أقام المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور حاتم ربيع، حفل توقيع كتاب: “صلاح جاهين أمير شعراء العامية” للكاتب محمد بغدادى، وذلك أمس الثلاثاء فى قاعة المجلس بساحة دار الأوبرا .
بمشاركة الكاتب المسرحى محمد عبد الحافظ ناصف، رئيس الإدارة المركزية للشعب واللجان الثقافية بالمجلس، والشاعر والناقد شعبان يوسف، والشاعر رجب الصاوى، والكاتب الصحفى بصحيفة الأهرام نبيل عمر، وأدار الحفل الشاعر أحمد الجعفرى، يأتى الحفل بالتزامن مع حلول الذكرى الثانية والثلاثين لرحيل الشاعر الكبير صلاح جاهين.
افتتح الحديث الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، بالترحيب بالحضور كافة، ثم بدأ حديثه عن الكتاب، موضحًا أنه يعد بمثابة قراءة شاملة، لما قدمه جاهين من إبداعات، كما أن الكاتب قدم رصدًا لجاهين من عدة جوانب، تنوعت بين الثقافى والإنسانى والأبوى، ولم يفت الكتاب تخصيص ملحق وصل لحوالى خمسين صفحة، ضمت رسومات كاريكاتورية رسمتها ريشة صلاح جاهين، وجاء قبله ملحقًا آخر قدمه الكاتب فى ما يزيد عن ستين صفحة، لنخبة من نصوص الشاعر المختارة، وقد ضم الكتاب بشكل عام عشرين فصلًا، يدور كل منهم حول أحد ملامح جاهين الإبداعية المتعددة.
عقب هذا نقل مدير الجلسة الشاعر أحمد الجعفرى الكلمة، للكاتب الصحفى نبيل عمر، حيث بدأ حديثه بالإشادة بالكتاب، موضحًا أنه نقل جانب كبير من إرث جاهين المبدع، الذى كان يرسم الكاريكاتيور بأحرفٍ شعرية، وكان يكتب الشعر بريشة رسّام كاريكاتورى مبدع، وأوضح أن جاهين كان حريصًا على المزح العميق، ذو الجانب الفلسفى التأملى، المصاغ بسلاسة ما يطلق عليه السهل الممتنع، ومن أهم الدلائل على ذلك أننا عند تأملنا لأى من إبداعاته الشعرية أو الكاريكاتورية، وجدناها تبدو وكأنها وليدة الأمس، ولم يفت عليها ما يزيد عن نصف قرن! واختتم حديثه مؤكدًا أن جاهين عبر بإبداعه عن العديد من الجوانب المتأصلة بالوجدان المصرى، مثل صراع الشارع والحارة، فلا شك أنه واحدًا من أصحاب العبقريات الإبداعية الفريدة.
ثم ذهبت الكلمة للشاعر رجب الصاوى، الذى بدأ حديثه مؤكدًا أن عبقرية جاهين الشعرية تمثلت فى نزوله بالشعر للشارع، تمامًا مثلما استطاع أن يفعل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الذى أوصل الفن للشارع، مما يجعل المتلقّى مهما كانت بساطة خلفيته الثقافية والإبداعية، يستشعر قدرته على كاتبة أشعار مثل جاهين، أو يستطع الغناء مثل حليم، وتابع الصاوى مستعيرًا وصف الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش لصلاح جاهين بأنه قلبًا يمشى على قدمين، واستطرد فى حديثه موضحًا أن جاهين شاعرًا مُلهَم ومُلهِم فى الوقت ذاته، فحين نَظَم أبيات قصيدته “أم العيال” أضحت من علاماته الشعرية البارزة، برغم أنه استوحاها من الأدب الشعبى، ولكن نجاح هذه القصيدة المبهر حين كتبها جاهين، لا يشير إلا لعبقريته الإبداعية المتفردة، ثم تابع الشاعر حديثه حول جاهين، مؤكدًا أنه كان ينصحه دائمًا إذا تشابهت أى قصيدة جديدة مع أخرى كتبها من قبل، فلا حل إلا أن يقطع إحداهما، لأنه كان يؤمن بأهمية عدم تكرار المبدع لما قدمه من قبل، شأنه شأن كبار المبدعين مثل الموسيقار محمد فوزى الذى لم يكرر أى ألحانه، ثم اختتم حديثه موجهًا تحيته للكاتب محمد البغدادى، واصفًا هذا الكتاب بقصيدة بديعة تضاف لأشعار جاهين الرائعة، ثم ألقى الشاعر رجب الصاوى بقصيدته التى أهداها لروح الشاعر الكبير، وعنوانها: “صلاح جاهين”، ويقول فيها:
صلاح جاهين … كان شاعر فرحان و حزين
إسمه صلاح والنقب جاهين … يفرح من فنه الملايين
ولما يبكي بيبكوا معاه … قلبه الرقيق أخضر أخضر
عقب هذا تحدث الشاعر شعبان يوسف، مؤكدًا أن صلاح جاهين عاش فقط ما لا يزيد عن 55 عامًا؛ إلا إنه قدم فى هذا العمر القصير إنجازات ثقافية كبيرة، وتابع موضحًا أنه كان مرتبطًا بشكل وثيق بمشاعر الأمة المصرية، كما امتلك قدرة كبيرة على التعبير عن الروح المصرية، ثم تابع مشيرًا إلى تأليفه لقصة القصيرة وكان عنوانها: “دهب”، وأوضح أن جاهين كان يكتب قصص بالعربية الفصحى، كما شغل منصب المشرف الفنى بصحيفة “بنت النيل”، بالإضافة لكونه أحد أعمدة مجلة “صباح الخير” الأساسية، ثم أفصح عن طلبه بإعادة نشر الرسومات الكاريكاتية، وواصل حديثه مشيرًا إلى أنه هاتف الشاعر المبدع الراحل صلاح جاهين، فى مناسبات عدة، لكن لم يواتيه حظه للقائه، وفى خاتمة كلمته وجه تحيته للكاتب محمد بغدادى على هذا الكتاب، الذى نقل العديد من الأوجه الفنية والحياتية لمسيرة المبدع صلاح جاهين.