محمود عبدالعزيز، “رأفت الهجان.. ديفيد شارل سمحون”، هي الشخصية الأشهر التي جسدها الفنان محمود عبدالعزيز، الذي رحل ولد في مثل هذا اليوم 4 يونيو عام 1946، من خلال أحداث مسلسل رأفت الهجان، الذي يعد ملحمة مهمة من ملف المخابرات المصرية، والذي جرى عرضه على مدار 3 أجزاء في أعوام 1988، 1990، 1992.
حقق محمود عبدالعزيز، نجاحًا كبيرًا في الشارع المصري الذي ارتبط وجدانيًا بمسلسل رأفت الهجان وجميع أبطاله، وحفظ أسماء شخصياتهم داخل هذه العمل الملحمي أبرزهم “محسن ممتاز، نديم هاشم، استر بولينسكي، سيرينا أهاروني”.
محمود عبد العزيز ومسلسل رأفت الهجان
كواليس كثيرة صاحبت مسلسل رأفت الهجان، خلال فترة تحضيره من قبل المخرج يحيى العلمي، والكاتب صالح مرسي، منها عرض شخصية “رأفت أو ديفيد شارل سمحون” على الفنان عادل إمام قبل أن يذهب الدور إلى الفنان محمود عبدالعزيز، الأمر الذي تسبب في إحداث فجوة كبيرة في علاقتهما.
أسباب كثيرة ساهمت في عدم قيام الفنان عادل إمام بشخصية رأفت الهجان، منها نجاحه في شخصية جمعة الشوان، خلال أحداث مسلسل دموع في عيون وقحة، للمخرج يحيى العلمي، والكاتب صالح مرسي عام 1980، وبالتالي وجد صناع العمل صعوبة في أن يقوم الزعيم بهذا الدور بعدما ارتبط الجمهور به في شخصية “الشوان”.
ومن بين الأسباب أيضًا التي أعاقت حصول عادل إمام على بطولة مسلسل رأفت الهجان، رغم تحمسه الشديد له، هو غياب عنصر الشكل والملامح، في الوقت الذي كانت شخصية رأفت الهجان، تتطلب انتماءه لليهود وتمتعه بملامح غربية وبشرة فاتحة.
كما تضمنت الأسباب التي جعلت محمود عبدالعزيز يفوز بـ”رأفت الهجان”، اعتراض عادل إمام خلال جلسات التحضير التي جمعته بمخرج المسلسل يحيى العلمي، والكاتب صالح مرسي، بطريقة سرد الأحداث والتي بدأت بوفاة رأفت الهجان “ديفيد شارل سمحون”، وتأكيده أن ذلك بمثابة حرق التفاصيل للمشاهد في البداية، وهو ما قوبل بالرفض من قبل صناع المسلسل.
تحمس الفنان محمود عبدالعزيز، لشخصية رأفت الهجان، ومن فرط إعجابه بهذا العمل الملحمي لم يتفاوض في أجره، ولم يمل أي شروط، خصوصًا وأنه كان يعي أنه أمام عمل تاريخي سيزيد من رصيد الساحر لدى جمهوره.
بعد نجاح محمود عبدالعزيز وتربع مسلسل رأفت الهجان على قمة الأعمال الدرامية، حدث توتر في علاقته بالفنان عادل إمام، عندما كتبت الصحافة وقتها عن استبعاد الزعيم من العمل وإسناده للساحر الذي حقق نجاحًا مدويًا، وسادت قطيعة بين النجمين وخروج تصريحات من كلا الطرفين بأن دور رأفت الهجان عرض على كل منهما قبل الأخر، وبمرور السنوات عادت العلاقة بينهما تدريجيًا.
سر لقاء محمود عبد العزيز بالرئيس مبارك
كشف الفنان أحمد شاكر عبد اللطيف والذي كان يسكن في نفس البناية التي يتواجد بها عبد العزيز، وكان والده صديقا للفنان الراحل، الذي كان يمنحه النصائح قبل الالتحاق بالوسط الفني.
وروى شاكر أن عبد العزيز أخبره بقصة المسلسل، بعدما تم ترشيحه في البداية لأداء البطولة، قبل أن يتم منح العمل لفنان آخر، في إشارة إلى عادل إمام وقصة الصراع الشهير على الدور بينه وبين عبد العزيز.
