فؤاد الأول.. الأمير المفلس الذي تحول إلى ملك مصر والسودان وسيد النوبة وسر الطلقة التي عاش بها في رقبته

السلايدر, ثقافة , Comments Disabled

في 9 أكتوبر عام 1917، أصبح الأمير أحمد فؤاد سلطانا على مصر خلفا لأخيه السلطان حسين كامل، ثم صار ملكا عام 1923 بعد اعتراف بريطانيا باستقلال مصر، وتغير لقبه إلى ملك مصر والسودان وسيد النوبة وكردفان ودارفور، وتوفي في مثل هذا اليوم 28 إبريل عام 1936 وقد شهد عصره الكثير من الأحداث المهمة في تاريخ البلاد.

أحمد فؤاد الأول هو الابن الأصغر للخديوي إسماعيل الذي أصدر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني فرمانا بعزله في يونيو عام 1879.

ولد أحمد فؤاد في الجيزة في 26 مارس عام 1868.

وغادر الخديوي إسماعيل بعد ثلاثة أيام من إقالته برفقه أفراد من عائلته إلى المنفى في إيطاليا حيث نشأ ابنه فؤاد وتعلم هناك، ونتيجة لذلك، اكتسب معرفة كبيرة بالشؤون الأوروبية وأتقن عدة لغات.

وقد عاد فؤاد للإقامة الدائمة في مصر في تسعينيات القرن التاسع عشر، وبدأ تعلم السياسة المصرية كمساعد للخديوي عباس الثاني.
في عام 1917 تولى فؤاد السلطة كسلطان، وبعد عامين فقط اندلعت الثورة المصرية الثانية بقيادة سعد زغلول.

دستور 1923

وتم تمهيد الطريق لصياغة دستور مصري والمصادقة عليه وصدر مرسوم ملكي في 19 أبريل1923 بإعلان فؤاد ملكا على مصر والسودان وسيد النوبة وكردفان ودارفور.
على الرغم من أن مصر أصبحت من الناحية النظرية ملكية دستورية، إلا أن الدستور المصري منح الملك سلطات كبيرة، فكان بإمكان فؤاد أن يصدر تشريعات، ويعقد البرلمان ويحله، فضلا عن تدخله في الشؤون المدنية والعسكرية للدولة.

وقد أدى ميل الملك فؤاد نحو السلطة الاستبدادية إلى صدامه الدائم مع القوى الوطنية في البلاد بقيادة حزب الوفد. وأدى هذا إلى صراع بين القصر وحزب الوفد استمر منذ عام 1923 حتى وفاته.

وقد أدى هذا الصراع إلى حل البرلمان المصري الذي كان يهيمن عليه الوفد في عام 1930 وإلغاء أول دستور واستبداله بآخر، مرة أخرى بأمر ملكي وفي نفس العام.
وقد قاطعت القوى الوطنية البرلمان “المنتخب” في عام 1931 وفقا للدستور الجديد، وكان عدم تمثيله للأطياف السياسية صارخا لدرجة ظهور الخلاف الاجتماعي والسياسي الكبير بشكل واضح.

وأدى التوتر والحكم الاستبدادي في النهاية إلى حدوث ضغوط مضادة، وفي عام 1934 تم إسقاط الدستور الملكي لصالح دستور عام 1923.

وأعادت الانتخابات الجديدة الوفد إلى السلطة.

وخلال عامه الأخير، ركز فؤاد، إلى جانب القوى الوطنية الأخرى، على مراجعة العلاقة التعاهدية بين مصر وبريطانيا.

وقد مهدت المفاوضات التي بدأها فؤاد وأنصاره المصريون أخيرا الطريق لإبرام معاهدة أكثر ملاءمة بين بريطانيا ومصر، وهي تلك المعاهدة التي وقعها خليفته فاروق عام 1936.
وفاروق هو الابن الوحيد لفؤاد وثمرة زواجه الثاني من نازلي عام 1919. وكانت فوزية ابنة فؤاد هي الزوجة الأولى لشاه إيران وطلقت عام 1948.

