أجابت دار الإفتاء على سؤال هل التدخين في نهار رمضان من المفطرات؟ حيث إن أحد أصدقائي قد ابتلي بالتدخين، وقد اقترب دخول شهر رمضان الكريم، ويشق عليه الصيام بسبب امتناعه عن التدخين طوال النهار، لكنه يصوم ويمتنع عن التدخين، وقد سمع أحد الناس يقول: إن دخان السجائر لا يفطر، بخلاف دخان الشيشة فإنه يفطر، وقد سألني عن مدى صحة هذا الكلام، فنرجو من فضيلتكم التكرم بإفادتنا بالحكم الشرعي في تلك المسألة.
وقالت دار الإفتاء إنه المقرَّر شرعًا أنه يجب على المسلم أن يمتنع عن المفطرات في نهار رمضان، وهي الطعام والشراب والجماع، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].
قد نص جمهور الفقهاء على أن كل جرم يدخل الجوف أو الحلق مما يمكن الاحتراز منه يفسد به الصوم، قال الإمام البابرتي الحنفي في “العناية شرح الهداية” (2/ 342-243، ط. دار الفكر): [وقوله: (وإن داوى جَائِفَةً أو آمَّةً) الجائفة اسم لجراحة وصلت إلى الجوف، وَالْآمَّةُ اسم لجراحة وصلت إلى الدماغ (والذي يصل هو الرطب) وإنما قيد بالرطب في ظاهر الرواية فرقًا بين الدواء الرطب واليابس، وأكثر مشايخنا على أن العبرة بالوصول، حتى إذا علم أن الدواء اليابس وصل إلى جوفه فسد صومه] اهـ.
هل التدخين يفسد الصوم
قد نص فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية على أن جِرم دخان السجائر ونحوها مما يفسد به الصوم قطعًا، قال العلامة ابن عابدين في حاشيته “رد المحتار” (2/ 395) في باب: ما يفسد الصوم وما لا يفسده: [(قوله: أنه لو أدخل حلقه الدخان) أي بأي صورة كان الإدخال.
بناء عليه: فإن التدخين في نهار رمضان من المفطرات، فيحرم على الصائم أن يفسد صومه بالتدخين، سواء كان في صورة سجائر أو الشيشة أو غير ذلك، ولا عبرة بأقوال هؤلاء الذين يقولون: إن تدخين السجائر غير مفطر، فهذا ادعاء بغير دليل ومخالف لما قرره الأطباء والمتخصصون من كون تدخين السيجارة ونحوها يحتوي على مواد لها جرم تدخل في حَلْق المدخن وجوفه، فتفسد صومه.
قال الإمام الواحدي في “الوجيز في تفسير الكتاب العزيز” (ص: 149، ط. دار القلم): [﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ يعني صيام شهر رمضان ﴿كَمَا كُتِبَ﴾ يعني: كما أُوجب ﴿علَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ أَيْ: أنتم مُتَعَبَّدون بالصِّيام كما تُعبِّد مَنْ قبلكم ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ لكي تتقوا الأكل والشُّرب والجماع في وقت وجوب الصَّوم] اهـ.