على الرغم من حالة عدم التوافق السياسي على مرشح بعينه و وسط تضاءل الفرص بشأن نجاح التصويت في ظل انقسامات عميقة في الطبقة السياسية والأحزاب ، فضلاً عن أزمة اقتصادية معقدة وشديدة الحساسية تقف بالبلاد على حافة الهاوية ، دعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إلى عقد جلسة لانتخاب رئيس جديد للبلاد يوم الخميس الماضي 29 أيلول/سبتمبر، خلفا للرئيس ميشال عون المقيد بفترة رئاسة واحدة. جاء في بيان صادر عن مكتب رئيس مجلس النواب، الثلاثاء، أن بري دعا “إلى عقد جلسة في تمام الساعة 11,00 (بالتوقيت المحلي) من قبل ظهر يوم الخميس لانتخاب رئيس للجمهورية”.
تنتهي ولاية الرئيس الحالي ميشال عون البالغ 88 عاما، التي امتدت على 6 سنوات، في 31 تشرين الأول/أكتوبر المقبل. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2016، انتُخب عون رئيسا بعد شغور رئاسي استمر أكثر من عامين.تترافق الأزمة مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ تدابير تحد من التدهور وتحسن من نوعية حياة السكان الذين يعيش أكثر من 80% منهم تحت خط الفقر.
ينتخب الرئيس اللبناني من الطائفة المسيحية المارونية وفقا للنظام الطائفي، ويحتاج دستوريا لتصويت ثلثي مجموع أعضاء البرلمان،
انقسامات حادة
بسبب الانقسامات بين الفصائل السياسية المختلفة، لم تثمر مساعي رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في تشكيل حكومة منذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في منتصف أيار/مايو الماضي، في بلد يقوم نظامه على تقاسم الحصص بين المكونات السياسية والطائفية. هذه الانقسامات نفسها منعت التوافق على مرشح بعينه أو الوصول لمفاوضات بين الكتل النيابية وبعضها البعض .
لكي يفوز المرشح بالرئاسة اللبنانية يتعين عليه الحصول على أصوات ثلثي المشرعين في البرلمان المؤلف من 128 عضوا لكي ينجح المرشح من الدورة الأولى من التصويت، وبعد ذلك ستكفيه أغلبية بسيطة لتأمين المنصب. بدأت الجلسة وبعد أن تأمن نصاب الثلثين (86 نائبا) من النواب الـ 128، كما ينص عليه الدستور، في الدورة الأولى من الانتخاب، بدأ التصويت.
الفراغ كان سيد الموقف، فقد صوت 63 نائبا بورقة بيضاء، والسبب معروف بأنه لا يوجد توافق بين قوى المعارضة والنواب التغييريين، وبين حزب الله وحلفائه، ففشل البرلمان كما كان متوقعاً بانتخاب رئيس جديد للبلاد في الدورة الأولى، ولم يتأمن النصاب للثانية. إذ بدأ النواب بالانسحاب بعد عد أوراق المصوتين بالدورة الأولى، وبالتالي لم يتأمن النصاب القانوني للدورة الثانية، ما دفع برئيس البرلمان نبيه بري إلى رفع الجلسة، معلناً أنه لن يحدد أخرى قبل “التوافق”.
سلوك الأحزاب السياسية والكتل النيابية جعلا لبنان يدخل في مرحلة من الفراغ الرئاسي، والحكومي كذلك، لاسيما أنه بسبب الانقسامات نفسها، لم تثمر مساعي رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في تشكيل حكومة منذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في منتصف مايو الماضي.
يحتاج لبنان لرئيس توافقي ورئيس حكومة إصلاحي، وبخلاف ذلك لن تتعاطى معه الدول المانحة والصديقة، وحتى الآن غير متوفر بجدية إلى العلن اسم رئيس توافقي للبنان.كما أن الجلسة الأولى وضعت القوى السياسية أمام مواجهة صعبة للاستحقاق ستصعب استشراف شخصية الرئيس المقبل.