حكم كثرة الحلف في البيع والشراء .. يتساءل عدد كبير من المسلمين عن حكم كثرة الحلف في البيع والشراء.
حكم كثرة الحلف بالله
أكد الدكتور عبدالرحمن العدوي أستاذ الفقه في جامعة الأزهر أن الإكثار من الأيمان والحلف بالله ليس من خلق المسلم الذي يخاف الله تعالى ويتقي حسابه وغضبه، فقد نهى الله تعالى المؤمنين عن أن يجعلوا اسم الله تعالى هدفًا لأيمانهم فيبتذلوه بكثرة الحلف به في كل حق وباطل فإن من شأن الذي يكثر الحلف أن تقل ثقة الناس به وبأيمانه.
وقد ذم الله تعالى من يكثر الحلف فقال: ولا تطع كل حلاف مهين وأمر بحفظ الأيمان فقال: واحفظوا أيمانكم وكلما كان الإنسان أكثر تعظيماً لله كان أكمل في العبودية، ومن كمال التعظيم أن يكون ذكر الله تعالى أجل وأعلى عنده من أن يستشهد به في غرض دنيوي أو يتجرأ على الحلف به كذبا لذلك سمى العلماء اليمين الكاذبة باليمين الغموس لأنها تغمس صاحبها في الإثم أو في نار جهنم لأن الحالف استهان باسم الله تعالى وأقسم به وهو يعلم أنه كاذب في يمينه، وهذه اليمين لعظم الذنب فيها لا كفارة لها ويدل على ذلك ما ورد في الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: خمس ليس لهن كفارة الشرك بالله وقتل النفس بغير حق وبهت مؤمن والفرار يوم الزحف ويمين صابرة يقتطع بها مالاً بغير الحق وهذه اليمين لا يكفرها إلا التوبة والندم ومداومة الاستغفار وعدم العودة لمثلها والإكثار من الصدقة والاستقامة على أمر الله وطاعته ورد المظالم إلى أهلها إن ترتب عليها مظلمة لأحد والله غفور رحيم.
ويضيف الدكتور العدوي أن اللغو من الكلام الساقط الذي لا يعتد به ولا يصدر عن فكر وروية قال تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم.. واليمين اللغو هي التي لا يقصدها الحالف بل تجري على لسانه من غير قصد وقد فسرت السيدة عائشة هذه اليمين بقولها: اللغو في اليمين هو كلام الرجل في بيته كلا والله وبلى والله لا تنعقد عليه قلوبهم.. أي تجري على ألسنتهم ألفاظ اليمين ولكن من دون قصد يمين.
أما عن الحلف بغير الله فيشير الى أن العلماء أجمعوا على أن اليمين لا تكون إلا بالله أو بأسمائه وصفاته وأجمعوا على أنها بغيره شرك لما روى ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك وهو شرك أصغر إلا إذا كان المحلوف به معظما عند الحالف إلى درجة عبادته له فهذا شرك أكبر.
قال الدكتور العدوي إن الحلف نوع من التعظيم للمحلوف به ولا يجوز أن يعظم المؤمن غير الله عز وجل فلهذا لا يجوز أن يحلف بالكعبة بل يحلف برب الكعبة ولا يجوز أن يحلف بالنبي أو الولي أو بقبر أبيه أو بشرفه أو بحياة ولده أو بتراب وطنه أو بشيء من ذلك، كل هذا لا يجوز وإنما الحلف بالله فقط.. هذا هو الذي جاء به الإسلام وهو نوع من تحرير العقيدة وتحرير التوحيد، فالحلف تعظيم للمحلوف به لا يليق إلا بالله ويجب توقير اليمين بالله فلا يكثر منها المؤمن ولا يحلف إلا عند الحاجة وفي حالة الصدق والبر لأن كثرة الحلف أو الكذب فيها يدلان على الاستخفاف بالله وعدم التعظيم له وهذا ينافي كمال التوحيد، وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم وجاء فيه: ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إِلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه.. فقد شدد الوعيد على كثرة الحلف مما يدل على تحريمه احتراما لاسم الله تعالى وتعظيما له سبحانه وقد وصف الله المنافقين بأنهم يحلفون على الكذب وهم يعلمون.
حكم كثرة الحلف في البيع والشراء
ومن جانبها قالت دار الإفتاء المصرية، إن إكثار الحلف أثناء البيع والشراء مكروه، سواء أكان الحالف صادقًا أم كاذبًا.
وأضافت، أن إكثار الحلف أثناء البيع والشراء مكروه، لما يترتب عليه من زوال البركة، ولكَونه سببًا لزوَال تَعْظِيم اسم الله تعالى من القلوب؛ فقد أمر الله تعالى بحفظ الأيمان ونهى عن إكثار الحَلِفِ به.
وتابعت، أنه ورد في السنَّة النبوية المطهَّرة النهي عن إكثار الحلف مطلقًا وخصوصًا عند المتاجرة لما يترتَّب عليه من محق البركة ورفعها؛ قال النبي ﷺ: «الحلف مُنَفِّقَةٌ للسلعة، مُمْحِقَةٌ للبركة» وقد نصَّ الفقهاء على كراهة إكثار الحلف أثناء البيع والشراء؛ فلا ينبغي الإكثار من الحلف مطلقًا، سواء أكان الحالف صادقًا أم كاذبًا.