يعاني قطاع غزة من ارتفاع في معدل انعدام الأمن الغذائي بنسبة وصلت إلى %69 في عام 2022بين الأفراد في قطاع غزة.
ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الحصار المفروض على القطاع من العام 2007 وحتى تاريخه والحروب المتتالية ، والذي أثر بدوره على جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية. يضاف إلى ذلك انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة نسبة البطالة المرتفعة من جهة وتدني الرواتب دون الحد الأدنى الذي أقرته الحكومة في رام الله، بالإضافة إلى ذلك تقليص رواتب الموظفين العموميين في قطاع غزة. ومما زاد الأمر سوءا في السنة الحالية التضخم العالمي خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية والذي تأثرت به دول العالم كافة وقطاع غزة خاصة والذي أدى إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار السلع الرئيسية وخاصة المستوردة منها.
المنظمات الدولية
وعلى الرغم من المساعدات الغذائية المقدمة من المنظمات الدولية مثل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الاونروا ، إلا أن الوضع في غزة يظل صعباً ومقلق . وصرحت وكالة الاونروا أنّ “80% من السكان يعتمدون على المعونات الإنسانية، ومع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة ارتفاعًا استثنائيًّا، فإن الحالة الإنسانية الهشة بالفعل تهدد بمزيد من التدهور، بحيث يعتمد ثلاثة من كل أربعة أشخاص من سكان غزة على المعونة الغذائية الطارئة من وكالة “أونروا”، وعلى الرغم من هذا الدعم، فإنّ معدل انعدام الأمن الغذائي آخذ في الارتفاع”.
وبيّنت أنَّ معظم الأسر استنفدت جميع آلياتها المالية للتكيف، وأصبحت تكافح من أجل وضع الخبز على المائدة، بعد أن دمر الاقتصاد بفعل 16 عامًا من الحصار.ولفتت إلى أنَّها عملت على توفير شريان حياة إنساني حيوي للاجئين الفلسطينيين في غزة، حيث أعطت الأولوية للمعونة الغذائية لما مجموعه 1,14 مليون شخص.
وفي وقتٍ سابق، كشفت وكالة “أونروا” أنّ أكثر من 68% من العائلات في قطاع غزة يعانون من مستويات حادة أو معتدلة من انعدام الأمن الغذائي، في حين تعاني نحو 72% من اليافعات في غزة من نقص في فيتامين “د”، و64% من نقص في فيتامين “أ”، ومن شأن أي تعطيل في إيصال المعونات الغذائية العينية أن يزيد من تفاقم هذه الأوضاع.
الأمن الغذائي في غزة
يتذبذب مؤشر الأمن الغذائي في قطاع غزة نتيجة لتغير محدداته بشكل مستمر نظرا لحساسيتها للظروف الجيوسياسية والاقتصادية التي يتعرض لها قطاع غزة، فبالرغم من كل الجهود المبذولة سواء كانت حكومية أو دولية لا يزال الاتجاه العام لمؤشرانعدام الأمن الغذائي في تصاعد مستمر،و هذا ما أكده تقرير الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي الذي أشار إلى أن أكثر من ربع الفلسطينيين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد والمتوسط، وهو يعتبر معدل عال مقارنة بالمعدلات العربية والعالمية، حيث أشار التقرير إلى أن هناك العديد من النقاط المؤثرة على قضية الأمن الغذائي منها، العوامل السياسية التي تتعرض لها غزة والتي أثرت عل حركة الأشخاص والبضائع مما سبب عجز كبير في مدخلات الإنتاج، وأيضا ندرة وارتفاع تكاليف المدخلات الزراعية وضعف نظام البحث والتطوير .
فيما قال مدير برنامج الأغذية العالمي في فلسطين: الوضع في غزة كان أصلا سيئا قبل الأزمة ونسبة الفقر 53% والآن تزداد الاحتياجات ، وأضاف يجب أن نتذكر أن 2 من كل 3 يعيشون في غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي. الوضع صعب أصلا قبل الأزمة الحالية.
