة Ten، إن الفيلم كانت ميزانيته ضخمة مقارنة بكل الأفلام الموجودة في السوق، وتكلف الفيلم 400 ألف جينه، ووقتها كان أعظم فيلم تكلفته 100 ألف جنيه.

https://youtu.be/ND_qrsvhDfE.

وعن أجور الفنانين قال إن الفنان محمود عبد العزيز حصل على 26 ألف جنيه، فيما حصل الفنان أحمد زكي على 25 ألف جنيه، والمخرج عاطف الطيب 11 ألف جنيه.
وأوضح أن هذه كانت أجور الفنانين في هذه الفترة.

مبيض المحارة الذي ضرب أحمد زكي

وكشف الكاتب الصحفي عباس السكري تفاصيل ضرب أحمد زكي بالقلم في فيلم البريء قائلا:

المكان: سجن وادى النطرون .. الزمان: 1986 .. كان الجو عاصفا، والشمس تضرب تلك الوجوه التى اصطفت فى صحراء السجن مرتدية ملابس السجناء والمعتقلين.. بعضهم معروف، وكثير منهم لا نعرفه “كومبارسات”.. وأمام هذا الجمع الغفير يمر المخرج عاطف الطيب ليعطى شارة البدء استعدادا لتصوير أحد المشاهد المهمة فى فيلمه الشهير “البرىء” تأليف الكاتب الكبير وحيد حامد، وبطولة النجم الراحل أحمد زكى.
بعد أن استعد المخرج للمشهد الذى يتضمن صفع النجم أحمد زكى بـ”القلم” على وجهه من قبل أحد العساكر، أثناء تصوير مشاهد السجن، أتى عاطف الطيب بكومبارس يدعى علاء من منطقة الشرابية وكان ضمن المجاميع (يعمل مبلط محارة)، وقال له اضرب أحمد زكى بـ”القلم” فارتعد علاء خوفا من النجم، وقال له: “يا أستاذ عاطف مقدرش”، فرد أحمد زكى: “اضرب يا علاء”، فصفعه على وجهه، فغضب المخرج عاطف الطيب وقال له: “إنت عسكرى أمن مركزى لما أقولك اضربه بالقلم يعنى لازم يكون قلم بجد مش بخوف”، وكذلك النجم الأسمر نهره قائلا: “أنا بقولك اضربنى قلم بجد يا علاء”، وتم إعادة المشهد، وقام الكومبارس الذى يجسد دور عسكرى أمن مركزى بصفع أحمد زكى بـ”القلم” على وجهه، فسقط النجم أرضا من شدة القلم.
بعدها قال المخرج عاطف الطيب مازحا مع أحمد زكى :”عسكرى الأمن المركزى ما ينفعش يقع لما يضرب بالقلم يا سبع الليل”، وتم إعادة المشهد مرة أخرى.

فيلم البريء .. النسخة الكاملة

ووافق وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني في عام 2005، على عرض النسخة الكاملة لفيلم البريء من دون حذف للمرة الأولى على شاشة السينما، بعد 19 عاماً من إنتاجه.
وكان الفيلم قد واجه اعتراضات رقابية، وشاهده وزراء الداخلية والدفاع والثقافة في عام 1986, وطالبوا بحذف عدد من مشاهده وتغيير نهايته. تم عرض الفيلم كاملاً وبدون تقطيع أو رقابة في أبريل 2005 في مهرجان السينما القومي تكريماً للفنان الراحل أحمد زكي.
ومن المعروف أن الفيلم اختصرت منه بعض الجمل في مشاهده المختلفة، كما حذف مشهد النهاية من قبل لجنة رقابة شكلها مجلس الوزراء من 3 وزراء: وزير الدفاع السابق المشير عبد الحليم أبو غزالة ووزير الداخلية السابق أحمد رشدي ووزير الثقافة السابق أحمد عبد المقصود هيكل في عام 1986 قررت حذف المشهد بحجة أن الزمن لا يتناسب مع عرضه. يحتوي الفيلم على أغنيتين بصوت الموسيقار المبدع عمار الشريعي، ومن كلمات الشاعر عبد الرحمن الأبنودي. اعتبر البعض هاتين الأغنيتين قمة في الإبداع ومعبرتين جداً عن مضمون الفيلم.