نهضة اقتصادية وفنية 

شهد عصره الملك فؤاد الأول تأسيس بنك مصر عام 1920، و شركة مصر للطيران في عام 1931، ومطار ألماظة ومطار في الاسكندرية، وإرسال عدد من الطلبة لتعلم الطيران في لندن ومن ثم انشاء مدرسة مصر للطيران وقامت الشركة بشراء 4 طائرات وصلت الاسكندرية في عام 1932. كما تأسست مدينة بورفؤاد.

ومن الناحية الثقافية تأسست الجامعة الأمريكية عام 1920 والجامعة الأميرية في عام 1925 التي كان أحمد لطفي السيد أول مدير لها ومنحها فؤاد اسمه لتصبح جامعة فؤاد الأول.
كما تأسس مجمع اللغة العربية في عام 1932، وأنشئت الاذاعة المصرية في عام 1934، وتم اختيار نشيد وطني مصري من تأليف أحمد شوقي بدلا من النشيد السلطاني الخديوي الذي ألفه الموسيقار الإيطالي فردي.
ويقول رزق في كتابه إن فن التمثيل والمسرح شهد تطورا في عهد فؤاد بافتتاح معهد فن التمثيل عام 1930، فضلا عن ظهور فن السينما واستديوهات ايزيس و رمسيس وازدياد الاهتمام بالافلام الصامتة والناطقة.
وفي عهده أيضا نحت تمثال نهضة مصر للنحات محمود مختار الذي تعلم في باريس ثم عاد للقاهرة، وقد افتتحة الملك فؤاد في 20 مايو عام 1928.

 

الأمير المفلس

ورثت شويكار عن جدها أراضي ومزارعاً وعقارات، ما جعلها من أغنى سيدات مصر والوطن العربي في عصرها وزمانها.
لفت هذا الثراء الفاحش انتباه الأمير الشاب أحمد فؤاد، نجل إسماعيل باشا، الذي كان يعمل كبير ياوران الخديوي عباس حلمي الثاني، حاكم مصر من سنة 1892 ولغاية عام 1914. كان الأمير فؤاد في السابعة والعشرين من عمره عندما تعرف على الأميرة شويكار في إحدى مناسبات قصر الزعفران، وكان حينها أميراً مفلساً أضاع ثروته على طاولات القمار في نوادي القاهرة. وقد رأى فيها فؤاد سبيلاً للخروج من محنته المادية، وتم الزواج بينهما بتاريخ 14 شباط 1895، في حفل بسيط أقيم في قصر الزعفران.

كان والده الخديوي إسماعيل منفياً في إسطنبول يومها، وقد توفي إسماعيل في 2 آذار 1895، بعد أسبوعين من زواج ابنه فؤاد على الأميرة شويكار، وقد قبلت شويكار بأن يكون مهرها مؤجل، بسبب ضائقة زوجها المالية.

حادثة نادي محمد علي

انتقلت شويكار من قصر الدوبارة، حيث كانت تعيش مع أشقائها، للعيش في قصر الزعفران، وبعد مدة، اكتشفت أن المال وحده كان دافع الأمير فؤاد في الزواج منها، فقد استقال من عمله في قصر الخديوي لإدارة أملاك زوجته، وكان يعتمد عليها لتأمين رواتب الخدم والحراس ونفقات حياته المترفة، ومنها طبعاً، لوازم القمار اليومي. وفي المقابل، لم يكن فؤاد ذلك الزوج الرؤوف والحنون، بل كان غليظاً فظاً في تعامله مع شويكار، يقسو عليها بالكلام والأفعال، لدرجة وصلت إلى الضرب والإهانة.

عندما سمع بحادثة الضرب، جنّ جنون شقيقها الأمير سيف الدين، وفي 7 مايو 1898، أثناء سهرة لفؤاد فى “كلوب محمد علي” المبنى الذى مازال موجودا فى تقاطع شارع طلعت حرب مع البستان على بعد خطوات من ميدان التحرير، وأطلق عليه الرصاص.

وفى المقابل أخرج الأمير فؤاد مسدسه من جيبه وحاول إطلاقه لكن ظنه خاب إذ كان خاليا من الرصاص.