قبل فيروس كورونا والأزمة الحالية، كان أكثر من نصف سكان قطاع غزة يعيش في فقر، 53% نسبة الفقر ونسبة البطالة 45% وإغلاق المعابر الآن قد يتسبب قريبا في نقص السلع ومن بينها المواد الغذائية، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. وبدأنا بالفعل نرى ارتفاع أسعار منتجات معينة – كالخضراوات ومنتجات الحليب – بدأت الأسعار بالازدياد لأن المزارعين غير قادرين على الوصول إلى أراضيهم، وبنفس الوقت البضائع التي كانت تأتي من الضفة الغربية لم تعد تصل.
حماس والوضع في غزة
تعاني غزة منذ وقت طويل من الفقر، لكن مع وصول معدل البطالة إلى 43.6 في المئة، بحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن تجارا كانوا يوما ما أثرياء أصبحوا غارقين في الديون وهو ما أدى إلى انهيار متتابع لأنشطة أعمال أخرى.ويلقي كثيرون باللوم على إسرائيل ويتهمونها بفرض حصار اقتصادي على قطاع غزة، تسبب في تقييد حركة الأشخاص والسلع بشكل كبير.
لكن مواطني غزة يلقون باللوم أيضا على قادتهم، ويشتكون من الصراع على السلطة بين حركة حماس التي سيطرت على القطاع في 2007 وحركة فتح التي ينتمي إليها الرئيس الفلسطيني محمود عباس المدعوم من الغرب.وتجمع كل من حماس وفتح ضرائب، وتديران جهازين إداريين متنافسين. وحتى الكهرباء أصبحت من أدوات الصراع على السلطة، حيث تفاقمت أزمة انقطاعات الكهرباء مؤخرا، التي تضررت منها مصانع الوادية، مع قيام عباس بقطع الأموال التي تدفع مقابل تزويد إسرائيل غزة بالكهرباء.وتقول فتح إن حماس تستغل الأموال التي تحصلها من مستهلكي الكهرباء لأغراضها الخاصة.
وتقول إسرائيل، التي سحبت جنودها ومستوطنيها من قطاع غزة في 2005، إنها اضطرت لفرض قيود على الدخول والخروج من القطاع لمنع حماس من إرسال مسلحين ومفجرين وتهريب أسلحة أو مواد تستخدم في تصنيعها.ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يقوم بعملية “إدارة محسوبة ومستمرة للمخاطر” توازن فيها بين السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى مواطني غزة، وفي الوقت نفسه المواجهة مع حماس التي “تحاول استغلال المساعدات المخصصة للسكان المدنيين في غزة .
الفقر والأمن
والوضع الحالي في غزة هو نتيجة للحرب والعزلة والنزاعات الداخلية.وفي العام الماضي، خفض عباس رواتب 60 ألف موظف حكومي في غزة بنسبة 30 في المئة، وهو ما قلص قدرتهم الشرائية في المتاجر والأسواق بعد سداد قروضهم للبنوك. وتضاعفت قيمة الشيكات المرتدة إلى المثلين تقريبا في غزة من 37 مليون دولار إلى 62 مليون دولار بين 2015 و2016، ثم ارتفعت مجددا إلى 112 مليون دولار في 2017، بحسب سلطة النقد الفلسطينية.
وساهم انخفاض القدرة الشرائية في هبوط الواردات عبر المعبر التجاري الوحيد الباقي مع إسرائيل، حيث تعبره الآن 350 شاحنة فقط يوميا مقارنة مع 800 شاحنة في الربع الأخير من 2017.وقام بعض التجار بمبادرة دينية في ديسمبر كانون الأول عرضوا فيها شطب ديون العملاء تحت شعار “سامح تؤجر”، دعمتها حماس وفصائل أخرى، لكن حجم الديون كان أكبر بكثير من تلك المبادرة المحدودة.
وقال ماهر الطباع، وهو محلل اقتصادي في غزة “غزة دخلت حالة الموت السريري، وتحتاج الى حلول جذرية وحقيقية ومستدامة وليس الى حلول مؤقتة قصيرة الأجل”.وفي الجانب الآخر من الميزان الاقتصادي .