نازك الملائكة في ذكرى رحيلها.. أيقونة الشعر الحر ورائدة التجديد الأدبي وسر لقائها مع الرئيس جمال عبد الناصر

ثقافة , Comments Disabled

تحل اليوم 20 يونيو ذكرى رحيل الشاعرة العراقية الكبيرة نازك الملائكة والتي وصفت بأيقونة الشعر الحر واعتبرها البعض رائدة التجديد الأدبي.

ولدت نازك صادق الملائكة في بغداد عام 1923 في عائلة أدبية عريقة، حيث كانت والدتها الشاعرة سلمى عبد الرزاق ووالدها الكاتب صادق الملائكة.

نشأت نازك في بيئة ثقافية غنية شجعتها على الكتابة منذ صغرها، فبدأت بكتابة الشعر بالعامية العراقية في سن السابعة.
تخرجت من دار المعلمين العالية عام 1944، ثم التحقت بمعهد الفنون الجميلة وتخرجت من قسم الموسيقى عام 1949.
سافرت نازك إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1957 وحصلت على شهادة الماجستير في الأدب المقارن من جامعة ويسكونسن-ماديسون عام 1959.

الشاعرة نازك الملائكة في ضيافة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر

الشاعرة نازك الملائكة في ضيافة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر

 

إنجازات نازك الملائكة

 

تُعتبر نازك الملائكة أيقونة الشعر الحر ورائدة التجديد في الشعر العربي الحديث.

نشر ديوانها الأول “وعرّفتك الحبيبة” عام 1947، والذي تضمن قصيدة “الكوليرا” التي تُعدّ من أوائل القصائد المكتوبة بشعر التفعيلة في العالم العربي.

أصدرت العديد من الدواوين الشعرية المميزة، منها “شظايا ورماد”، “العيون الخضراء”، “لوعة المدينة”، “أغاني الليل”، “الموجة”.
لم تقتصر إبداعات نازك على الشعر، بل برعت أيضاً في النثر من خلال روايتها “الجارية” ومسرحيتها “المتمردة”.
كما أثرت نازك على الساحة الأدبية العربية بشكل كبير من خلال كتاباتها النقدية، ونذكر من أهمّ مؤلفاتها النقدية “الصورة الفنية في شعر إيليا أبو ماضي”، “محاضرات في الأدب العراقي الحديث”، “قضايا الشعر المعاصر”.

أهمية نازك الملائكة وتأثيرها

ساهمت نازك الملائكة بشكل كبير في تطوير الشعر العربي وكسره لقيود الوزن والقافية، ممهدّاً الطريق أمام حركة الشعر الحر.
ألهمت نازك أجيالاً من الشعراء العرب بكتاباتها المتميزة وأسلوبها الفريد، ونذكر من أشهر من تأثروا بها بلند الحيدري، سعدي يوسف، نزار قباني، محمود درويش.

نازك الملائكة

نازك الملائكة

لم يقتصر تأثير نازك على العالم العربي، بل نالت اعترافاً عالمياً بأعمالها، حيث تُرجمت بعض قصائدها إلى العديد من اللغات.
حصلت نازك على العديد من الجوائز والتكريمات تقديراً لإسهاماتها الأدبية المتميزة، منها جائزة “بيرم التونسي”، جائزة “صالح جاهين”، جائزة “القابض على الجائزة”.

الشاعرة العراقية الكبيرة نازك الملائكة التقت الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، أثناء إحدى زياراتها لمصر، وذلك خلال مشاركتها فى مؤتمر لاتحاد الكتاب العرب فى مطلع الستينيات من القرن الماضى، وقد منحها حينها وشاحا تقديرا لأشعارها المساندة للوحدة العربية.

رحيل نازك الملائكة

توفيت نازك الملائكة في القاهرة عام 2007 عن عمر يناهز 83 عاماً، تاركة وراءها إرثاً أدبياً ضخماً غيّر مسار الشعر العربي الحديث.

ودفنت بمدافن 6 أكتوبر، عند قبر زوجها المرحوم الدكتور عبد الهادى محبوبة، كما أوصت بعد أن استبدت بها العزلة حينما فارقها الزوج – الحبيب، فعاشت بعده سبع سنوات رافضة لقاء أى أحد إلا بعض أفراد عائلتها”.

قصيدة الكوليرا

من أشهر قصائد الشعر الحرّ التي كتبتها نازك واستخدمت فيها الرموز لتخاطب عقل القارئ وتحدثت فيها عن مأساة الشعب المصري:

سكَن الليلُ

أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ

في عُمْق الظلمةِ تحتَ الصمتِ على الأمواتْ

صَرخَاتٌ تعلو تضطربُ

حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ

يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ

في كل فؤادٍ غليانُ

في الكوخِ الساكنِ أحزانُ

في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ

في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ

هذا ما قد مَزّقَهُ الموتْ

الموتُ الموتُ الموتْ

يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ

طَلَع الفجرُ

أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ

في صمتِ الفجْر أصِخْ انظُرْ ركبَ الباكين

عشرةُ أمواتٍ عشرونا

لا تُحْصِ أصِخْ للباكينا

اسمعْ صوتَ الطِّفْل المسكين

مَوْتَى, مَوْتَى ضاعَ العددُ

مَوْتَى موتَى لم يَبْقَ غَدُ

في كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ

لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ

هذا ما فعلتْ كفُّ الموتْ

الموتُ الموتُ الموتْ

تشكو البشريّةُ تشكو ما يرتكبُ الموتْ

الكوليرا

في كَهْفِ الرُّعْب مع الأشلاءْ

في صمْت الأبدِ القاسي حيثُ الموتُ دواءْ

استيقظَ داءُ الكوليرا

حقْدًا يتدفّقُ موْتورا

هبطَ الوادي المرِحَ الوُضّاءْ

يصرخُ مضطربًا مجنونا

لا يسمَعُ صوتَ الباكينا

في كلِّ مكانٍ خلَّفَ مخلبُهُ أصداءْ

في كوخ الفلاّحة في البيتْ

لا شيءَ سوى صرَخات الموتْ

الموتُ الموتُ الموتْ

في شخص الكوليرا القاسي ينتقمُ الموتْ

الصمتُ مريرْ

لا شيءَ سوى رجْعِ التكبيرْ

حتّى حَفّارُ القبر ثَوَى لم يبقَ نَصِيرْ

الجامعُ ماتَ مؤذّنُهُ

الميّتُ من سيؤبّنُهُ

لم يبقَ سوى نوْحٍ وزفيرْ

الطفلُ بلا أمٍّ وأبِ

يبكي من قلبٍ ملتهِبِ

وغدًا لا شكَّ سيلقفُهُ الداءُ الشرّيرْ

يا شبَحَ الهيْضة ما أبقيتْ

لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ

الموتُ, الموتُ, الموتْ

يا مصرُ شعوري مزَّقَهُ ما فعلَ الموتْ


بحث

ADS

تابعنا

ADS