قصة فيلم البريء

الشخصية الرئيسية في الفيلم هو أحمد سبع الليل (أحمد زكي), الشاب الريفي الفقير الذي يعيش مع أمه وأخوه عبد الصبور المتخلف عقليًّاً. لا يعرف أحمد سبع الليل من الدنيا إلا قريته حيث لم تمكنه ظروفه الاقتصادية من التعليم. مفهومه للوطن مفهوم بسيط فالبلد بالنسبة له هي الحقل الذي يزرعه بنفسه والترعة التي يقذف بجسده فيها ليقاوم حرارة الصيف، والأعداء هم من يمكن أن يراهم رؤيا العين وجهاً لوجه، حيث يتوقف استيعابه الذهني عند ذلك الحد، والترفيه الوحيد الذي يمارسه بعد عناء يوم شاق هو محل البقالة الوحيد الذي يتجمع عنده بعض شبان القرية لقضاء الوقت بالحديث أو بالتسلي بالسخرية من السذج أمثال أحمد سبع الليل. الشاب الجامعي الوحيد في القرية, حسين وهدان (ممدوح عبد العليم) متعاطف مع أحمد سبع الليل ويمنع الشباب الآخرين من التمادي في السخرية من سذاجته، ويقوم بتشجيعه على تجنيد نفسه في القوات المسلحة للدفاع عن البلد ضد الأعداء.

عندما يتم استدعاء أحمد سبع الليل للتجنيد الإجباري ولأنه لا يعرف ما معنى التجنيد أو إلى اين يذهب يقوم حسين وهدان بتوضيح معنى التجنيد لأحمد سبع الليل فيقول إن الجيش يحمي البلد من أعداء الوطن، وهنا يرد أحمد وقد فهم أن المقصود قريته بس بلدنا ما لهاش أعداء وهذه الجملة هي مفتاح أحداث الفيلم وافتتاحية الفيلم نصًّا وإخراجًا وتصويرًا. يتضح فيما بعد أن المطلوبين لأداء الخدمة العسكرية يخضعون لبرنامج مكثف من الفحص الطبي، بالإضافة إلى تصنيفهم تصنيفاً ثقافياً وعلمياً، فيصبح أحمد سبع الليل الأمي الذي يجهل القراءة والكتابة، في ذيل القائمة وينتهي الأمر به إلى الانخراط ضمن قوات حراسة أحد المعتقلات الخاصة بالمسجونين السياسيين في منطقة صحراوية معزولة، وهناك يتم تدريبه على إطاعة الأوامر بأسلوب الطاعة العمياء التي تتطلب تنفيذ الأوامر بدون أية مناقشة حتى ولو كانت منافية للمنطق.

في المعتقل نرى العقيد توفيق شركس (محمود عبد العزيز) وهو نمط الضباط الذي يعيش حياة مزدوجة بين حياته الخاصة حيث يبدو في غاية اللطف والرقة، وبين حياته العملية حيث يمارس أبشع وسائل التعذيب بعنف ووحشية، فنرى الازدواجية في شخصية العقيد عندما يشارك طفلته في اختيار هدية عيد الميلاد فإنه يرفض أن يبتاع لها لعبة على شكل عسكر وحرامية وإنما يختار لها آلة موسيقية رقيقة هي الجيتار، بل إنه لا يتعامل بغلظة مع شرطي المرور الذي يعنفه لوقوفه بسيارته في الممنوع. في مقابل ذلك يتحول توفيق شركس إلى وحش بشري في معسكر الاعتقال، لا يخضع لأي وازع إلا إرضاء الرؤساء الذين يكلفونه بواجبات منصبه، فيبالغ في التنكيل بنزلاء المعتقل. يرى أحمد سبع الليل أن المعتقلين يجبرون على تناول الخبز من الأرض وأيديهم خلف ظهورهم، فيسأل لماذا؟ فيقول له الشاويش هؤلاء أعداء الوطن.

