البيضة والحجر، في عام 1990 قرر كل من المخرج علي عبد الخالق والمؤلف محمود أبو زيد تنفيذ فيلمهم الرابع “البيضة والحجر”، وذلك بعد أفلام العار والكيف وجري الوحوش.
الفيلم كان من بطولة أحمد زكي، معالي زايد، ممدوح وافي، عبدالله مشرف.
ويتناول “البيضة والحجر” قضية التنبؤ بالغيب، قراءة الطالع واستخدام الدجل والشعوذة في شفاء المريض، وفك الأعمال، ويؤكد أن من يدعي قدرته على القيام بهذه الأعمال أفاك يلعب بالبيضة والحجر، ويلجأ للنصب والاحتيال لخداع الجهلة والمغيبين.
مسرحية الهجايص
الفيلم في البداية كان يحمل اسم “الهجايص”، ولكن الرقابة اَنذاك رفضت هذا الإسم، فتم تسميته “البيضة والحجر (معنى اللعبة)”.
والغريب أن العمل كان من الأساس عملا مسرحيا وكان سيقدمه الفنان محمود عبدالعزيز وبسبب انشغاله في عدد من الأعمال الفنية، لم يتم التعاون، وقرر وقتها أبو زيد تحويل النص المسرحي إلى سيناريو فيلم، على أن يقوم ببطولته الفنان الراحل أحمد زكي.
وأكد “أبوزيد” عن هذا الشأن في حوار تليفزيوني عُرض قبل رحيله بأيام على التليفزيون المصري: “كتبت البيضة والحجر كمسرحية لمحمود عبدالعزيز، وكنت كاتب الأغاني كما جاءت في الفيلم منها (جابوا الخبر من ع الشجر والدنيا دي فيها العبر)، ولأن العمل لم يكن من إنتاجي فلم أستطع تأجيله لحين انتهاء محمود من ارتباطاته، وبالفعل تحدثت مع محمود وقولت له إنني سأعرض العمل على أحمد زكي”.
وأضاف أبو زيد: “كنت عايز أتعامل مع أحمد، حبيته واقتنعت بيه من الجلد للنخاع، كان عبقري تمثيل، وتمسكت به رغم تخوف البعض لأنه لا يمتلك نفس خفة ظل محمود عبدالعزيز، لكنني كنت مقتنعا أن أحمد زكي كممثل يستطيع أداء الدور”.
قصة فيلم البيضة والحجر
يتناول الفيلم قضية التنبؤ بالغيب و قراءة الطالع واستخدام الدجل والشعوذة في شفاء المريض، وفك الأعمال، ويؤكد من خلال مشاهد صريحة وأخرى خفية، أن من يدعي قدرته على القيام بكل هذا الأعمال يلعب ب”البيضة والحجر”، ويلجأ للنصب والاحتيال لخداع الجهلة والمغيبين.
ويسرد الفيلم قصة أستاذ فلسفة ترغمه ظروفه المادية الصعبة على استئجار غرفة فوق سطح عمارة متواجدة بحي شعبي، حيث يقابل أصناف متعددة من البشر، قاسمهم المشترك إيمانهم بالسحر والشعوذة، فيحاول الأستاذ المثقف من خلال مواقف مختلفة أن يقنع الناس الذين يظنون أنه خليفة لعراف كان يستأجر الغرفة نفسها، بأنهم يعيشون في وهم كبير، لكن كان لهم رأي آخر.
ومن بين أهم العبارات التي رددها بطل الفيلم وظلت راسخة في ذاكرة من شاهدوه في السينما قبل 33 سنة، و على قنوات التلفزيون أو على مواقع في الأنترنيت، وظل أيقونة طول هذه المدة “ويل للعالم إذا انحرف المتعلمون”و “الدجل هو اللعب الذكي بآمال وأهواء الناس”و “النفس خلقت مطيعة للأوهام”.
صراع مستطاع الطعزي وسباخ التيبي
وتدور قصة الفيلم حول أحمد زكي الذي يقوم بدور مدرس الفلسفة “مستطاع الطعزي”، مستطاع هو مدرس فلسفة ويظهر من بداية الفيلم تأثره بما يدرسه في المدرسة لطلابه، وتأثره برسالة الدكتوراه التي يحضرها، ويظهر هذا التأثر في عدة شعارات يعيش بها مستطاع الطعزي حياته، أول هذه الشعارات “أنا إذا غلا شيء علي تركته فيكون أرخص ما يكون إذا غلا” ومن هنا نجد أن مستطاع الطعزي يبدأ في ترك أي شيء يضعه تحت ضغط، ولا يكاد شيء يصبح عبئًا عليه حتى يتركه في الحال.
بعيدًا عن مستطاع الطعزي يبدأ الفيلم بمشهد في سطح إحدى البنايات الشعبية، نجد الحكومة تنتشر على أعلى البناية وتريد فتح غرفة قديمة وذلك بسبب طلب من صاحب البناية، لكن نجد أن سكان البناية يرفضون عملية فتح الغرفة القديمة، وهنا تظهر معالي زايد في دور “قمر الغسالة” التي ترفض فتح الغرفة بشدة ويظهر عليها خوف كبير، وبمراقبة المشهد الافتتاحي ستشعر أن فتح هذا الباب سيكون السبب في نزول اللعنات على السكان والمُشاهد نفسه، وسنعرف أن سبب هذه الضجة وسبب هذا الخوف والذعر، هو أن ساكن الغرفة القديم دجال يسمى “سباخ التيبي” ويقوم بدوره محمود السباع.
مع تقدم أحداث الفيلم نرى امرأة تأتي بابنها إلى سباخ التيبي، وعلى الرغم من عدم وجوده يرسلها البواب إلى مستطاع، تلح السيدة عليه أن يساعد ابنها الذي لا يستطيع إقامة علاقة جنسية مع زوجته، مع زيادة الإلحاح يوافق مستطاع ويذهب إلى ابنها، ويخبره أشياء بسيطة عن زوجته ونفسه كان يجهلها، وهكذا يفعل مع زوجة الرجل، بعد هذه النصائح ينجح الزوجان في إقامة علاقة جنسية، وهنا تأتي والدة الرجل وتشكر مستطاع لكن بطريقة جعلت جميع الناس تعرف ماذا حدث، وعلى الرغم من أن العلاقة نجحت بسبب معرفة بعض الأشياء التي كان الزوجان يجهلانها إلا أن الناس قالت إن النجاح حدث بسبب بركات الشيخ، وهنا بدأت أسطورة جديدة.
لا يعرف مستطاع الطعزي أي شيء عن عالم الدجل، لكنه يعرف جيدًا كيف تلعب الحاجة دورًا هامًا في نفسية البشر، وكيف يمكن أن تحول الحاجة والأمنية الإنسان إلى عبد وسجين، ومن هنا انطلق مستطاع الطعزي في بناء اسمه وتضخيم نفسه كأسطورة لا تقارن بأحد، المدرس البسيط يستطيع أن يجلب الحب، ويحل العقد، يخبرك ماذا تفعل عند حدوث مشكلة معينة، كما يخبرك بحظك ومستقبلك؛ تعلم مستطاع كيف يسوق لنفسه جيدًا، فنجد أن صوره بدأت بالنزول في الصحف والمجلات، كما بدأ بالانخراط في المجتمعات الرفيعة وذلك بفضل صاحب الكوافير طاروطة، بدون أي موهبة أو علم أو شيء حقيقي بدأ رجل بسيط يتحول لمنقذ في أعين الناس والسبب في كل هذا أنه يُسمع الناس ما يريدون سماعه.