مع استمرار الحرب في غزة بسبب ما فعلته حماس تتباري الأقلام في شرح التصور لما حدث ولما سوف تؤول إليه الأحداث.
ومن هذه الأقلام اما شرحه أحد الكتاب الذي رأى أن حركة حماس لم تتعلم من دروس وتجارب فصائل السلفية الجهادية، فيما كان بمقدورها الاستفادة من خصوصية الساحة التي تنشط بها مكتسبة هوية مستقلة كحركة مقاومة مشروعة.
وأوصلت رعونة قادة الحركة وتهورهم إلى حد مقارنتها بداعش، والتسبب في منح إسرائيل الدعم الأميركي المالي والعسكري والضوء الأخضر لممارسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين والضرب بالقانون الإنساني وقوانين الحرب والمواثيق الدولية وتعاليم الأديان عرض الحائط.
لم تتعلم حماس من تاريخ الصراع العربي مع إسرائيل الطويل الذي خضع في حال النصر والهزيمة لموازين القوى، فلم تحارب إسرائيل في مرة من المرات وحدها، وكان معها دائمًا الغرب، والولايات المتحدة في المقدمة.
وأغفلت المقاومة التي تقودها حماس التوازن ولو نسبيًا مع الإمكانات ومع مقدرة الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة على التحمل، كما أن مواصلة تقديم التضحيات بلا عوائد سياسية جعلها تستزف الشعب بدلا من العدو.
وفوتت حماس فرصًا ثمينة لتطوير أدائها وتعظيم مكاسب الفلسطينيين على الأرض من خلال فعل مقاوم غير مرتبط بمحاور وأيديولوجيات يجمع عموم الفلسطينيين على منهج وهدف وطني موحد تحت مظلة وطنية.
وقضى ردها العسكري على تصعيد إسرائيل في القدس قبل نحو عامين على حراك شعبي وسياسي بدأ في النمو والانتظام ضد طرد الفلسطينيين من بيوتهم بحي الشيخ جراح في القدس المحتلة.
وبدلًا من المساهمة في رعاية الحراك الشعبي ليتحول إلى انتفاضة كبرى بطول مساحة فلسطين المحتلة وعرضها تضع إسرائيل في مأزق حقيقي، ومن ربط الأقصى بالمقاومة في غزة والدفاع عن القدس وخلق قضية مشتركة لسكان المجتمع العربي، إلى جلب التعاطف معها والاستفادة من ملف القدس، تدخلت حماس في مايو 2021 بصواريخها لتحصر المسألة مجددًا في كونها مواجهة بين إسرائيل ومتمردين مسلحين مختبئن في غزة.
وجدت حماس نفسها في ذلك الوقت قادرة على تحدي إسرائيل في عملية “حارس الأسوار” أو كما سمتها حماس “سيف القدس” وانتزاع بعض التنازلات لصالحها، مقتنعة أن الجولة سوف تنتهي ويعود الهدوء، غانمة الامتيازات والتسهيلات الإضافية.
في عملية “طوفان الأقصى” أرادت حماس إذلال إسرائيل وإهانة كبريائها مستغلة ما تعانيه من أزمة داخلية قاسية، بجانب رغبتها في إحراج العرب على خلفية قرب إبرام اتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية.
وحاولت حماس أن تُظهر بعد نصف قرن من الانتصار المصري في حرب أكتوبر 1973 أنها تقدر على فعل الشيء نفسه لتعزيز مكانتها في العالم العربي، وإثبات أنها وإيران قادرتان على إلحاق هزيمة عسكرية بإسرائيل لإحراج القادة العرب الذين صنعوا السلام معها.
وفي حين ذهب الرئيس المصري أنور السادات إلى الحرب مع إسرائيل من أجل صنع السلام واسترداد الأرض، ترفض حماس التفاوض وفق إطار يعترف بوجود إسرائيل وفكرة حل الدولتين، وتبدو كمن ليست لديه أي مصلحة في صنع السلام.
وينتمي أداء حماس أيديولوجيا وحركيا وولائيا إلى نهج وفكر وتكتيكات التنظيمات الجهادية، خاصة القاعدة، ولا علاقة لها بتصورات ومناهج وأداء الدول، ما يجعلها تخوض صراعا صفريا لا ينتهي، حيث تسعى لتدمير إسرائيل، وفي أثناء سعي إسرائيل لقطع رأسها وشل قدراتها تلحق الضرر والدمار بغزة.