ما بين ست الحبايب وأمنا الغولة

وجهات نظر , Comments Disabled

لم أصدق ما قرأته وما شاهدته فى فيديو بثته إحدى كاميرات المراقبة فى مدينة «مدينتى» عن قتل إحدى الأمهات لابنها ليلة وقفة عيد الأضحى وحملها لجثته ملفوفة فى ملاءة لإلقائها بجوار أحد المساجد فى المدينة ثم عودتها بقلب ميت ودم بارد إلى زوجها الذى كان ينتظرها فى السيارة.

وعند مواجهة هذه السيدة اعترفت بقتلها لطفلها لأنها كانت تؤدبه على حسب قولها للعبه بالمياه أثناء تنظيفها للشقة وغسل السجاد مما جعلها تفقد أعصابها من شقاوته وتنهال عليه ضرباً حتى قتلته ثم تتصل بزوجها الذى بالطبع هو ليس والد الطفل ليساعدها فى إخفاء جريمتها والذى تجرد هو أيضاً من كل المشاعر الإنسانية وربما وجدها فرصة للتخلص من الطفل وشقاوته.

وقد نسيت هذه الأم القاتلة أن طفلها صاحب الأربع سنوات كان يمارس حقه الطبيعى فى الشقاوة وفرحة العيد وأنها لو كانت قد هدأت قليلاً ربما كانت شاركته فى لعبه وفرحته بالعيد ولكنها فى لحظة غضب نسيت من حملته فى بطنها وكان ثمرة حبها وسبب زواجها العرفي من حبيبها وربما أخرجت فيه بدون وعى منها  غضب السنين من أبيه الذى رفض الاعتراف به.

إنها القسوة الممزوجة بالعنف غير المبرر والذى أصبح يجتاح مجتمعاتنا العربية خاصة بعد أن أصبحت مشاهد القتل والذبح واللعب بالرؤوس البشرية مشاهد عادية تبث من خلال الإعلام والمواقع الإلكترونية خاصة بعد فترة ما يسمى بثورات الربيع العربى وظهور الجماعات الإرهابية مثل داعش وغيرها.

وقد جعلتنى هذه الحادثة وغيرها من حوادث مفزعة من قتل بعض  الأمهات لفلذات أكبادهن سواء عن طريق الخطأ ربما لانفلات الأعصاب كما ادعت هذه المجرمة أوعمداً للتخلص من أعبائهن إرضاءاً لزوج جديد أو عشيق.

أقول جعلتنى هذه الحادثة أتساءل أين ذهبت صورة الأم بوجهها الطيب الملائكى والذى تربينا عليها وتغنينا بها؟ أين ذهبت صورة ست الحبايب الحبيبة اللى كلها طيبة وحنية؟ وتحولت إلى الأم المفترية التى تقسوعلى أولادها وتصعقهم أحياناً بالكهرباء وتحرقهم بالنار وتسلخ جلدهم ثم تدعى بكل بجاحة بعد ذلك أنها كانت تؤدبهم.

لماذا تجردت بعض الأمهات من مشاعر الأمومة بغريزتهن وحنيتهن الفطرية والتى جبلهن الله عليها؟ وتحولن إلى أمنا الغولة التى تأكل أولادها وتفترسهن بدون أى شفقة أو رحمة خاصة فى بعض المجتمعات الفقيرة أو عند محاولة البحث عن زوج جديد أوحتى عشيق بدون أى أعباء تعوقها فى ظل تدنى الأخلاق وغياب الضمير؟

أم هل هو بسبب بعض التغيرات الفسيولوجية فى طبيعة المرأة وتكوينها؟ وبسبب تراكم الضغوط النفسية عليها وافتقادها للمشاعر الطيبة والكلمة الحلوة أدى إلى تحولها إلى وحش ضارٍ يفترس صغاره عند استثارته.

كلها تساؤلات مشروعة أبحث لها بالتأكيد عن إجابات عند المهتمين بكل ما يخص المرأة والقائمين على شؤونها وأخص منهم المجالس القومية والجمعيات الأهلية.

وكما أعلم أن كثيرين يتحدثون باسم المرأة ويدافعون عنها ويطالبون بعودة حقوقها المسلوبة.

أعلم أيضاً أن تلك الحادثة رغم بشاعتها وغيرها من حوادث والتى تقوم فيها المرأة بدور البطولة المطلقة فى تنفيذ الجرائم هى مازالت من وقت ريا وسكينة مجرد حالات فردية لبعض السيدات اللاتى ربما تعرضن لبعض الضغوط النفسية فى طفولتهن أو فى حياتهن الزوجية والتى تركت بالتأكيد خللا ما بداخلهن، وصعب جداً تعميمها واعتبارها ظاهرة تهدد كيان المجتمع بأكمله.

ولكنها بالتأكيد هى جرس إنذار يدق ناقوس الخطر لكل مجتمع يتهاون فى حقوق المرأة ويكبتها ويبخسها حقها فى الحياة ويتعمد تهميشها ويجعلها مجرد سلعة للمتعة فقط يتم الاستغناء عنها أو استبدالها بأخرى وقت اللزوم فيجعلها تتحول فى لحظة غاضبة

من امرأة عاشقة وزوجة محبة وأم حنونة، الجنة تحت أقدامها،

إلى مجرمة آثمة وقاتلة لفلذات أكبادها، فما بين ست الحبايب وأمنا الغولة لحظة غضب قاتل.. فاحذر استثارتها.

 


بحث

ADS

تابعنا

ADS