من بين المعتقلين نرى الكاتب رشاد عويس (صلاح قابيل) وأستاذ الجيولوجيا (جميل راتب). ولسذاجة أحمد وبساطته فأنه يعترض على أن يقدم الجيش الطعام لأعداء الوطن ويقوم بحراستهم بكل يقظة والعمل على إجهاض أية محاولة من أحدهم للخروج عن نظام المعتقل، ولا يتأثر على الإطلاق بسوء المعاملة وقسوتها، التي يبديها قائد المعسكر العقيد توفيق شركس وضباطه للمسجونين؛ إلى حد الإهانات الجارحة والتعذيب البدني المبرح، بل إن أحمد سبع الليل يرى أنه من المفروض قتل هؤلاء الأعداء لكى يعود كل عسكري لغيطه وداره. تمر أحداث الفيلم سريعاً بعد ذلك وتعكس صورة لواقع مرير من تزييف الحقائق حينما يتبدل حال السجن فور ورود معلومات بوجود لجنة تفتيش لتقييم السجن، فيعامل المساجين معاملة طيبة وتفتح لهم مكتبة وملاعب كرة قدم، وما إن تنتهي اللجنة من عملها وتغادر المعتقل حتى تعود الأمور لحالها السيء في البداية.

يستعمل المخرج الناي كرمز للعائق الوحيد من تحويل الإنسان إلى آلة.. فأحمد سبع الليل يعشق الناي، وعندما يعزف أحمد على الناي في موقع حراسته يأمره الشاويش بإلقاء الناي، ونرى الناي، وهو يسقط من برج الحراسة إلى الأرض وتنتهي الحركة الأولى من الفيلم، وتبدأ الحركة الثانية بالغناء الجماعي للمعتقلين من تأليف الشاعر عبد الرحمن الأبنودي دون موسيقى ولا آلات أغني بدموعي لضحكة الأوطان. يبدأ في الجزء الثاني من الحبكة محاولة الكاتب رشاد عويس (صلاح قابيل) الهرب، ولأن الحارس الساذج أحمد يؤمن فعلا بأن المعتقلين أعداء الوطن، يقوم بمطاردته حتى آخر نفس، لتنتهي المطاردة بمعركة بين الجندي الشاب والكاتب المعتقل يزهق فيها الفتى روح الرجل خنقاً وسط هتاف المعتقلين إنت مش فاهم حاجة، وهو يعتقد أنه يطهر الوطن من مثل هذا العدو، وتكون مكافأته إجازة يذهب فيها إلى قريته وترقيته إلى رتبة العريف تقديراً لشجاعته وبطولته.

تأتي قمة الإثارة في الفيلم حينما يأتي مجموعة من طلاب الجامعة للتأديب في المعتقل لتعبيرهم عن رأيهم ويستعد أحمد بالعصا في يده لتأديب أعداء الوطن، ولكن المفاجأة أن أحد الطلاب هو ابن قريته حسين وهدان (ممدوح عبد العليم) الذي يحبه أحمد حباً كبيراً، وتعلم على يديه العديد من أمور الحياة وواجبه تجاه الجندية، وهنا يعصي أحمد الأوامر ويمتنع عن ضرب ابن قريته، بل ويدافع عنه ويصرخ وهو يحميه بجسده ويتلقى السياط عنه ده حسين أفندي ابن الحاج وهدان، أنا عارفه، ده لا يمكن يكون من أعداء الوطن. وهنا تبدأ الحركة الأخيرة من هذا العمل السينمائي، وفيها يعاني أحمد لحظة التنوير عندما يدرك أنه لا يحارب أعداء الوطن، ويسجن مع حسين، ويموت حسين بين ذراعي صديقه متأثرًا بلدغة ثعبان، ويعود أحمد إلى عمله وعيناه تقولان إنه قرر أمرًا، ولكن أحدًا لا يستطيع التنبؤ به. ومرة ثانية يغني المعتقلون أغنية حزينة عن تبديل الحقيقة، وقلب المعاني. ويعزف أحمد على الناي القديم الذي صنعه بيديه، ومن موقعه في برج الحراسة، الناي في يد، والرشاش في اليد الأخرى، يرى السيارات قادمة تحمل المزيد من المعتقلين، فيرفع الرشاش ويصرخ صرخة مدوية ينتهي معها الفيلم كما عرض على الجمهور، ولكن الفيلم في نسخته الأصلية يتضمن خاتمة يطلق فيها أحمد الرصاص على الضباط والجنود، ويلقى مصرعه بدوره على يد أحد الجنود، بينما المعتقلون يدقون أبواب سيارات النقل الكبيرة من الداخل ويطالبون بالحرية.


بحث

ADS

تابعنا

ADS