نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية فيلما وثائقيا يكشف كيف تخفي الشركة الخاصة تدفق ثرواتها ومواردها التي ترتبط في النهاية بالكرملين، مستعرضة رحلة صعود بريجوجين قائد فاجنر من “طباخ بوتين” إلى قيادة تمرد مسلح في روسيا.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن مجموعة فاجنر بدأت كقوة سرية صغيرة، لكنها تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى “عصابة حرب عالمية” يقودها يفجيني بريجوجين، حيث تعمل على نهب الذهب والماس بينما تحقق مصالح الكرملين الاستراتيجية، وتصبح وجه الهجوم الروسي في أوكرانيا، على حد تعبيرها.
“أنا أمثل شركة فاجنر العسكرية الخاصة. ربما سمعتم عنها. هل لديكم أي أحد يمكنه إخراجكم أحياء من هنا؟ سأخرجكم أحياء. لكن لا ضمانة لأن تعودوا وأنتم على قيد الحياة”، كانت تلك كلمات رددها بريجوجين خلال مقطع فيديو انتشر عبر الإنترنت في سبتمبر عام 2022، والذي كان يتحدث فيه أمام السجناء ويعرض عليهم فرصة للقتال في أوكرانيا.
وتلعب مجموعة فاجنر شبه العسكرية الروسية دورا بارزا في الحرب الروسية في أوكرانيا، وحتى أنها كانت قد سيطرت على مدينة باخموت قبل أن تسلمها إلى القوات الروسية.
لكن منذ أشهر تشهد علاقة زعيم فاجنر بالقيادة العسكرية الروسية توترات احتدمت بمرور الوقت، لكنها وصلت إلى نقطة انفجار، الجمعة، مع إعلان بريجوجين الحرب عليهم.
• ما هي فاجنر؟
مجموعة فاجنر عبارة عن منظمة لمرتزقة مسلحين عملوا إلى جانب الجيش الروسي خلال الحرب في أوكرانيا. ويبدو أن أصول المجموعة تعود إلى عام 2014، عندما اندلع الصراع بين أوكرانيا وروسيا بسبب شبه جزيرة القرم، بحسب مجلة “بوليتيكو” الأمريكية.
وقال بريجوجين، الذي طالما وصف بأنه مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنه سعى لبناء مجموعة مقاتلين يمكنها الدفاع عن المصالح الروسية في المنطقة. وربطت المجموعة بالصراعات في ليبيا وسوريا ودول أخرى في أفريقيا.
وشهدت المجموعة شبه العسكرية نموا كبيرا خلال الحرب الأوكرانية، حيث تضم عشرات الآلاف من المقاتلين الآن. وبصفته قائدا لمجموعة فاجنر طوال فترة الصراع، كثيرا ما اشتبك بريجوجين مع قادة الجيش الروسي.
ونشر مقاطع فيديو تعارضت مع الرواية الروسية المتعلقة بعملية عسكرية سلسلة. ويدفع في كثير من الأحيان بأن قواته قادت القتال في أوكرانيا، بينما يشكك في كفاءة الجيش الروسي. وفي مايو، سجل مقطع فيديو إلى جانب جثامين ترتدي الزي العسكري، موجها شتائم بسبب افتقار القادة للجاهزية.
وأشارت “بوليتيكو” إلى أن بوتين وبريجوجين ينحدران من سان بطرسبرج. وفي حين بدأ بوتين رحلته من المخابرات الروسية “كيه جي بي” وصولا إلى قيادة روسيا، قضى بريجوجين فترة عقوبة في السجن بداية من سنوات مراهقته قبل أن يبدأ مشروع لبيع “هوت دوج” في أحد الأسواق.
وسرعان ما دخل بريجوجين قطاع الضيافة، قبل أن يجذب اهتمام بوتين. وبحلول الوقت الذي كان فيه بوتين في أعلى المراتب بالحكومة الروسية، كان بريجوجين يساعد في تقديم وجبات العشاء الرسمي، الأمر الذي جعله يلقب بـ”طباخ بوتين”.
وبحسب “وول ستريت جورنال”، ظل بريجوجين في البداية بعيدا عن الأنظار، ونادرا ما كان يظهر للعلن. وفي حين اعتبره المسئولون الغربيون، المسئول عن فاجنر، أبقى الكرملين الأمر سرا؛ إذ لم يرد أن يعرف بوجود هذه المجموعة، ونفوا معرفة أي شيء عنها.
وقال جون سميث المدير السابق لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية لـ”وول ستريت جورنال”: “فاجنر لا يشبه أي شيء قد يفهمه الأمريكيون كشركة عسكرية خاصة. فاجنر مرتزقة يتم استئجارهم.”
وأضاف: “ما نراه هنا حقا هو منظمة غريبة للغاية، والتي لا تشبه الشركات العسكرية الخاصة التقليدية. وفي الواقع، ربما من الأفضل وصفها بعصابة شبه عسكرية تدعمها الدولة”، على حد تعبيره.
ومن جهته، قال مقاتل سابق في فاجنر، مارات جابيدولين: “أنشات مجموعة فاجنر في الأصل واستخدمت كأداة للحرب غير التقليدية؛ من أجل تهيئة ظروف معقولة للإنكار. ومن ذلك الحين، شهدت عددا من التغييرات”.
وخلال عشرة سنوات من تشكيلها، تطورت فاجنر ليصبح لديها شبكة ضخمة للأعمال التجارية تنشط بأربع قارات.
وتحققت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية من سجلات الشحن وقواعد البيانات الحكومية، ووثائق العقوبات، وسجلات الشركات، لتحديد 64 شركة مرتبطة بمؤسس فاجنر.
ووجدت الصحيفة الأمريكية أن أكثر من نصف تلك الشركات تستخدمها فاجنر كشبكة معقدة من الشركات الصورية لإخفاء تدفق الأموال والعتاد التي ترتبط في النهاية بالكرملين، على حد قولها.