اقترح وزير التراث في حكومة الاحتلال الإسرائيلي عميحاي إلياهو، ضرب قطاع غزة بقنبلة نووية، وإبادته وإقامة المستوطنات الإسرائيلية فيه.
وقال عميحاي إلياهو، اليوم الأحد: إن “إلقاء قنبلة نووية على غزة هو حل ممكن”، وفي إشارة إلى الاستغناء عن الأسرى الذين تحتفظ بهم حماس قال: “بالنسبة للمختطفين فالحرب لها أثمان”.
وشدد الوزير الإسرائيلي على وجوب إبادة غزة وسكانها، موضحاً: “قطاع غزة يجب ألا يبقى على وجه الأرض، وعلينا إعادة إقامة المستوطنات فيه”.
ورداً على ما قاله الوزير الإسرائيلي قال رئيس وزراء دولة الاحتلال، بنيامين نتنياهو: إن “تصريحات الوزير عميحاي إلياهو بإلقاء قنبلة ذرية على غزة منفصلة عن الواقع”.
أما زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد فوصف حديث وزير التراث الإسرائيلي عن استخدام النووي بغزة بأنه “صادم ومجنون، ويسيء لعائلات المختطفين (الأسرى)”.
ومنذ 30 يوماً يشن الجيش الإسرائيلي حرباً غير مسبوقة على قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 9500 شهيد، بينهم 3900 طفل و2509 نساء، وارتفع عدد المصابين إلى 24158.
البرنامج النووي العسكري الإسرائيلي
أواخر خمسينيات القرن الماضي، باشرت إسرائيل بإنشاء مفاعل ديمونة النووي، بشكل سري، بصحراء النقب. وما بين عامي 1962 و1964، باشرت إسرائيل بتشغيل هذا المفاعل الموجود بصحراء النقب. وفي الآن ذاته، اتجهت تل أبيب للاستفادة من الأبحاث النووية، بمساعدة فرنسا، بهذا المفاعل للبدء ببرنامج تسلح نووي.
وخلال الثمانينيات، جذب مفاعل ديمونة انتباه العالم. فبفضل تصريحات وصور قدمها العالم النووي الإسرائيلي مردخاي فعنونو (Mordechaï Vanunu)، اكتشف العالم طبيعة البرنامج النووي العسكري الإسرائيلي.
إلى ذلك، ولد فعنونو بمدينة مراكش المغربية عام 1954. وبعمر التسع سنوات، انتقل الأخير رفقة عائلته للعيش بإسرائيل. وهنالك، اتجه فعنونو للعمل بصفوف جيش الدفاع الإسرائيلي حيث حصل على رتبة نقيب. لاحقا، تخصص مردخاي فعنونو في مجال الفيزياء. وعقب تخرجه، أرسل الأخير للعمل بمفاعل ديمونة النووي أين أوكلت له مهمة مراقبة نسبة الإشعاعات.
أثناء فترة عمله بالمفاعل، درس فعنونو الجغرافيا بجامعة بن غريون. وهنالك، تقرب هذا الفيزيائي من عدد من الطلاب الشيوعيين ليبدأ تدريجيا بالميلان نحو اليسار الراديكالي. خلال الثمانينيات، عارض فعنونو التوجهات الخارجية الإسرائيلية وانتقد عام 1982 الحرب على لبنان. من جهة ثانية، أنشأ فعنونو حركة طلابية راديكالية وأظهر نوعا من التعاطف مع الفلسطينيين. وبسبب ذلك، تعرض الأخير لملاحقات أمنية.
أيضا، عمد مردخاي فعنونو لإدخال كاميرا بشكل سري للمرافق الحساسة بالمفاعل وأقدم على تصوير أجزاء منه لإظهار الطبيعة العسكرية للبرنامج النووي الإسرائيلي. وبسبب أنشطته السياسية المثيرة للشكوك، فصل فعنونو من عمله. ومع طرده من مفاعل ديمونة، تنقل فعنونو بين عدد من دول شرق آسيا واعتنق المسيحية، مثيرا بذلك غضب العديد من المقربين منه.
فضح الأسرار النووية
منتصف الثمانينيات، دخل مردخاي فعنونو في اتصال مع جريدة الصنداي تايمز (The Sunday Times) البريطانية وعرض عليهم فكرة تسليمهم معلومات وصورا حساسة حول طبيعة البرنامج النووي الإسرائيلي ذي التوجهات العسكرية. وبادئ الأمر، ترددت هذه الجريدة البريطانية في القيام بذلك حيث تخوف المسؤولون بها من حقيقة المعلومات التي قدمها فعنونو. في الفترة السابقة، عاشت الصنداي تايمز على وقع فضيحة غير مسبوقة بسبب قيامها بنشر مذكرات مزيفة لأدولف هتلر. وقد أثارت هذه الفضيحة حينها استياء القراء الذين شككوا في مدى مصداقية معلوماتها.
وأملا في التأكد من معلومات فعنونو، عرض الصحافيون البريطانيون بصنداي تايمز الصور على مختص بالمجال النووي. وعقب جملة من الأبحاث، أكد الأخير الطابع العسكري للبرنامج النووي الإسرائيلي وتحدث عن امتلاكها لما لا يقل عن 200 رأس نووي.
في الأثناء، حصل الموساد الإسرائيلي على معلومات استخباراتية حول أنشطة فعنونو. وللرد على ذلك، أرسل الموساد فتاة تقربت من فعنونو وأقنعته بالسفر معها نحو روما. وبالعاصمة الإيطالية، تمكن الموساد من اختطاف فعنونو ونقله لإسرائيل عقب تخديره. وفي خضم هذه الأحداث، نشرت صحيفة الصنداي تايمز الصور والتقارير التي حصلت عليها من فعنونو حول الطبيعة العسكرية للبرنامج النووي الإسرائيلي مثيرة بذلك ضجة عالمية.
في إسرائيل، مثل مردخاي فعنونو أمام القضاء بتهمة الخيانة لينال عقب نهاية جلسات المحاكمة حكما بالسجن 18 سنة. وعام 2004، أطلق سراح الأخير تزامنا مع فرض شروط قيدت حريته وجعلته تحت الإقامة الجبرية.