الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، تحل اليوم ذكرى وفاة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد الذي رحل عن دنيانا في 30 نوفمبر من عام 1988 مخلفا وراءه تراثًا عظيمًا من التلاوات القرآنية التي لا تزال إلى اليوم تحظى بشعبية كبيرة بين المسلمين حول العالم.
ألقاب الشيخ عبد الباسط عبد الصمد
وجاء سر لقب صوت مكة، بأنّ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد سافر إلى السعودية لأداء فريضة الحج بصحبة والده، وطلبت منه الحكومة السعودية تسجيل عدة تلاوات للمملكة، وتم تسجيلها بالفعل داخل الحرم المكي والمسجد النبوي الشريف، وحصل بعدها على لقب صوت مكة، وصاحب الحنجرة الذهبية.
وُلِدَ القارئ الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد عام 1345هـ/ 1927م بقرية المراعزة التابعة لمركز أرمنت بمحافظة قنا (قبل أن يْضَم مركز أرمنت إلى محافظة الأقصر سنة 2009م مع تأسيسها) بجنوب الصعيد. حيث نشأ في بيئة تهتم بالقرآن الكريم حفظًا وتجويدًا. فالجَد هو الشيخ عبد الصمد كان من الحفظة المشهود لهم بالتمكن من حفظ القرآن وتجويده بالأحكام، والوالد هو الشيخ محمد عبد الصمد، كان أحد المجودين المجيدين للقرآن حفظًا وتجويدًا. أما الشقيقان محمود وعبد الحميد فكانا يحفظان القرآن بالكتاب فلحق بهما أخوهما الأصغر سنًّا عبد الباسط وهو في السادسة من عمره.
التحق الطفل الموهوب عبد الباسط بكتاب الشيخ الأمير بأرمنت فاستقبله شيخه أحسن استقبال؛ لأنه توسم فيه كل المؤهلات القرآنية التي أصقلت من خلال سماعه القرآن يُتلَى بالبيت ليل نهار بكرةً وأصيلًا.
بعد أن وصل الشيخ عبد الباسط الثانية عشرة من العمر انهالت عليهِ الدعوات من كل مدن وقرى محافظة قنا وخاصة أصفون المطاعنة بمساعدة الشيخ محمد سليم الذي زكّى الشيخ عبد الباسط في كل مكان يذهب إليه، وشهادة الشيخ سليم كانت محل ثقة الناس جميعًا رحم الله روحه الشريفه واسكنه فسيح جناته.
إذاعة القرآن الكريم
مع نهاية عام 1951م طلب الشيخ الضباع من الشيخ عبد الباسط أن يتقدم إلى الإذاعة كقارئ بها ولكن الشيخ عبد الباسط أراد أن يؤجل هذا الموضوع نظرًا لارتباطهِ بمسقط رأسه وأهله ولأن الإذاعة تحتاج إلى ترتيب خاص. ولكنه تقدم بالنهاية.
كان الشيخ الضباع قد حصل على تسجيل لتلاوة الشيخ عبد الباسط بالمولد الزينبي وقدّم هذا التسجيل للجنة الإذاعة فانبهر الجميع بالأداء القوي العالي الرفيع المحكم المتمكن واعتُمِد الشيخ عبد الباسط بالإذاعة عام 1951 ليكون أحد قرائها. وبعد الشهرة التي حققها الشيخ عبد الباسط في بضعة أشهر كان لابد من إقامة دائمة في القاهرة مع أسرته التي نقلها معهُ إلى حي السيدة زينب.
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد سبب انتشار الراديو
بسبب التحاقه بالإذاعة زاد الإقبال على شراء أجهزة الراديو وتضاعف إنتاجها في ذلك الوقت وانتشرت بمعظم البيوت للاستماع إلى صوت الشيخ عبد الباسط، وكان الذي يمتلك (راديو) في منطقة أو قرية من القرى كان يقوم برفع صوت الراديو لأعلى درجة حتى يتمكن الجيران من سماع الشيخ عبد الباسط وهم بمنازلهم وخاصة كل يوم سبت على موجات البرنامج العام من الثامنة وحتى الثامنة والنصف مساءً.
