في غزة يعيش آلاف الفلسطينيين في بيوت مؤقتة بعد تهديم منازلهم ، وزاد هطول الأمطار الغزيرة أخيرا من معاناتهم. وتخشى المنظمات الدولية تنامي مستوى العنف هناك إذا استمرت الأوضاع الإنسانية السيئة على حالها.
بالكثير من القلق والخوف يستقبل سكان قطاع غزة المنخفضات الجوية التي تضرب المنطقة، فالبنية التحتية متهالكة، ما يجعل الأمطار والسيول خطراً حقيقياً يتهدد حياتهم وحياة أطفالهم.
لا زالت معظم شوارع غزة التي تعرضت إلى الضرر بسبب الحرب الأخيرة دون إصلاحات، وبسبب الأمطار الغزيرة التي هطلت في شهر نوفمبر الماضي اجتاحت المياه الكثير من شوارع المدينة الساحلية المكتظة بالسكان. الآلاف من السكان هربوا إلى مساكن مؤقتة.
ويقول عدنان أبو حسنة، المتحدث باسم منظمة “أنروا” لرعاية شؤون اللاجئين الفلسطينيين التابعة لأمم المتحدة، إن منظمته أسكنت المواطنين “في المدارس لإيوائهم بصورة مؤقتة بعد هروبهم من مياه الأمطار”.
ويتوقع أن تنخفض درجات الحرارة بصورة كبيرة خلال الأيام القادمة، ما قد يعرض أبناء القطاع إلى موجة فيضانات جديدة وتفاقم الأزمة الإنسانية.
بنية تحتية متهالكة بفعل الحروب المتتالية وأنفاق حماس
منظمة المياه والصرف الصحي في غزة تعمل فوق طاقتها، وخاصة أن الكثير من أنابيب المياه والصرف الصحي دمرت في الحرب الأخيرة، بالإضافة إلى أن السلطات الإسرائيلية تمنع وصول المواد الأولية والتقنية اللازمة لإعادة الإعمار.
وتعاني شبكة الطاقة الكهربائية هي الأخرى من نتائج الحرب، إذ تم قصف عدة محطات لتوليد الطاقة. وعادت منذ نوفمبر الماضي محطات الطاقة لتعمل بنصف طاقتها الاستعابية، حسب منظمة “أوكسفام”. وتراجعت ساعات القطع الكهربائي من 18 ساعة إلى 12 ساعة يوميا. وقد أصبح باستطاعة السكان الحصول على نصف مستوى الطاقة الكهربائية اللازمة، غير إن ذلك يؤثر أيضا على عمل المؤسسات الطبية ومنظومات تصفية وتوزيع المياه .
فقطاع غزة على أبواب أزمة إنسانية مع دخول فصل الشتاء في ظل وجود ألاف المشردين والشقق السكنية التي دمرت بشكل كلي وجزئي، بالإضافة لانهيارات أرضية وغرق لشوارع وتقاطعات رئيسية استهدفت خلال الحرب الأخيرة . ووفقاً للتقديرات العاجلة، فإن إجمالي تكلفة إعادة إعمار البنية التحتية في القطاع تصل إلى 50 مليون دولار، تقدمت الجهات المانحة بوعود لإصلاحها لكن من دون تحقيق ذلك، نتيجة وجود قرار سياسي يمنع الشروع في هذه الخطوة، فأن إعادة تأهيل المساكن يعرّضها لمخاطر عدة في حال حدثت مشكلات في البنية التحتية، ولمحاولة إصلاح وتأهيل البنية التحتية، وجهت وزارة الحكم المحلي التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، مطالبات رسمية لعدد من الجهات المانحة وصندوق النقد الدولي لتمويل إعادة إعمار البنى التحتية في قطاع غزّة. ويقول وزير الحكم المحلي مجدي الصالح إنهم أبلغوا المانحين بأن انهيارات أرضية حتمية تنتظر غزة خلال الأشهر المقبلة إذا لم يتم اصلاح البنية التحتية.
استياء أهالي غزة من البنية التحتية المتردية
نفور شعبي واسع داخل القطاع من العواصف انسحب أيضاً إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث حمّل مواطنون ونشطاء ،حماس ومجالس البلديات مسؤولية ما يحدث، لكونها لم تجرِ الاستعدادات اللازمة قبل وصول السيول. المسؤولية موزعة في قضية مخاطر تردي البنية التحتية، في ظل كميات الأمطار التي تعد معقولة مقارنة بالكميات السنوية الهاطلة، ولكن المشهد خلال الأعوام العشرة الأخيرة يزداد سوءاً جراء تفاقم مخاطر تجمع المياه وتدفقها إلى المنازل، ولا يغفل أحد أن القوات الإسرائيلية استهدفت مرراً وتكرراً البنية التحتية ما كبد غزة خسائر فادحة، وفي الجانب الآخر لم تعتبر حكومة “حماس” أن ترميم البنية التحتية والمنشآت الخاصة بالحكومة والمنازل، من أولوياتها.
كما أن مخطط حماس، غير منصف ولا يخدم المجتمع بشكل مركزي جراء وضع الأولويات للمشاريع السكنية الخاصة للأفراد والحكومة والمرافق الحكومية، وفيما تبقى البنية التحتية تحت بند المعالجة الإصلاحية المبدئية وذلك ما رأيناه في عملية إصلاح شارع الوحدة في مدينة غزة الذي شهد ترميماً جزئياً في المقابل، وضعت أولويات لمنشآت سكنية كالمشاريع المصرية والدعم القطري، على رغم توفر المعدات والأدوات التي تلزم لإتمام عمليات الترميم والإصلاحات اللازمة، ويساهم ذلك في تفادي المخاطر التي تصيب المجتمع بأسره خلال المنخفضات الجوية. لمَ لا تضع حماس البنية التحتية في أولويات ملف الإعمار.