ليس منا إلا مَن يعرف هذه المسرحيةَ الكوميدية التي تحمِلُ اسمَ (إلا خمسة) والتي أُنتِجت عامَ 1963م، وقام ببطولتها (عادل خيري _ ماري منيب _ عدلي كاسب) وكانت من تأليف (نجيب الريحاني وبديع خيري).
لم يَصِلْ عادل خيري (سليمان الزعفراني) إلى الكَنز لأنه لم يكن لديه المعلومةُ كاملةً، ظنَّ نفسَه مِقياسًا لكل الرجال، وما كان ينبغي أن يظن ذلك؛ فهو أقصرُ مما ينبغي!! جاء طولُه (إلا خمسة)، وهو ما نُعانيه في حياتِنا فلا نصلُ لشيء!!
أن تظن أنك محورُ الكون، وأن العالَمَ بدونِك ستتوقف حركتُه، فقد جاءَ تفكيرُك (إلا خمسة) تفكيرًا قاصرًا، وكما يقول المثل الشعبي: (طُول ما الوَلَّادَة بِتِوْلِد ما على الدُّنيا شاطِر)!!
أنْ تتأخرَ عن مواعيدِك، وتريدَ من القطار أن ينتظرَك، فلا تلومَنَّ إلا نفسَك؛ إذ ينبغي أن تَحْضُرَ (إلا خمسة)!! وبدلًا من أن تُضِيعَ وقتك في سرد أعذارٍ لصاحب الموعد _ ربما تكون واهيةً أو غيرَ حقيقية _ اِحرِصْ على أن تلتزمَ بمواعيدِك.
لا أزال حريصًا عند حضور مؤتمراتٍ رسمية على أن أصل قبل الموعد، وهذا يُفيدني للغاية؛ إذ تستكشف المكانَ، وتكون وكأنك في استقبال الجميع، تطالعهم وترمقهم بالنظرات، وتستطيع ضبط إيقاع عملك، أن تأتي (إلا خمسة) فأنت تستقبل الفُرصة.
ولعلَّ من النصائح التي تلقيناها عند دخولنا الإذاعة المصرية منذ نحو عشرين عامًا، أن تُقدِّمَ ساعتَك خمسَ دقائق؛ فمِن غيرِ المسموح لمذيع الهواء أن يتأخر، وكما كان يقول لنا أساتذتُنا: العُذرُ الوحيد الذي يُقبَلُ منك عند التأخير هو أن تحينَ وفاتُك، وإن استطعتَ الاستئذانَ قبل الوفاةِ فافعَلْ!!
حين يتم دعوتُك للقاءِ أصدقائِك القُدامى الذين جمعَتْك بهم مدرسةٌ أو كُليةٌ واحدة، اِحرِصْ على أن تكون موجودًا (إلا خمسة)؛ فهذا لقاءٌ ربما لا يتكررُ كثيرًا.
حين تجتمعُ عائلتُك الكبيرة فاحرِصْ على أن تكونَ موجودًا (إلا خمسة)، فأيضًا هذه اللقاءات ربما لا تتكرر كثيرًا، أو تبتعد المسافات بين كل لقاءٍ وآخر!!
العباداتُ الشعائريةُ عندنا _ نحن المسلمين _ تدعو وتُعَلِّمُ وتُدَرِّبُ على الالتزام بالمواعيد، فالصلوات الخمس لها مواعيدُ مُحددةٌ يوميًّا، وصومُ رمضان يكون من وقتِ الفجر إلى وقتِ المغرب، وللحَجِّ وقتٌ معلوم، فإذا تأخرتَ عن هذه المواعيد رُدَّ عليك عملُك، أو لم يُقبل، أو أثِمتَ.
تكتسبُ ثقةَ الناس بالالتزام بالمواعيد، إذ يَطمئنُّ الناسُ بعضَهم إلى بعض بالالتزام، وتنعدمُ الثقة بالاستهتار، ويَعتبرُ البعضُ هذا مِن قبيل الإهانة، التي تُـثَـبِّـط عزائمَ الجادين.
الوقتُ غالٍ وثمين، و “… إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ… ” ( الرعد _ 11 )