وعُين الشيخ عبد الباسط قارئًا لمسجد الإمام الشافعي عام 1952، ثم قارئا لمسجد الإمام الحسين عام 1958، وانضم لإذاعة القرآن الكريم عام 1951.
ذاع صيت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد عندما تلى القرآن وسمع صيحات الإعجاب من الحضور وكبار قراء القرآن الكريم في مسجد السيدة زينب رضي الله عنها وارضاها.
افتتح الشيخ عبد الباسط مناسبات رسمية عديدة بتلاوته للقران الكريم، ومنها مناسبة افتتاح السد العالي بدعوة من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ محمد رفعت
تأثر الشيخ عبد الباسط بالشيخ محمد رفعت أحد أعلام دولة التلاوة، ومن تعلقه بسماع صوته كان يقول: «كنت أمشى مسافات طويلة جدًا قد تصل إلى 5 كيلومترات لأستمع إلى القرآن بصوت الشيخ رفعت من خلال جهاز الراديو الوحيد الموجود عند أحد أثرياء البلدة».
استقبال الملوك والرؤساء
وكانت بعض الدعوات توجه إليه ليس للاحتفال بمناسبة معينة وإنما كانت الدعوة للحضور إلى الدولة التي أرسلت إليه لإقامة حفل بغير مناسبة وإذا سألتهم عن المناسبة التي من أجلها حضر الشيخ عبد الباسط فكان ردهم (بأن المناسبة هو وجود الشيخ عبد الباسط) فكان الاحتفال بهِ ومن أجلهِ لأنه كان يضفي جوًا من البهجة والفرحة على المكان الذي يحل به.
هذا يظهر من خلال استقبال شعوب دول العالم لهُ إستقبالًا رسميًا على المستوى القيادي والحكومي والشعبي. حيث استقبله الرئيس الباكستاني في أرض المطار وصافحه وهو ينزل من الطائرة. وفي جاكرتا بدولة اندونيسيا قرأ القرآن الكريم بأكبر مساجدها فامتلأت جنبات المسجد بالحاضرين وامتد المجلس خارج المسجد لمساحة كيلو متر مربع تقريبًا فامتلأ الميدان المقابل للمسجد بأكثر من ربع مليون مسلم يستمعون إليهِ وُقُوفًا على الأقدام حتى مطلع الفجر.
في جنوب أفريقيا عندما علم المسؤولون بوصولهِ أرسلوا إليهِ فريق عمل إعلامي من رجال الصحافة والإذاعة والتلفاز لإجراء لقاءات معهُ ولمعرفة رأيهِ عما إذا كانت هناك تفرقة عنصرية أم لا من وجهة نظره، فكان أذكى منهم وأسند كل شيء إلى زميلهِ وابن بلده ورفيق رحلته القارئ الشيخ أحمد الرزيقي الذي رد عليهم بكل لباقة وأنهى اللقاء بوعي ودبلوماسية أضافت إلى أهل القرآن مكاسب لا حد لها فرضت احترامهم على الجميع.
من بين الدول التي زارها الهند لإحياء احتفال ديني كبير أقامهُ أحد الأغنياء المسلمين هناك، حيث فوجئ الشيخ عبد الباسط بجميع الحاضرين يخلعون الأحذية ويقفون على الأرض وقد حنّوا رؤوسهم إلى أسفل ينظرون محل السجود وأعينهم تفيض من الدمع يبكون إلى أن انتهى من التلاوة وعيناه تذرفان الدمع تأثرًا بهذا الموقف الخاشع.