وبمعجزة نجح الأطباء فى إنقاذ حياة الأمير فؤاد، لكن الشظايا فى رقبته بقيت موجودة وخاف الأطباء من إزالتها خشية من أن تتسبب عملية الإزالة فى مضاعفات أكبر.

أما الأمير أحمد سيف فبدلا من دخوله السجن وضعت أملاكه تحت حراسة وكان ثانى أغنى شخص فى مصر، وأرسل إلى مصحة عقلية فى لندن عاش فيها منذ سنة 1900 محروما من الحياة، وزادت معاناته عند وفاة السلطان حسين كمال سنة 1917 ورفض ابنه الأمير كمال الدين تولى حكم مصر، ليكون التالى ليه فى ترتيب الحكم الأمير فؤاد ابن إسماعيل، والذى يصبح السلطان فؤاد.

فى سنة 1925، وبعد ربع قرن من حبسه فى المصحة، تنجح محاولات شويكار وعائلتها فى تهريب أحمد سيف من المصح العقلى فى إنجلترا بعد تدهور صحته، ليعيش قصة هروب طويلة من فرنسا، لإيطاليا، ثم تركيا أخيرا علشان يستقر هناك لغاية وفاته.

وفى سنه 1936 يموت الملك فؤاد وبعده بعام سنه 1937 يموت أحمد سيف، أما الأميرة شويكار فتعيش حتى سنة 1947، وتصبح أكثر المقربين من الملك فاروق، وتنبت بينهما لاقة محبة وولاء خاصة، لأنها اعتبرته الأبن الولد الذى حرمت منه.

وكانت نتيجة هذه الزيجة القصيرة مولود اسمه إسماعيل على اسم جده، ولد في مدينة نابولي الإيطالية وتوفي رضيعاً بعد أشهر في الإسكندرية سنة 1896. ولفؤاد من الأمير شويكار بنت اسمها الأمير فوقية، اشتهرت في سنوات لاحقة بعد زواجها من محمود فخري باشا، وزير خارجية مصر في مطلع العشرينيات وسفيرها في باريس.

الملكة نازلي

وبقي الملك فؤاد عازباً طيلة عشرين سنة، يرفض تكرار التجربة لكثرة النساء المحيطين به، من أجنبيات وتركيات وعربيات. ولكنه أعجب بنازلي عندما رآها للمرة الأولى في دار الأوبرا في القاهرة، وقرر الاقتران بها بهدف أن يكون له ابن يرث من بعده عرش المملكة المصرية
لم يكن فؤاد فتى أحلامها وكان يكبرها بستة وعشرين سنة، ولم يكن بنفس المستوى الثقافي التي كانت عليه نازلي، خريجة المدارس الفرنسية الداخلية الخاصة وكوليدج نوتردام الفرنسية في الإسكندرية. وكان زواجها من فؤاد هو الزواج الثاني بالنسبة لها، بعد زواج قصير من ابن عمها التركي خالد صبري، الذي لم يستمر إلا 11 شهراً فقط. وبعدها عاشت مدة في منزل الزعيم المصري سعد زغلول باشا، حيث تعرفت على ابن أخيه بواسطة زوجته صفية زغلول (أم المصريين). فقام الشاب بطلب يدها للزواج وتمت الخطوبة، ولكن علاقتهما لم تتكلل بالزواج بسبب نفيه مع عمه خلال الثورة على الإنجليز.

وكان فؤاد يمنعها من ممارسة أي مهام ملكية، ويختصر نشاطاتها على الاستقبالات النسائية داخل القصور، في وقت كانت هي تطمح لدور مجتمعي أوسع، يشبه دور ملكات أوروبا. وقد يكون هذا الأمر ناتج عن غيرة فؤاد من زوجته وإعجاب الأجانب بفصاحتها وبلاغتها، تحديداً بعد سفرهم معاً إلى فرنسا سنة 1927، حيث أصبحت نازلي محط أنظار الصحف الباريسية وصارت أخبارها، لا أخباره، تتصدر الصفحات الأولى.

 

 

 

 


بحث

ADS

تابعنا

ADS