تلحق النفايات البلاستيكية، التي ينتهي بها المطاف في المحيطات، سنويا بنحو 12.7 مليون طن أضرارا جسيمة بالحياة البحرية، بداية من اختناق السلاحف المائية، ووصولا إلى تسمم الحيتان والأسماك.
وبحثا عن حلول لأزمة تراكم النفايات البلاستيكية على كوكب الأرض جاءت خمسة من أغرب الحلول التي طرحت للقضاء على هذه الأزمة:
الفطر
هناك فطريات من نوع خاص تعيش وتتكاثر في البيئات الدافئة، وتعرف علميا باسم “أسبرجيلاس توبنجنسيس”، وهي إحدى أنواع الفطريات الداكنة من جنس الرشاشية.
وربما لا تختلف هذه الفطريات ظاهريا عن غيرها، ولكنها لفتت أنظار العلماء بسبب خاصية واحدة تميزها عن سائر الفطريات.
تكمن مشكلة النفايات البلاستيكية في أن البلاستيك لا يتحلل حيويا بطريقة طبيعية، ولهذا تتسرب الجزيئات البلاستيكية إلى أجسامنا. فإذا تمكننا من العثور على عوامل تساعد في عملية تفكك وتحلل البوليمرات التي يتكون منها البلاستيك قد نقضي على السبب الرئيسي للمشكلة.
واكتشفت مجموعة من علماء الأحياء الدقيقة بجامعة القائد الأعظم بباكستان أن هذا النوع من الفطريات له القدرة على تحليل مادة البولي يوريثان.
ويقول سيهرون خان، قائد الفريق البحثي، إن “هذا الفطر يفرز إنزيمات تحلل البلاستيك، فضلا عن أنه يتغذى على البلاستيك من خلال إذابته”. وقد يستخدم هذا الفطر لتحليل البلاستيك في مكبات النفايات.
تنظيف المحيط
تراكمت النفايات البلاستيكية والبحرية في المحيط الهادئ لتشكل أكبر بقع النفايات البلاستيكية في المحيطات، والتي تسمى “رقعة القمامة العظمى في المحيط الهادئ”. وقد استقرت هذه الرقعة بين ولاية كاليفورنيا وهاواي.
ويعادل حجم هذه الرقعة ثلاثة أمثال حجم فرنسا، ويبلغ وزنها الإجمالي 80.000 طن.
وابتكر فريق من المهندسين في هولندا، بقيادة المخترع الهولندي بويان سلات، البالغ من العمر 24 عاما، نظاما لتنظيف المحيطات يطلق عليه “نظام 001”.
ويتكون نظام جمع النفايات العملاق من عوامة ضخمة طولها 600 متر تطفو فوق الماء وتتدلى منها حافة بعمق ثلاثة أمتار تعمل على جمع النفايات من المحيط لتنقلها سفينة إلى اليابسة كل بضعة أشهر.
وقبل إطلاق هذا النظام في المحيط، أجرى عليه الفريق تجارب واختبارات باستخدام نماذج مصغرة وبالاستعانة بالمحاكاة بالكمبيوتر. ويتجه نظام جمع النفايات الآن نحو رقعة القمامة العظمى في المحيط الهادئ.
إلا أن هذا الاختراع كان موضع جدل، إذ أثار الانتقادات حينا وحظي بالإشادات حينا آخر. ولكن الجميع الآن يترقب النتائج، فلا أحد يعرف ما سيؤول إليه نظام جمع النفايات وسط أمواج المحيط الهادئ.
ويقول سلات “أقصى ما أتطلع إليه الآن هو أن تنقل السفينة أول شحنة من النفايات البلاستيكية من المحيط إلى اليابسة ليثبت نجاح هذا النظام”.
طرق معبدة بالبلاستيك
طُرحت فكرة أخرى من هولندا وهي مشروع الطريق الممهد بالبلاستيك. وهذا الطريق هو مسار للدراجات في مدينة زفولا بهولندا مُعبد باستخدام نفايات البلاستيك المعاد تدويرها. ويعد هذا الطريق الأول من نوعه في العالم.
وقد طُرحت هذه الفكرة بهدف إعادة استخدام نفايات البلاستيك، مثل القوارير والأكواب والعبوات، بدلا من حرقها أو إلقائها في مكبات النفايات.