لم يقتصر الشيخ عبد الباسط في سفره على الدول العربية والإسلامية فقط وإنما جاب العالم شرقًا وغربًا شمالًا وجنوبًا وُصولًا إلى المسلمين في أي مكان من أرض الله الواسعة، ومن أشهر المساجد التي قرأ بها القرآن هي المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة والمسجد الأقصى في القدس وكذلك المسجد الإبراهيمي في الخليل ب فلسطين والمسجد الأموي في دمشق وأشهر المساجد بآسيا وأفريقيا والولايات المتحدة وفرنسا ولندن والهند والعراق ومعظم دول العالم، فلم تخل جريدة رسمية أو غير رسمية من صورة وتعليقات تظهر أنه أسطورة تستحق التقدير والاحترام.
يُعتبر الشيخ عبد الباسط القارئ الوحيد الذي نال من التكريم حظًا لم يحصل عليه أحد بهذا القدر من الشهرة والمنزلة التي تربع بها على عرش تلاوة القرآن الكريم لما يقرب من نصف قرن من الزمان نال خلالها قدر من الحب الذي جعل منه أسطورة لن تتأثر بمرور السنين بل كلما مر عليها الزمان زادت قيمتها وارتفع قدرها كالجواهر النفيسة ولم يُنس حيًا ولا ميتًا.
فكان تكريمه حيًا عام 1956م عندما كرمته سوريا بمنحه وسام الاستحقاق ووسام الأرز من لبنان والوسام الذهبي من ماليزيا ووسام من السنغال وآخر من المغرب وآخر الأوسمة التي حصل عليها كان قبل رحيله من الرئيس محمد حسني مبارك في الاحتفال بليلة القدر عام 1987.
أُصيب بمضاعفات مرض السكري أواخر أيامهِ وكان يحاول مقاومة المرض بالحرص الشديد والالتزام في تناول الطعام والمشروبات ولكن تزامن الكسل الكبدي مع مرض السكر فلم يستطع أن يقاوم هذين المرضين معًا، فأصيب بالتهاب كبدي قبل رحيلهِ بأقل من شهر فدخل المستشفى إلا أن صحته تدهورت مما دفع أبناءه والأطباء إلى نصحهِ بالسفر ليعالج مرضه في مستشفيات لندن، ولقد مكث بها أسبوعًا، وكان بصحبتهِ ابنه طارق فطلب منهُ أن يعود بهِ إلى مصر.
توفي القارئ عبد الباسط عبد الصمد في يوم الأربعاء 21 ربيع الآخر 1409هـ الموافق 30 نوفمبر 1988م، وكانت جنازته وطنية ورسمية على المستويين المحلي والعالمي، فحضر تشييع الجنازة جمع غفير من الناس يتضمنهم سفراء دول العالم نيابة عن شعوبهم وملوك ورؤساء دولهم تقديرًا لدورهِ في مجال الدعوة بأشكالها كافة.
أُصيب بمضاعفات مرض السكري أواخر أيامهِ وكان يحاول مقاومة المرض بالحرص الشديد والالتزام في تناول الطعام والمشروبات ولكن تزامن الكسل الكبدي مع مرض السكر فلم يستطع أن يقاوم هذين المرضين معًا، فأصيب بالتهاب كبدي قبل رحيلهِ بأقل من شهر فدخل المستشفى إلا أن صحته تدهورت مما دفع أبناءه والأطباء إلى نصحهِ بالسفر ليعالج مرضه في مستشفيات لندن، ولقد مكث بها أسبوعًا، وكان بصحبتهِ ابنه طارق فطلب منهُ أن يعود بهِ إلى مصر.
توفي القارئ عبد الباسط عبد الصمد في يوم الأربعاء 21 ربيع الآخر 1409هـ الموافق 30 نوفمبر 1988م، وكانت جنازته وطنية ورسمية على المستويين المحلي والعالمي، فحضر تشييع الجنازة جمع غفير من الناس يتضمنهم سفراء دول العالم نيابة عن شعوبهم وملوك ورؤساء دولهم تقديرًا لدورهِ في مجال الدعوة بأشكالها كافة.