وقتها شعر محمود عبد العزيز بالحزن الشديد وقرر أن يترك الأمور لله، ويصطحب أسرته إلى المملكة العربية السعودية لأداء العمرة، حيث كان في ضيافة أحد أفراد الأسرة المالكة.
وتصادف وقتها أن يقوم الرئيس مبارك بزيارة إلى السعودية، فتقرر أن يرتدي عبد العزيز الملابس الوطنية السعودية ويكون في استقبال الرئيس مبارك، كنوع من أنواع المفاجأة.
وبالفعل حينما التقاه الرئيس الراحل أكد له أنه يشبه محمود عبد العزيز، فرد الفنان المصري معلنا عن هويته، وقص على مبارك القصة الخاصة به قائلا “أنا زعلان يا ريس”.
فما كان من الرئيس مبارك إلا أن يعده بأنه من سيقدم دور “رأفت الهجان”، وطلب منه العودة إلى مصر، وهو ما تحقق بالفعل، وقدم عبد العزيز واحدا من أهم أدواره الفنية.
وكشف شاكر أن الفنان الراحل حاول تصفية الأجواء مع عادل إمام بعد المسلسل، وتواصل معه ليطلب منه رأيه حول المسلسل وكيفية تقديمه للدور، وانه يتمنى أن يكون قد نال إعجاب الزعيم.
محمود عبد العزيز
ولد في حي الورديان غرب الإسكندرية وكان ينتمي إلى أسرة متوسطة، تعلم في مدارس الحي إلى أن انتقل إلى كلية الزراعة جامعة الإسكندرية وهناك بدأ يمارس هواية التمثيل من خلال فريق المسرح بكلية الزراعة.
حصل محمود عبد العزيز على درجة البكالوريوس ثم درجة الماجستير في تربية النحل. بدأت مسيرته الفنية من خلال مسلسل «الدوامة» في بداية السبعينيات حين أسند له المخرج نور الدمرداش دوراً في المسلسل مع محمود ياسين ونيللي، ومع السينما من خلال فيلم «الحفيد» أحد كلاسيكيات السينما المصرية (1974)، وبدأت رحلته مع البطولة منذ عام 1975 عندما قام ببطولة فيلم «حتى آخر العمر».
في خلال 6 سنوات قام ببطولة 25 فيلماً سينمائياً، وخلال تلك الفترة ظل يقدم الأدوار المرتبطة بالشباب والرومانسية والحب والمغامرات. منذ عام 1982 بدأ بالتنويع في أدواره، فقدم فيلم «العار» ورسخ محمود عبد العزيز نجوميته بعد هذا الفيلم، ونوع أكثر في أدواره فقدم دور الأب في «العذراء والشعر الأبيض». وفي فيلم تزوير في أوراق رسمية، ثم دور عميل المخابرات المصرية والجاسوس في فيلم «إعدام ميت»، وقدم شخصيات جديدة في أفلام الصعاليك والكيف الذي حظي بنجاح جماهيري كبير.
في عام 1987 قدم فيلماً من أهم أفلامه وهو البريء، وفي منتصف الثمانينيات تقريباً قدم دوراً من الأدوار الهامة في حياته الفنية وهو دور رأفت الهجان في المسلسل التليفزيوني الذي يحمل نفس الاسم وهو من ملف المخابرات المصرية. بلغ عدد أفلامه نحو 84 فيلماً، قام فيها بدور البطولة. وقد تنوعت هذه الأفلام ما بين الرومانسية الكوميديا والواقعية.
جوائز محمود عبد العزيز
حصل محمود عبد العزيز على العديد من الجوائز السينمائية من مختلف المهرجانات الدولية والمحلية من أهمها:
• جائزة أحسن ممثل عن أفلام «الكيت كات»، «القبطان»، «الساحر» من مهرجان دمشق السينمائي الدولي.
• جائزة أحسن ممثل عن فيلم «سوق المتعة» من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
• جائزة أحسن ممثل عن فيلم «الكيت كات» من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي.
• جائزة أحسن ممثل مشاركة مع الفنان عمار محمد حسان. في فيلم الليالي المقمرة
توفي في يوم السبت 12 نوفمبر 2016 بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 70 عاما في الساعة الثانية عشر ودُفن بمقابر أم جبيبة بالورديان بالقرب من منزله الذي تربّى فيه.