محمد حسنين هيكل شاهد عيان على٧٠عامًا من أهم سنوات التاريخ المصرى بنجاحاتها وثوراتها وانتصاراتها وكبواتها ويُعد أشهر الصحفيين العرب والمصريين فى القرن العشرين.
اخترق محمد حسنين هيكل كل الحواجز والقيود ليصبح واحدا من أهم ١١ صحفيا في العالم، وتترجم كتبه إلى ٣١ لغة، وحفر اسمه بحروف من نور فى تاريخ الصحافة المصرية والعربية.
محمد حسنين هيكل مولود في٢٣ سبتمبر ١٩٢٣ بقرية باسوس بمحافظة القليوبية وعاش بحى الحسين، بالقاهرة، ودرس بمدرسة التجارة المتوسطة ثم التحق بالقسم الأوروبى بالجامعة الأمريكية وفيها تعرف على سكوت واتسون الصحفى المعروف بالإيجيبشان جازيت
واستطاع عن طريقه أن يلتحق بالجريدة في ٨ فبراير ١٩٤٢، صحفيا تحت التمرين بقسم المحليات وكانت مهمته جمع أخبار الحوادث، وكانت الحرب العالمية الثانية قد اشتعلت وكانت الإيجيبشان جازيت هي المطبوعة الأجنبية الأولى في مصر.
تحقيقات محمد حسنين هيكل
ومما أنجزه لقاء مع فتيات الليل بعد تحريم البغاء الرسمى وهى القصة التي حكاها هيكل بنفسه في العدد رقم ٥٤٦ من مجلة آخر ساعة.
ثم وقع عليه الاختيار ليذهب إلى العلمين التي شهدت أشرس معارك الحرب العالمية الثانية، وتتابعت موضوعاته وحين كان يتناول غداءه ذات مرة بمطعم الباريزيانا التقى فاطمة اليوسف صاحبة مجلة روزاليوسف ودعته إلى مجلتها، ليصبح في ١٩٤٤صحفيا في روز اليوسف وفيها تعرف إلى محمد التابعى، ثم انتقل للعمل معه في مجلة آخر ساعة التي عمل بها في آخر عامين للتابعى بها، قبل أن يشتريها منه مصطفى وعلى أمين، ونشر موضوعات في مجال الحوادث ومنها وفى ١٣أغسطس ١٩٤٧أنجز تحقيقا عن «خط الصعيد» ثم تحقيقا عن الكوليرا بقرية القرين ومصرع كاميليا وغيرها ثم كان انتقاله للعمل بجريدة أخبار اليوم بدءا من ١٩٤٧ ولمدة 5 سنوات تالية حقق خلالها انفرادات ومنها تغطيته لحرب فلسطين وانقلابات سوريا، وثورة محمد مصدق في إيران واغتيال الملك عبدالله في القدس واغتيال رياض الصلح في عمان واغتيال حسنى الزعيم في دمشق.
وفى ١٨ يونيو ١٩٥٢فى مجلة آخر ساعة قرأ الناس لعلى أمين رئيس تحريرها مقالا عن هيكل، يعلن تركه منصبه وتعيين هيكل رئيسا للتحريروكان عمره ٢٩ سنة.
محمد حسنين هيكل وعبد الناصر
وبعد قيام ثورة ٢٣يوليو ١٩٥٢، ازدادت العلاقة قربا بين عبدالناصر وهيكل ليصبح بعد فترة المتحدث الرسمى باسم حركة الضباط الأحرار، وليكون أحد صناع تاريخ مصر بعد ثورة يوليو، وصاحب البصمة الواضحة في تاريخ مصر، وفى تاريخ الصحافة المصرية والعربية، والذى أعطى صحيفة الأهرام شكلها الحالى لتصبح أكبر المؤسسات الصحفية في العالم العربى وفى الفترة من ١٩٥٦إلى ١٩٥٧عرض عليه مجلس إدارة الأهرام رئاسة مجلسها ورئاسة تحريرها معا، واعتذر في المرة الأولى ثم قبل في المرة الثانية، وظل رئيسًا لتحرير جريدة الأهرام حتى عام ١٩٧٤، وفى تلك الفترة وصلت الأهرام إلى أن تصبح واحدة من الصحف العشرة الأولى في العالم وقد ظهر أول مقال له في جريدة الأهرام تحت عنوان «بصراحة» يوم ١٠أغسطس ١٩٥٧ بعنوان السر الحقيقى في مشكلة عُمان.
محمد حسنين هيكل وزيرا
وكان آخر مقال له في ١ فبراير ١٩٧٤ بعنوان «الظلال والبريق» وكان أثناء توليه الأهرام قد أنشا مجموعة المراكزالمتخصصة للأهرام مثل مركزالدراسات السياسية والاستراتيجية، مركز الدراسات الصحفية ،مركز توثيق تاريخ مصرالمعاصر.
واستقطب فيها أرفع الكتاب ومنهم توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وغيرهم وأثناء وجوده بها رفض الوزارة أكثر من مرة، حتى اضطر لقبول وزارة الإرشاد (الثقافة والإعلام ) قبيل وفاة عبدالناصر.
وحين اشتُرط ألا يجمع بينها وبين الأهرام تركها غير آسف عليها بمجرد وفاة عبدالناصر.
وبعد وفاة ناصر وانتقال السلطة إلى أنور السادات الذي سانده هيكل للتغلب على من سماهم مراكز القوى، رغم أن هيكل في النصف الثانى من السبعينيات كان خارج دوائر النفوذ؛ حيث أبعد بقرار رئاسى من الأهرام،فإنه لم ينته صحفيا كما توقع كثيرون وقتها، بل زادت نجوميته مخترقا الحواجز والقيود التي فرضتها عليه القيادة السياسية، ليصبح واحدا من أهم ١١ صحفيا في العالم، تترجم كتبه إلى ٣١ لغة.
خريف الغضب
وبعد حرب أكتوبر ١٩٧٣اختلف مع الرئيس أنور السادات حول التعامل مع النتائج السياسية لحرب أكتوبر، واتخذ الرئيس قراراً بتعيينه مستشاراً، واعتذر عن قبول المنصب وتفرغ للكتابة، وكان كل ما يكتبه ينشر خارج مصر وهو يعيش داخلها، وكان من نتيجة كتاباته أن اعتقله الرئيس السادات ضمن اعتقالات سبتمبر ١٩٨١ وأصدر هيكل بعدها كتاب خريف الغضب.
وفى عهد الرئيس مبارك وفى مقابلة مع روبرت فيسك، انتقد بشدة الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك، قائلا: «إن مبارك يعيش في عالم خيالى في شرم الشيخ» ووصفه في موضع آخر بأنه ليس لديه حنكة سياسية، وقد اعتزل هيكل الكتابة المنتظمة والعمل الصحفى في ٢٣ سبتمبر ٢٠٠٣ بعد أن أتم عامه الثمانين ومع ذلك فإنه استمريساهم في إلقاء الضوء بالتحليل والدراسة على تاريخ العرب المعاصر الوثيق الصلة بالواقع الراهن مستخدما منبرا جديدا غير الصحف والكتب وهو التليفزيون إلى أن توفي «زي النهارده» في١٧ فبراير ٢٠١٦.