فاجعة إنسانية في الشرق الأوسط.. والسوريون يعانون الويلات من نتائج الزلزال المدمر

أخبار العالم , Comments Disabled

خليل موسى – دمشق

ما زال صدى ذلك الصوت يتردد في أرجاء الأماكن، فلم يكن الصراخ عادياً يومها، الأصواتُ مخيفةٌ جداً – كانت وما زالت، أشخاصٌ عاشوا مشاعر متداخلة من الألم والرعب تحت أنقاض المباني المنهارة على سكانها، فهل من مغيث بعد هذا الزلزال!

مرّت الدّقائق الأولى للزلزال المدمِّر، والجّميع واجه المجهول الذي يسمى عند العرب “ساعة الغَفلة” أي أنهم لا يدركون شيئاً في هذا الحين، هي حالة من الصدمة عاشها المنكوبون من الزلزال الذي ضرب شمال سورية وجنوب تركيا عند الرابعة والربع من فجر الاثنين – السادس من فبراير.

ذهبت الغفلة وأتت الفكرة، وهنا أدرك الجميع في سورية أنهم على موعد مع مأساة جديدة بعد كل ما عايشوه من مآسي الحرب التي ما تزال تبعاتها تتفاقم حتى الآن.

 

لحظة وقوع الزلزال

180 مبنى طابقي ومنها ما يصل لعشرة طوابق سوِّيَت في الأرض بعد زلزال مدمر بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر، هذا الرقم بحد ذاته كفيل على رسم صورة أكثر تعقيداً من الخط البياني الذي يرسمه المقياس لحظة وقوع الزلزال، وهذا ما جعل كل من مدن حلب وادلب وجبلة في اللاذقية إضافة لمناطق من مدينة حماه، كلها مناطق منكوبة، وكان التأثر أيضا في طرطوس، والتي كانت لحسن الحظ هي الأقل تضرراً في هذه الكارثة رغم أضرارها الكبيرة أيضاً.

وحين نبقى في الحديث عن الضحايا والأمل في العثور على ناجين، نجد أنفسنا أمام عملية حساب تناسبية عكسية، فمع دخول اليوم الخامس، وازدياد الوقت لمن هم تحت الأنقاض، تنخفض نسبة الأمل إلى أدنى معدلاته في العثور على أحياء، والناجين إما في حالة انتظار من بقي من ذويهم تحت الأنقاض أو في انتظار استلام جثامين قتلاهم، لنقلهم إلى مثواهم الأخير دفنهم بطريقة لائقة.

ضحايا زلزال سورية

الأعداد والإحصائيات حتى دخول اليوم التاسع قاربت في سورية 6000 قتيل، وما زال عداد الوفيات في ارتفاع، البحث لم يتوقف رغم وصول الأمل أقرب إلى نسبة الصفر في إنقاذ أحياء قياساً بإمكانية بقدرة الإنسان على البقاء حياً دون ماء أو طعام، عداك عن الحالات التي قد يحتاج أصحابها إلى أدوية مُزمنة، أو من يعاني من كسور وجروح من الحتمي أنها بدأت بحالة التقيح، هذا في حال بقي أصحابها أحياء بعد مرور أكثر من أسبوع.

المشردون لا يمكنهم البقاء في العراء أكثر، برد شديد وردجات حرارة متدنية جداً خاصة في الليل، فقرابة 300 ألف إنسان سوري، فقدوا المأوى، وهذا الرقم في ازدياد قياساً بعمليات المسح الهندسي لسلامة المباني التي تقوم بها وحدات الهندسة الحكومة السورية وقد بدأت فعلياً بإزالة المباني المتصدعة والمتهالكة نتيجة الزلزال، حيث أن المبانى الذي لم تسقط على سكانها في المناطق المنكوبة صارت معرضةً للإنهيار في أي لحظة نتيجة أي عامل من العوامل، هذه المباني وخاصة في مناطق حلب، قد أنهكتها العمليات العسكرية سابقاُ خلال سنوات الحرب في سوريا متأثرة بشكل كبير.

الواقع الإنساني على الأرض في سورية مأساوي جداً وفي الحضيض، كل الذين انهارت مساكنهم في الزلزال أو خرجوا من بيوتهم المتهالكة والمهددة يحتاجون كل شي من مقومات الحياة، وهنا حرفياً يحتاجون كل شي، فهم خرجوا بملابسهم التي يرتدونها فقط، لم يسعفهم الوقت إلا لمحاولة النجاة بحياتهم أو حياة أطفالهم.

من الطبيعي في ظل هذه النكبة الإنسانية، والأوضاع الكارثية أن تنهال المساعدات من جميع المنظمات والدول، ويفترض أن تكون بسخاء كبير، لكن للأسف فإنَّ المساعدات تأخرت من غالبية دول العالم، فالوقع الإنساني في سورية صار محكوماً بالظروف السياسية، وقانون “قيصر” حظر التعامل مع سورية بشكل قطعي، هذا ما انعكس على المواطنين السوريين، وزاد الألم في ظل الكارثة، قليل من الدول بادرت وتعتبر مساعدات غير كافية أمام حجم الكارثة، فقط 25 دولة أرسلت مساعداتها من أصل 200 دولة. وباقي المساعدات أتت من على شكل مبادرات أهلية، جمعتها فِرق شبابية تطوعية وأرسلتها، ولكن لا تكفي لأكثر من 30 يوماً في الحد الأعلى حسب التقديرات الأولية، والأصعب بقاء الناس دون تدفئة ولا مأوى.

ما زالت نقاشات السياسة على الطاولات، بينما هناك جمعٌ إنساني يعاني في العراء، أو في مراكز إيواء أو على أبواب المشافي، كلهم ينتظرون ما يعيد لهم ولو جزءاً من حياتهم المدفونة تحت أنقاض المباني المنهارة في الزلزال المدمر- نعم إنه زلزال فبراير الكارثي.


بحث

ADS

تابعنا

ADS