تمر اليوم الأربعاء 29 مارس 2023، الموافق 7 رمضان من العام الهجري 1444، الذكرى الثالثة والثمانون بعد الألف، على تأسيس وافتتاح الجامع الأزهر الشريف الذي تم عام 361 هجريًا.
يعد الجامع الأزهر الشريف، أقدم جامعة عالمية متكاملة، وهو أحد أكبر وأهم المساجد الجامعة في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي، إذ تحتضن أروقته الملايين من طلاب العلم ومعلميه، فهو قِبلة العلم لكل المسلمين من كافة بقاع الدنيا.
الأزهر الشريف جامعًا وجامعة يعد منهلًا للوسطية، ومنارة الإسلام، وهو يتحمل مسؤوليته العلمية والدينية والوطنية والحضارية تجاه الشعب والأمة الإسلامية كلها، فكان لها رمزًا حضاريًا، ومرجعًا علميًا رئيسًا، ومنبرًا دعويًا صادقًا.
أُنشئ الجامع الأزهر الشريف على يد جوهر الصقلي قائد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله في 24 جمادى الأولى 359هـ/ 4 أبريل 970م وذلك بعد عام من تأسيس مدينة القاهرة.
استغرق بناء الجامع قرابة 27 شهرًا، وتم افتتاحه للصلاة في يوم الجمعة 7 رمضان 361هـ الموافق 21 يونيو 972م، وما لبث أن تحول إلى جامعة علمية.
وعن سبب تسميته بهذا الاسم، فقد أطلق عليه الجامع الأزهر نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء ابنة النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ وزوجة الإمام علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ التي ينتسب إليها الفاطميون على أرجح الأقوال.
أروقة الأزهر رمزٌ للعالمية وللترابط العربي والإسلامي
بستقبل الجامع الأزهر الدارسين من مختلف دول العالم الإسلامي، فهو يمثل القِبْلة العلمية لجميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، والأُنموذج الذي يُحتذَى به في الترابط العربي والإسلامي.
ومن التقاليد الراسخة التى ظلت لصيقة بالتاريخ العلمي والاجتماعي للأزهر كجامعة أنه أفرد لكل جنسية وأهل إقليم من طلابه الذين وفدوا إليه من شتى بقاع العالم العربي والإسلامي رِواقًا يقيمون فيه إقامة دائمة بالمجان طوال السنوات التى كانوا يقضونها في تحصيل العلوم في رحابه، وهي أماكن للإعاشة الكاملة بالمجان، طعامًا وإقامة وكسوة وجرايات ومرتبات ومخصصات كثيرة، وغير ذلك من الخدمات الجليلة تكريمًا وراحةً لهؤلاء المجاورين، فتعد أروقة الأزهر رمزًا تاريخيًا وحضاريًا يشهد بعالمية الأزهر ودوره العلمي والاجتماعي على مر العصور، وفيما يلى نبذة موجزة عن هذه الأروقة:
أولًا: أروقة الوافدين
1 – رواق الأتراك: تم تخصيص هذا الرواق لأبناء الجنس التركي الوافدين من قارتي آسيا وأوربا وبعض جزر البحر المتوسط.
2- رواق الشوام: خصص للوافدين من بلاد الشام (سوريا- فلسطين- لبنان- الأردن).
3 – رواق الحرمين: تم تخصيص هذا الرواق للوافدين من بلاد الحرمين الشريفين.
4 – رواق اليمنية: أفرد هذا الرواق للطلبة الوافدين من اليمن.
5 – رواق الأكراد: تم تخصيصه للطلبة الأكراد السُنَّة الوافدين من شمالى العراق وبلاد الشام والأناضول وغيرها.
6 – رواق البغدادية (البغادة): يستقبل هذا الرواق الوافدين من العراق والبحرين والكويت.
7 – رواق السليمانية: ويقبل الطلبة الوافدين من أفغانستان.
8 – رواق الهنود: كان هذا الرواق مخصصًا للطلبة الوافدين من الهند.
9 – رواق الجاوة (الجاوية): وكان مخصصًا للوافدين من إندونيسيا والفلبين وماليزيا.
10 – رواق المغاربة: كان رواق المغاربة من أوائل الأروقة التى أنشأت بالجامع الأزهر، لم يكن يقبل به إلاَّ من كان بلاد المغرب ( طرابلس، تونس، الجزائر، مراكش)، كما لم يكن يقبل به إلاَّ من كان مالكى المذهب.
11 – رواق السنارية: تم تخصيصه للطلاب الوافدين من إقليم سنار فى السودان.
12 – رواق الدكارنة دارفور: تم تخصيصه للوافدين من بلاد دارفور وسنار وتكرور.
