يا كدابين دلوني …الكدب فين أراضيه

وجهات نظر , Comments Disabled

لو كانت المطربة أحلام صاحبة الأغنية الشهيرة (يا عطارين دلونى الصبر فين أراضيه)..على قيد الحياة..لغيرتها مع بداية شهر إبريل ليكون مطلعها ..” يا كدابين دلونى..الكدب فين أراضيه”..في ذلك  الشهر الذي يحتفل فيه العالم بكدبة إبريل، ويتفنن  المصريون في ابتكار أنواع من الكذب، رغم أنهم يمارسونه بصفة يومية، نعم  نحن كدابون بالفطرة، وأهلنا يعودوننا على الكذب منذ نعومة أظافرنا فهم  أول من يعلمون الأطفال الكذب وبعد ذلك يقولون لهم ..حرام  وغلط وعيب.

ففي  كثير من الممرات نجد الأب يطلب من ابنه الطفل أن يرد على التليفون ويقوله لو عمو فلان قوله بابا مش موجود.. وطبعا نحن كأطفال لم نعرف الكذب بعد ..نقول ..بابا بيقولك  مش موجود..أو الأم تقول لطفلها لو طنط أم علي اللتاتة.. الرغاية طلبتني  أو خبطت على الباب قول لها ماما نايمة..فبحسن نية تقول البنت لجارتهم ماما بتقولك  هى نايمة أو الأب يقول للأولاد ما تدخنوش لأن التدخين يضر الصحة وهو طول اليوم السيجارة في إيده زى البزازة واللي يغيظك يا أخي لما الأب من دول ولا الأم بيفهموا ولادهم إنهم كانوا نابغة ولا نابغة الذبياني في زمانه ومن الأوائل في المدرسة ولما الطفل من ولادهم يحتاج منهم شرح لدرس أو مسألة رياضية تلاقيهم “واكلين سد الحنك” و”تور لله في برسيمه” وكده العيل من دول يعرف إن أبوه وأمه كذابين.. بقي كانوا أوائل.. ولو كل الآباء والأمهات أوائل مين يا تري كان الأخير ومين اللي كان بيسقط في الامتحان  وشهادته مليانة ” كحك” وقرص بعجوة وبيعيد السنة. فالكذب في بلادنا ليس استثناء ، فنحن شعب لا نستطيع الاستغناء عنه وجعلناه أسلوب حياة، وصنفناه لأبيض وأسود وبتنجاني  وألوان أخرى، وعندما يكون الكذب أسلوب حياة يبرره الجميع بمصطلح ” كذب أبيض ما يضرش”  فالكذب ملح الرجال وسكر النساء الذي لا يستغنى عنه أبداً فكما يقول أحد الحكماء، المرأة لديها براعة وقدرة على حبك الأمور والكذب وهى أدرى بأساليبه وتكشف الرجل الغلبان المسكين، الذى من شخطة واحدة يقر بكل كلمة حتى لو كان “محمد أحمد المصري” الشهير بـ :أبو لمعة” ملك الكذب في السينما المصرية، إلا أن المرأة استحوذت على عالم الكذب، لأنها الأكثر مبالغة في الأحاديث، فهي تبالغ في أسعار ثيابها وتكذب في عمرها، وأوصاف زوجها، أو خطيبها وترفع شعار الفنان أحمد زكي في فيلم  “أنا لا أكذب، ولكنني أتجمل” وتصدق إن” ” الستات ما بيعرفوش يكذبوا”..طيب نعمل إيه بقى في المثل اللي بيقول “الكذب مالوش رجلين “، ومع ذلك نظل نكذب في أبسط أمور حياتنا..-“طبعاً ساعات الواحد بيكذب بس بيقول أستغفر الله على طول”- هذا تبرير من اعتادوا الكذب معتقدين إن مفيش إنسان مابيكذبش  وشوف يا عم بتوع الإعلانات بذمتك مش دول كدابين ولا ده كدب لذيذ ميضرش ..ولا ده كدب بتنجاني، كما أن الكذب سلاح المرشحين في الانتخابات .

