بارون السينما المصرية، الكوميديان الشرير، صاحب أشهر “إيفيهات” سينمائية، وغيرها من الأوصاف التي أطلقت على الفنان استيفان روستي، الخواجة المصري الذي ولد لأب نمساوى وأم إيطالية في 16 نوفمبر عام 1891.
ساعدت حياته الأسرية غير المستقرة إلى الاتجاه نحو الفن، فقد انفصل والداه في طفولته واستقر هو مع والدته في مصر إلى أن تزوجت من رجل إيطالي، ليترك حينها “استيفانو دى روستي” المنزل ويسافر بعدها إلى النمسا بحثًا عن والده السفير ثم منها إلى فرنسا وألمانيا، وعمل في هذه الفترة راقصًا في الملاهي الليلية.
عالم الفن
وفى ألمانيا التقي استيفان بمحمد كريم، المصري الذي كان يدرس الإخراج السينمائى في ألمانيا، وتعرف أيضًا على سراج منير الذي هجر مجال الطب من أجل عيون الفن، وبالفعل تغيرت بوصلة استيفان وقرر أن يلتحق بنفس المعهد الذي يدرس فيه كريم، لكى يتعلم التمثيل بصورة أكاديمية، وحينما أنهى دراسته أقنعه كريم بالعودة إلى مصر والعمل في مجال الفن، وكانت أولى محطاته في فرقة الفنان عزيز عيد، رائد المسرح في مصر، ثم انضم إلى فرقة الريحانى الذي حقق معها نجاحًا باهرًا، كما أنه تعرف فيما بعد على المنتجة عزيزة أمير التي أبهرتها ثقافته السينمائية وهو ما دفعها لإسناد إخراج فيلم “ليلي” إليه.
أخرج روستي نحو 9 أفلام سينمائية وكتب القصة والسيناريو لعدد من الأفلام، كما أنه شارك في التمثيل فيما يقرب من 380 فيلم سينمائى على مدار 40 عام، منها “سيدة القصر” مع فاتن حمامة وعمر الشريف، و”أبو حلموس”، و”سى عمر”، وغيرها وغيرها، وكان عقد الخمسينيات يمثل ذروة مشاركته في عالم الفن والإبداع، وتمكن روستي من أن يترك بصمته في كل عمل قدمه، وأن يكون مميزًا حتى في تقديمه لدور الشرير، فقد أداه على طريقته الخاصة التي ميزته وجعلته ساكنًا في قلوب الجمهور حتى اليوم.
الميت الحي وزغرودة ماري منيب
في عام 1964، كان استيفان يزور أحد أقاربه في الإسكندرية، وحينها انطلقت شائعة وفاته بين أوساط الصحافة وعالم الفن، ولقد اقتنع بها الجميع إلى الدرجة التي دفعت نقابة الممثلين لإقامة حفل تأبين لهذا النجم الذي اعتقدوا أنه قد رحل، وبينما كان يجلس الجميع وعلامات الحزن ترتسم على وجوههم أجمعين، حدثت الصدمة المبهجة، ففى منتصف الحفل وصل استيفان “المرحوم” إلى مقر النقابة ليسطر الذعر والفزع على كل الحضور.
ولكن بعد تخطى الحضور صدمة وصوله حيًا في حفل تأبينه، بدأت السعادة والفرحة تحل محل أمارات الحزن على الوجوه، وانطلقت عدد من الفنانات بـ “الزغاريد” تعبيرًا عن سعادتهم بهذه المفاجأة السعيدة وفرحتهم بعودة “المتوفى” وكذب شائعة وفاته، وعلى رأسهن الفنانة مارى منيب ونجوى سالم وسعاد حسين.
ولكن وبالرغم من هذه السعادة المفرطة التي عمت نقابة الممثلين فرحة بكذب شائعة وفاته، كان محبي استيفان روستي على موعد مع صدمة جديدة، فبعد هذا الحفل بأسابيع قليلة، وبالتحديد في الثانى عشر من مايو، صدقت الشائعة، وبالفعل غيبه الموت وفقدت السينما المصرية واحدًا من أهم نجومها برحيل استيفان روستي إثر انسداد في شرايين قلبه بعد أزمة انتابته هو يلعب لعبته المفضلة على مقهى بمنطقة سفنكس، لعبة “الطاولة”.
ميراث 7 جنيه
وبالرغم من أنه يبدو طوال حياته ثريًا وابن ذوات، إلا أنه حينما توفى لم يترك سوى سبعة جنيهات فقط، وشيك بقيمة 150 جنيهًا، والذي كان دفعة أخيرة من دفعات راتبه عن دوره في فيلم “حكاية نص الليل” الذي كان يشارك فيه مع عماد حمدى وزيزي البدراوى.
وبعد وفاته بعث الفنان إسماعيل ياسين برسالة عبر مجلة الكواكب، مطالبًا بضرورة التدخل لمساعدة أرملة استيفان “ماريانا” التي لم يعد لديها مصدر دخل بعد وفاة زوجها، وبالفعل استجابت نقابة الممثلين وساعدتها على السفر إلى عائلتها في إيطاليا.