13 – رواق دكارنة صليح: تم تخصيصه للوافدين من منطقة التشاد والبلاد المجاورة لها بوسط القارة الإفريقية.
14 – رواق البرابرة: تم تخصيصه للطلاب الوافدين من موريتانيا وما جاورها من أقاليم.
15 – رواق الجبرت: تم تخصيصه للوافدين من الحبشة، وسواحل البحر الأحمر.
16 – رواق البرناوية (البرنو): وكان مخصصًا للطلبة الوافدين من غرب إفريقيا كالسنغال، والنيجر، وغينيا، وساحل الذهب غانا.
وقد تم إنشاء أروقة أخرى فى الجامع الأزهر فى القرن العشرين مثل رواقي الصين وجنوب إفريقيا.
ثانيًا: أروقة المصريين
1- رواق الصعايدة: وتم تخصيصه للطلبة الوافدين من أقاليم صعيد مصر.
2 – رواق الشراقوة: وتم تخصيصه لطلبة إقليم الشرقية.
3 – رواق (زاوية) العميان: وخصصت للطلبة المكفوفين.
4 – رواق البحاروة (البحيرة): وتم تخصيصه للطلبة الوافدين من إقليم البحيرة.
5 – رواق الفيومية (الفَيَمَة): وتم تخصيصه للطلبة الوافدين من إقليم الفيوم.
6- رواق الفشنية: وتم تخصيصه للطلبة الوافدين من إقليم بني سويف.
7 – رواق الشنوانية (الأجاهرة)
8 – رواق ابن معمر: وهو من أشهر أروقة الجامع الأزهر، لأنه لم يكن مخصصًا لجنسية أو إقليم جغرافى أو لمذهب ديني معين.
9 – رواق الأقبغاوية: وتم تخصيصه للطلبة الذين يحضرون الحلقات الدراسية فى هذه المدرسة.
10 – رواق الأحناف (الحنفية): وتم تخصيصه لطلاب المذهب الحنفي.
11 – رواق الحنابلة: وتم تخصيصه لطلاب المذهب الحنبلي.
12 – الرواق العباسي: وتم تخصيصه كمقر لإدارة الأزهر وإقامة الاحتفالات الرسمية به، ولإقامة طلاب بعض الأروقة من المصريين والوافدين، بالإضافة إلى مقر طبيب وصيدلي الأزهر، وإفتاء الديار المصرية.
وقد استمرت أروقة الجامع الأزهر عامرة بالمجاورين، تؤدي دورها العلمي والاجتماعي حتى إنشاء مدينة البعوث الإسلامية والبدأ فى شغلها بالطلبة في 12 ربيع الأول 1379هـ/ 15 سبتمبر 1959م.
وخلال كل هذه السنوات تعرض الأزهر للغلق 3 مرات، كان أولها على يد صلاح الدين الأبوبى سنة 589 هـ، بعد قرار منه لغلق الأزهر ليمنع دراسة المذهب الشيعى، ليستمر مغلقا أكثر من 100 عام، حتى عادت إليه الدراسة وفقًا للمذهب السنى فى عهد الظاهر بيبرس سنة 672 هـ، بالإضافة إلى تجريد الأزهر من مركزه كمسجد صلاة الجماعة، أمر صلاح الدين الأيوبى أيضاً بإزالة شريط فضة أدرجت فيه أسماء الخلفاء الفاطميين عليه من محراب المسجد. كذلك أمر بإزالة شرائط فضية مماثلة من المساجد الأخرى بلغت قيمتها 5000 درهم. لم يتجاهل صلاح الدين الأيوبى تماماً صيانة المسجد، ووفقا للمفضل فإن إحدى مآذن المسجد رممت خلال حكم صلاح الدين.
أما المرة الثانية، فكانت عهد العثمانيين، ما بين 1730–1731، قام آغاوات الدولة العثمانية بمضايقة السكان المقيمين بالقرب من الأزهر أثناء ملاحقة بعض الهاربين، وأغلقت البوابات فى الأزهر احتجاجا على ذلك، وأمر الحاكم العثمانى الآغاوات الامتناع عن الذهاب قرب الأزهر، خوفاً من قيام انتفاضة كبرى، وقد حدث اضطراب آخر فى عام 1791 تسبب فيه مضايقات الوالى قرب مسجد الإمام الحسين، ثم ذهب إلى الأزهر لتبرير موقفه. وقد أقيل الوالى بعد ذلك من منصبه.
وكانت المرة الثالثة والأخيرة، فى يونيو عام 1880، بعد اغتيال الجنرال الفرنسى كليبر على يد سليمان الحلبي، وهو طالب فى الأزهر، حيث أمر الجنرال مينو قائد الحملة حينها بإغلاق المسجد، لتغلق أبوابه حتى وصول المساعدات العثمانية والبريطانية فى أغسطس 1801.