ليلة النصف من شعبان، الاحتفالُ بِلَيْلَةِ النصف مِن شهر شعبان المبارك مشروعٌ على جهة الاستحباب، وقد رغَّبَ الشرع الشريف في إحيائها، واغتنام نفحاتها؛ بقيام ليلها وصوم نهارها؛ سعيًا لنيل فضلها وتحصيل ثوابها، وما ينزل فيها من الخيرات والبركات، وقد دَرَجَ على إحياء هذه الليلة والاحتفال بها المسلمون سلفًا وخلفًا عبر القرون من غير نكير.
ولا يؤثر في ثبوت فضل هذه الليلة ما يُثَار حولها من ادعاءات المتشددين القائلين بأنها بدعة، ولا يجوز الالتفات إلى مثل آرائهم الفاسدة؛ فإنها مردودة بالأحاديث المأثورة، وأقوال أئمة الأمة، وعملها المستقِر الثابت، وَما تقرر في قواعد الشرع أنَّ مَن عَلِم حجةٌ على مَنْ لم يعلم.
ووردت أحاديث تدل على فضل هذه الليلة، ومنها ما رواه الترمذي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “صوم يوم النصف من شعبان يكفر ذنب سنة”.
فضل ليلة النصف من شعبان
يُقال أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في هذه الليلة ويغفر لعباده كما رواه ابن ماجه عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا، فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا، حتى يطلع الفجر”.
الأعمال المستحبة في ليلة النصف من شعبان
حثت السنة النبوية المطهرة على إحياء هذه الليلة؛ فعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا يَوْمَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلا كَذَا أَلا كَذَا؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ».
وتختلف الأحكام والأقوال حول ما يجب فعله في ليلة النصف من شعبان، لكن بشكل عام يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- قيام الليل: وردت أحاديث تدل على فضل قيام ليلة النصف من شعبان، ومنها ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من قام ليلة النصف من شعبان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه”.
- صيام يوم النصف من شعبان: وردت أحاديث تدل على فضل صيام يوم النصف من شعبان، ومنها ما رواه الترمذي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “صوم يوم النصف من شعبان يكفر ذنب سنة”.
- الدعاء والاستغفار: هذه الليلة فرصة عظيمة للتضرع إلى الله تعالى والدعاء له بكل ما يريده الإنسان من خير الدنيا والآخرة.
- قراءة القرآن الكريم: من الأعمال الصالحة التي تُقرب العبد من الله تعالى.
- التصدق على الفقراء والمحتاجين: من الأعمال الصالحة التي تُزكي النفس وتُطهرها.
الأعمال المكروهة
الاجتماع في المساجد للصلاة والقصص والدعاء: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أي حديث يدل على استحباب ذلك، بل كره بعض العلماء ذلك واعتبروه من البدع.
صلاة معينة بعدد محدد من الركعات: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أي حديث يدل على استحباب صلاة معينة بعدد محدد من الركعات في ليلة النصف من شعبان، بل وردت أحاديث تدل على كراهية ذلك.
البدع: يجب الحذر من أي بدع قد تُحدث في هذه الليلة، مثل قراءة سورة يس ثلاث مرات والدعاء بعد كل مرة بدعاء مخصوص، فهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
نصائح عامة:
- الإخلاص لله تعالى: يجب أن تكون جميع الأعمال التي نقوم بها في هذه الليلة خالصة لوجه الله تعالى.
- الاعتدال: يجب أن نعتدل في أعمالنا، فلا نُفرط ولا نُقصر.
- الاستغفار والتوبة: يجب أن نستغفر الله تعالى من ذنوبنا ونتوب إليه.
- الدعاء: يجب أن ندعو الله تعالى بكل ما يريده الإنسان من خير الدنيا والآخرة.
كيف تصلي ليلة النصف من شعبان؟
لا توجد صلاة معينة وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة النصف من شعبان، لذلك يمكن للمسلم أن يصلي ما يشاء من النوافل في هذه الليلة.
ثانياً: من أشهر النوافل التي يصليها الناس في هذه الليلة هي صلاة التسابيح:
طريقة صلاة التسابيح
تصلى ركعتان أو أربع ركعات.
في كل ركعة تقرأ الفاتحة وأي سورة تختارها.
بعد قراءة الفاتحة والسورة تقول: “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر” (15 مرة).
ثم تركع وتقول: “سبحان ربي الأعلى” (3 مرات).
ثم تسجد وتقول: “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر” (10 مرات).
ثم ترفع رأسك من السجود الأول وتقول: اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني، وتقول: “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر” (10 مرات).
ثم تكمل باقي الصلاة كالمعتاد.
ويمكن للمسلم أن يصلي أي صلاة أخرى من النوافل في هذه الليلة، مثل صلاة قيام الليل.
الأهم من عدد الركعات هو الإخلاص لله تعالى والاعتدال في الصلاة.
ولا يجب التكلف فالأهم هو الإخلاص لله تعالى والاعتدال في الصلاة، كما يجب على المسلم أن يتبع ما يراه أقرب إلى الدليل في صلاة هذه الليلة.