وهناك من يكذب ويقول لصاحبه الذي تأخر عليه عدة ساعات  الطريق زحمة..لسه في المواصلات وهو لم يقم من سريره أو يتحرك من بيته.. سيبك من دول كلهم اللي بتعمله الستات فينا مش كدب.. في ليلة الدخلة لما تشوف قمر معاك في الأوضة والصبح تلاقي واحد صاحبك نايم جنبك ولا كأنك كنت شارب حاجة أصفره.. لذلك أنا مع مقولة امسح ماكياج صاحبتك تلاقى عزت ابن عمتك، لذلك المرأة تنتقم مما حدث في هذه الليلة كتلك السيدة التي اتهمت زوجها بانتمائه لجماعة الإخوان وبتفخيخها بحزام ناسف، تمهيدا لتفجيرها عن بعد.

فلماذا ننتظر 1 إبريل ونحتفل بالكذب، فهو ليس يوما وطنيا أو معترفًا به كاحتفال رسمي لكنه يوم اعتاد  الناس أن يجعلوا فيه الكذب مباحًا لخداع بعضهم البعض، بإطلاق الشائعات أو الأكاذيب ويطلق على من يصدق هذه الشائعات أو الأكاذيب “ضحية كذبة أبريل”. وقد تحدث من جراء هذا الكذب مواقف طريفة وأخرى محزنة تتسبب في خراب  بيوت أو وفاة إنسان قلبه ” كوكو الضعيف” حين يسمع أن بيته اتحرق ..أو أن ابنه اتخطف ومطلوب منك 5 مليون جنيه لعودته.

وكدبة إبريل بدأت في فرنسا بعد تبني التقويم المعدل الذي وضعه شارل التاسع عام 1564م وكانت فرنسا أول دولة تعمل بهذا التقويم وحتى ذلك التاريخ كان الاحتفال بعيد رأس السنة يبدأ في يوم 21 مارس وينتهي في الأول من إبريل بعد أن يتبادل الناس هدايا عيد رأس السنة الجديدة.

وعندما تحول عيد رأس السنة إلى الأول من يناير ظل بعض الناس يحتفلون به في الأول من إبريل كالعادة ومن ثم أطلق عليهم ضحايا أبريل. وأصبحت عادة المزاح مع الأصدقاء وذوي القربى في ذلك اليوم رائجة في فرنسا ومنها انتشرت إلى البلدان الأخرى وانتشرت على نطاق واسع في إنجلترا بحلول القرن 17 الميلادي ويطلق على الضحية في فرنسا اسم السمكة وفي اسكتلندا نكتة أبريل.

ويعتبر الشعب الإنجليزي أشهر شعوب العالم كذباً في أول إبريل ويطلق الإنجليز على اليوم الأول من إبريل اسم “يوم جميع المغفلين والحمقى ” All Fools Day لما يفعلونه من أكاذيب حيث قد يصدقهم من يسمع فيصبح ضحية لذلك فيسخرون منه. هذه الكذبة التي جرت في أول أبريل عام 1860م في هذا اليوم حمل البريد إلى مئات من سكان لندن بطاقات مختومة بأختام مزورة تحمل في طياتها دعوة كل منهم إلى مشاهدة الحفلة السنوية “لغسل الأسود البيض” في برج لندن في صباح الأحد أول إبريل مع رجاء التكرم بعدم دفع شيء للحراس أو مساعديهم وقد سارع جمهور غفير من السذج إلى برج لندن لمشاهدة الحفلة المزعومة. وإلى جانب هذه المواقف المضحكة هناك مآسٍ باكية حدثت بسبب كذبة أول إبريل فقد حدث أن اشتعلت النيران في مطبخ سيدة إنجليزية في لندن فخرجت إلى شرفة المنزل تطلب النجدة ولم يحضر لنجدتها أحد إذ كان ذلك اليوم صباح أول أبريل. وسواء أكانت هذه الأقوال صحيحة أو من قبيل كذبة إبريل فليس هناك دليل أكيد على صحتها.