وتشكل نفايات البلاستيك المعاد تدويرها 70 في المئة من إجمالي المواد التي استخدمت في إنشاء طريق زفولا، لكن الشركة تخطط لإنشاء طريق ممهد بالكامل من نفايات البلاستيك المعاد تدويرها.
وتقول الشركة إن النفايات البلاستيكية أكثر متانة من الأسفلت. ويستغرق تمهيد الطريق البلاستيكي وقتا أقل ويتطلب معدات أخف وزنا مقارنة بعمليات تمهيد الطرق الأسفلتية. كما أن الطرق البلاستيكية تساهم في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في البيئة أو ما يسمى بالبصمة الكربونية.
ويبلغ طول الطريق الأول بمدينة زفولا 30 مترا، واستخدمت فيه كميات كبيرة من النفايات البلاستيكية تعادل 218 ألف كوب بلاستيكي أو 500 ألف غطاء قارورة بلاستيكية. ومن المقرر البدء في إنشاء الطريق الثاني المصنوع من النفايات البلاستيكية في نوفمبر/ تشرين الثاني في مقاطعة أوفرآيسل شرقي هولندا.
الطحالب البحرية بدلا من البلاستيك
في إطار الجهود المبذولة للقضاء على تفاقم مشكلة البلاستيك، اتجه بعض المهندسين والمصممين إلى البحث عن مواد بديلة للبلاستيك قد تصلح لتعبئة المواد الغذائية.
ويصنّع البلاستيك الحيوي من مصادر متجددة، مثل الدهون والزيوت النباتية عادة أو نشا الكسافا أو رقائق الخشب أو النفايات الغذائية. ولكن شركة إندونيسية ناشئة تسمى “إيفووير” ابتكرت حلا جديدا، وهو استخدام الطحالب البحرية في تصنيع عبوات وأغلفة للمواد الغذائية.
وتعمل الشركة في الوقت الحالي مع مزارعي الطحالب البحرية بإندونيسيا لإنتاج أغلفة للشطائر، وأكياس مكسبات الطعم، وعبوات القهوة، وعبوات الصابون، وكلها مصنوعة من الأعشاب البحرية.
وقد تذاب هذه العبوات في الماء الساخن، أو الأفضل من ذلك، يمكن تناولها مع المواد الغذائية، فهذه العبوات ليست مستدامة فحسب، بل مغذية أيضا.
“مصرف البلاستيك”
تسبب النفايات البلاستيكية عواقب وخيمة للحياة البحرية، إذ أشارت بعض التقديرات إلى أن كمية الأجزاء البلاستيكية قد تفوق كميات الأسماك في البحار بحلول عام 2050.
ولهذا اقترح البعض فكرة أخرى لمنع وصول النفايات البلاستيكية إلى البحار في المقام الأول. فقد أقيمت مؤسسة اجتماعية لهذا الغرض يطلق عليها “مصرف البلاستيك”، والتي تشتري النفايات البلاستيكية من الناس، بسعر أعلى من السعر السائد في السوق.
ويبيع جامعو البلاستيك لهذه المؤسسة النفايات البلاستيكية مقابل المال أو نظير سلع مادية (مثل الوقود أو الأفران) أو خدمات، مثل دفع مصاريف المدارس.
ويحفز هذا المشروع الناس على جمع النفايات البلاستيكية قبل أن تدخل المجاري المائية، وفي الوقت نفسه يحارب الفقر ويوفر دخلا للفقراء ويساعد في تنظيف الشوارع ويقلص من حجم المخلفات التي يكون مآلها المحيطات في المعتاد.
ويهدف “مصرف البلاستيك” إلى رفع قيمة النفايات البلاستيكية حتى يمتنع الناس عن إلقائها في المحيطات ومكبات النفايات، وذلك بتحويلها إلى سلعة يتاجر بها الناس للحصول على المال. ثم تبيع المؤسسة النفايات البلاستيكية إلى شركات بثمن أعلى من أسعار شراء البلاستيك في الأسواق بنحو ثلاثة أمثال.
وتوجد فروع لهذه المؤسسة في الوقت الحالي في هايتي والبرازيل والفلبين، وتعتزم تدشين فروع أخرى في جنوب أفريقيا والهند وبنما والفاتيكان.