درس نيازى مصطفى في ألمانيا والتحق بمعهد الفيلم الألماني، ثم عاد إلى مصر ليعمل مونتيرًا في ستوديو مصر، ثم عمل كمساعد مخرج في البداية مع الفنان يوسف وهبي، ثم ما لبث فيما بعد أن تولى مهمة اﻹخراج.
وكان أول فيلم يتولى إخراجه عام 1937 «سلامة في خير»، بطولة نجيب الريحاني، وعمل كذلك حينها في تصوير ومونتاج العمل، وساهم في كتابة السيناريو.
وبعدها انطلق نيازى مصطفى فى مسيرته وقدم عددًا كبيرًا من الأفلام التي شارك في كتابة بعضها، كما شارك في صنع المؤثرات البصرية لها، ومن أفلامه: (رصيف نمرة 5، أبو حديد، سر طاقية اﻹخفاء، عنتر بن شداد، لعبة الحب والجواز)، كما تميز المخرج الكبير فى الخدع السينمائية بالأفلام التى أخرجها.
تزوج نيازى مصطفى من الفنانة كوكا التى اشتهرت بأدوار المرأة البدوية، حيث كانت مساعدته وزميلته في قسم المونتاج باستوديو مصر ونشأت بينهما قصة حب تزوجا بعدها، لكن لم يكتب لهما الإنجاب، كما تزوج من الراقصة نعمت مختار، ثم انفصل عنها ورجع إلى زوجته الأولى بعد علمه بأنها مصابة بالسرطان ليظل بجوارها حتى لحظاتها الأخيرة.
كانت نهاية المخرج الكبير نيازى مصطفى نهاية دامية ومأساوية وغامضة لم يتم حل لغزها حتى الأن.
ففى 19 أكتوبر عام 1986، عثر على جثة المخرج الكبير بغرفة نومه مكبل اليدين وغارقاً فى دمائه.
فى 19 أكتوبر عام 1986، رحل المخرج نيازى مصطفى فى ظروف غامضة ومثيرة، بعد مقتله فى يوم تصوير المشهد الأخير لفيلم ” القرادتى”، بطولة الفنان فاروق الفيشاوى وسمية الألفى.
وفشل رجال الأمن والنيابة العامة وقتها فى كشف ملابسات الحادث، وطبقًا للتحقيقات التى أجرتها النيابة، كان طباخ نيازى أول من اكتشف مقتله، وذكر فى أقواله أن نيازى قُتل داخل غرفة نومه، وكان مكبل اليدين من الخلف بكرافتة، واستخدمت شفرة حادة فى قطع شرايين يده، وكمم الجانى فمه بقطعة من القماش حتى لا يصدر صوتًا، وانتهى التحقيق إلى تقييد الجريمة ضد مجهول ، حيث فشلت النيابة فى الوصول إلى الجانى نتيجة كثرة البصمات التى كانت موجودة فى شقة المجنى عليه بعد مقتله، ونقل جثمان نيازى من مكانه قبل وصول جهات التحقيق، مما أضاع معالم الجثمان على الأرض، وأثار مقتله عاصفة من الجدل حينها لتقيد القضية ضد مجهول.
بصمات مجهولة وعلاقات نسائية
بدأ رجال الشرطة والأدلة الجنائية في جمع ما يمكن من أدلة لحل لغز الجريمة إلا أن دخول الطباخ وأشقاء القتيل فور علمهم بمقتله خرب مسرح الجريمة وتعددت البصمات به ما صعب من مهمة رجال المعمل الجنائي خاصة بعدما أشارت التحريات الأولية حينها لتعدد العلاقات النسائية للمخرج وهو ما توافق مع العثور على بصمة مجهولة لسيدة داخل الشقة.
خيط وهمي لحل اللغز
أثناء فحص فريق البحث للشقة عثر رجال الأمن على “مذكرات” خاصة بالمخرج المجني عليه فكانت بمثابة الصيد الثمين فقد تحتوي على اية معلومات تقود للجاني خاصة ان المخرج اعتاد ان يدون مواقف حياته أولا بأول.. ورد بالمذكرات علاقته بفنانة شابة وأنه تزوجها عرفيًا لفترة، إلا أنها انفصلت عنه وتزوجت أحد رجال الأعمال.
كانت الممثلة منى إسماعيل التي ورد اسمها بالمذكرات الخيط الأول الذي تبعه رجال الشرطة خاصة بعدما ذكره نيازي مصطفى في مذكراته وكتب أنه أحبها وفكر في إسناد بطولة لها وتزوجها عرفيًا وداخل أوراقه المالية عُثِر على شيك بمبلغٍ لها كان ينتوي إهداءه لها، لكنه تعرض لوجعٍ منها حيث أنها كانت تعامله كأب نظرًا لفرق السن.. وبالفعل قررت جهات التحقيق ضبط واحضار الفنانة الشابة لاستجوابها وقررت حينها أنها قبل مقتل نيازي مصطفى تزوجت وقررت اعتزال الفن بعد زواجها، وغادرت إلى المملكة العربية السعودية لأداء العمرة ولم تلتق نيازي مصطفى لفترة قاربت على عام ونصف.. واخلت النيابة العامة سبيل الفنانة الشابة لعدم ثبوت الاتهام بحقها.
فاروق الفيشاوي وسمية الألفي شهود
استجوبت جهات التحقيق مالا يقل عن 200 شخص من عائلة نيازي مصطفى والعاملين معه في الوسط الفني من كومبارس وإداريين وممثلين حيث استمعت لشهادة كل من فاروق الفيشاوي وطارق النهري وسمية الألفي الذين عملوا معه بآخر أفلامه فيلم القرداتي، كما تم استجواب طباخه ومصممة ملابس أفلامه السيدة بهجة والتي تغسل ملابسه.
وقال “الفيشاوي” في التحقيقات إن آخر لقطات فيلم القرداتي استمرت للساعة السادسة مساء ليلة مقتله، وكان “نيازي” يتحرك خلال التصوير كأنه شابًا عمره 20 عامًا، ولم يره مرة اخرى حتى فوجئ بنبأ مقتله.
جريمة معقدة وجاني مجهول
كلما كانت تستمر التحقيقات كلما تعقدت الأمور حيث لم يتم العثور على أي دليل يقود للجاني خاصة مع الخلافات الكثيرة والعلاقات النسائية المتعددة للمجني عليه.. كما أن الشرطة استبعدت احتمالية القتل بدافع السرقة حيث أنه رغم ثراء نيازي مصطفى الا انه كان معروف عنه عدم الاحتفاظ بأمواله داخل منزله وايداعها بالبنوك والتي لم يسحب منها الا 150 جنيه سحبها المخرج الشهير قبل مقتله ، ورجحت النيابة حينها ان دافع الجريمة إما الانتقام أو لسرقة أوراق هامة لوجود “بعثرة” في المستندات والأوراق.
وذكرت التحقيقات أن عدم وجود اثار عنف بباب الشقة أو باب المطبخ يعني أن الجاني دخل بمفتاح الشقة بعدما احتفظ بنسخة من مفاتيح نيازي مصطفى نفسه.. بعج فترة طويلة من التحقيقات وجمع التحريات قررت النيابة العامة قيد القضية ضد مجهول ومازال الجاني مجهولا حتى الآن.
35 عام مرت على مقتل المخرج نيازى مصطفى دون الكشف عن الجانى.. ليظل لغز القضية سر فى طي النسيان.