كانت مملكة داهومي في غرب إفريقيا تنفرد بميزة فريدة عن ممالك ودول العالم، فهي الوحيدة التي ضمت جيشاً مكوناً من النساء فقط.
واشتهرت داهومي في السابق بأعمالها الفنية المنحوتة، فضلاً عن كونها مركزاً رئيسياً لتجارة الرقيق في المحيط الأطلسي، وكانت موجودة منذ قرون من حوالي 1600 حتى السنوات القليلة الأولى من القرن العشرين فيما يعرف حالياً باسم بنين.
وكانت الإمبراطورية ذات العقلية العسكرية تأسر السكان، إما من خلال الغارات أو الحروب، وتبيع العبيد سنوياً للأوروبيين مقابل سلع مثل البنادق والمنسوجات والكحول. لكن هذا التجريف المنتظم لشعبها أدى جزئياً إلى نتيجة غير مقصودة: تشكيل الجيش الوحيد المسجل في العالم المكون من الإناث فقط.
وتشكلت محاربات أمازون داهومي – كما كن يعرفن في الغرب تيمناً بالإناث المحاربات في الأساطير اليونانية – بدافع الضرورة في عهد الملك غيزو، الذي حكم من 1818 إلى 1858، و أدى نقص الذكور في جميع أنحاء المملكة إما من خلال خسارتهم في الحرب أو العبودية إلى ظهور جيش فريد. و استخدم الملك النساء من قبيلة الفون المحلية لبناء قوته العسكرية وأصبح يشار إليهن باسم “مينو”، أي “أمهاتنا” بلغة الفون.
و كانت عمليات التجنيد إما طوعية، وبعضهن لا يتجاوزن الثامنة من العمر، أو يتم أخذهن من الأسرى. وبمجرد أن يصبحن من أعضاء الجيش، يمنعن من إنجاب الأطفال أو الزواج من أي شخص غير الملك.
وعاشت المحاربات في أحياء غيزو وكن يحصلون على إمدادات التبغ والكحول والعبيد، وزار المستكشف التاسع عشر الشهير السير ريتشارد بيرتون المجموعة في عام 1860 وذكر أن المحاربات كان لديهن ما يصل إلى 50 عبداً لكل منهن.
ووصفت إحدى القصص التي رواها القس الإيطالي فرانشيسكو بورغيرو في عام 1861، جيشاً “مخيفاً وحافي القدمين” يضم 3000 جندي مسلحين بالسكاكين والهراوات وشفرات الحلاقة بما يكفي لتقطيع الناس إلى نصفين. و خلال هجوم وهمي، شاهدهن يتسلقن شجيرات شائكة ضخمة، متجاهلات أي جروح ناتجة عن المسامير، قبل اقتحام الأكواخ وإعادة السجناء إلى الملك.
وتضمنت المعارك الحقيقية التي شاركت فيها المحاربات على خط المواجهة غارات العبيد ضد مختلف الممالك المجاورة بالإضافة إلى حربين مرهقتين ضد فرنسا في نهاية القرن التاسع عشر. ولقد خسر الجيش كلتا الحربين ضد معارضة مسلحة متفوقة ولكن كانت هناك حكايات عن نساء يقطعن رؤوس أعدائهن أثناء القتال.
و بعد 300 عام، تم حل الجيش في عام 1904 عندما أصبحت المملكة مستعمرة فرنسية، على الرغم من انتشار الشائعات بأن عدداً قليلاً من المحاربات ما زالن متخفيات في عاصمة داهومي، أبومي، أو حتى تم اغتيالهن سراً من قبل الضباط الفرنسيين.
لكن إرث الجيش النسائي لا يزال محسوساً بعد أكثر من قرن من الزمان وهو الآن مادة فلمية على شاشة هوليوود الفضية. و تميز فيلم البطل الخارق بلاك بانثر لعام 2018 بالجيش الخيالي دورا ميلاجي الذي يحمي الملك واكاندا والمكون من مجموعة من النساء تماماً كما كان الحال لدى محاربات أمازون داهومي اللواتي ألهمن مؤلف الفيلم، بحسب صحيفة ميرور البريطانية.