التفاصيل الكاملة لمنطوق الحكم على دومة بـ«أحداث مجلس الوزراء» بالمشدد 15 سنة و6 ملايين غرامة  

حوادث , Comments Disabled

قضت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة، بالسجن المُشدد 15 سنة، على الناشط أحمد دومة، وإلزامه بدفع 6 ملايين جنيه قيمة التلفيات، ومصادرة المضبوطات، وذلك في إعادة محاكمته في قضية أحداث مجلس الوزراء.

 

وشهدت قاعة المحكمة حضور ممثلين عن الاتحاد الأوروبي، وعدد من النشطاء السياسيين منهم رشا عزب وأحمد حرارة والناشطة ميرفت موسى، وشقيقة علاء عبد الفتاح منى سيف وزوجته منال حسن، والناشطة الحقوقية ماهينور المصري، ونازلي حسين، وراجية عمران والمحامي طاهر أبو النصر، فضلًا عن نورهان حفظي زوجة دومة في أول ظهور علني لها بعد إعلان انفصالهما.

 

صدر الحكم برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشارين عصام أبو العلا والدكتور عادل السيوي، وأمانة سر حمدي الشناوي.

 

واستهل القاضي جلسة النطق بالحكم بكلمة قوية، بدأها بتلاوة الآية الكريمة: «وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ»، وقالت الكلمة: الوطن هو الأمن والأمان وهو الاستقرار والأساس لأن يحيا الإنسان، وذكرت الكلمة بأن الوطن هو كيان يحتويه، والولاء للوطن قيمة عُليا، وليس لحياة إنسان قيمة إذا لم يعتز بوطنه، والمواطنة الصالحة ليست شعارات براقة تخاطب العواطف وتدغدغ المشاعر، أو خُطبا حماسية وتحركات دعائية استعراضية؛ فالمواطنة الصالحة تفاعل إيجابي خلاق بناء، وأخلاق ومصداقية لا تلون فيها ولا خداع أو خضوع.

 

وتابع: إن الانتماء الحقيقي يعني الارتباط بأرض وشعب وهو شعور يخرج عنه عدد من القيم التي تدفع للحفاظ على الوطن ومرافقه وممتلكاته التي يمتلكها، وهي جزء من مفهوم الصالح العام، وذكرت الكلمة بأن ذلك يتأتى من خلال زرع القيم، ويغيب هذا الشعور ولا يحس الفرد بأنه جزء من مجتمع الدولة، إذا ما تم تفضيل المصالح الضيقة على الصالح العام، وأشارت إلى أن التخريب يرتبط بضعف المواطنة.

 

وأضاف: إنه من أعظم المصائب التي ابتلى بها الوطن تنكر بعض أبنائه له، وقلبهم ظهر المجن، وازداد خطر الأمر بتجاوز حدود الإنكار للسعي لخراب الوطن، وتابعت الكلمة هجومها على المُخربين واصفة إياهم بأنهم شرذمة سفهاء، ومرتزقة، منهزمون فكريًّا، ومفلسون اجتماعيًّا، ليس لهم هدف سوى خلخلة القيم الراسخة لمصر، تنكروا لهويتهم ووطنهم، يقتاتون على قيم وأخلاق وثوابت الوطن، ضاعوا في متاهات الحياة، يبحثون عن موقع ينصبون أنفسهم كرموز للمواطن.

 

وتواصل هجوم الكلمة الافتتاحية للحكم، بوصف هؤلاء بالكُذاب الخداع المتآمرين المدلسين، الذين يزيفون الحقائق ويضللون الرأي العام، يتراقصون على مصائب المجتمع، يُجيدون المراوغة وتشويه الوطن ورجاله المكلفين بالدفاع عنه، بهدف زعزعة أمنه وخلق فجوة بين الشعب وحماته، بترديد المزاعم والأراجيف والقصص الوهمية التي لا يعرفها إلا منهم، يتشدقون بعبارات براقة تحسبهم للوطن حماة، وهم للوطن ألد الخصام، وتواصلت الكلمة بالقول: “ليسوا لهم في موطن المجد مفخر، ومن ليس ناصحًا لهم إلا خائن يتستر، ومن لم يكن دون الوطن حمى، هو جبان بل أخس وأحقر”.

 

سردت الكلمة تفاصيل الوقائع، ذاكرة أنه في عقب ثورة 25 يناير، وما أعقبها من فوضى وعنف وأعمال شغب ووقفات احتجاجية، كان من أبرزها تظاهرات مجلس الشعب والوزراء لإبداء المطالب الفئوية في 25 نوفمبر 2011، حينما نظموا تظاهرة باسم “إنقاذ الثورة،” تجمع خلالها مئات أمام مجلس الشعب بهدف الاعتصام، ومنع رئيس مجلس الوزراء من دخول مجلس، ونصبوا خياما بشارع مجلس الشعب حتى وزارة الصحة لتفتيش كل من يمر بالطريق، بغية منع الموظفين من دخول المجلس.

 

وذكرت الكلمة بأنه لم تمض أيام قبل أن يقدم بعض المعتصمين على إهانة الضباط وسب الجنود المكلفين بالحماية بألفاظ نابية، والإشارات الخارجة، وزجاجات الفضلات، وشددت على أنه لم يكن تصرفًا فرديًّا بل كان أمرا متعمدا لإثارة الجنود للتعدي على المعتصمين.

 

وأكدت كلمة القاضي بأن المناخ حينها كان خصبا ومرتعا لمن يعبثون من أصحاب المطامع والأهواء، ممن أضلهم الشيطان ونزع عنهم عباءة الوطن، واقتلع من داخلهم بذور حب الوطن، حتى لا يعدوا إليهم سوى حبات رمال، وذكرت الكلمة بأن هؤلاء تستروا خلف المتظاهر الحر، والمعتصم الذي لا ينشد إصلاحًا، ألبسوا الحق بالباطل، كتموا الحق وهم يعلمون، اشتروا الضلالة بالهدى، وشددت على أنهم حرصوا على تأجيج المشاعر والأقوال المغلوطة لمهاجمة الشرطة والجيش بزعم أنهم من الفلول.

 

وتواصلت الكلمة بأن هؤلاء مدوا في غيهم، فمنهم من استجلب الأشقياء والمطلوبين وأغدق بالمال ليضمنوا بقاءهم في الميدان، وقاموا بإلقاء الحجارة والمولتوف عليهم، وتجلى ذلك بوضوح من عرض آثار التجمهرات التي تعاقبت في النصف الأخير من ديسمبر، وظهر منهجية التخريب والإتلاف، ومنها تخريب مجلس الشعب والوزراء، ووزارة النقل والبري وهيئة الموانئ البرية، وحي غرب القاهرة وحي بولاق، أو محاولة اقتحام وزارة الداخلية.

 

وأضافت الكلمة الإشارة إلى حريق المجمع العلمي، والذي أكدت أنه لا يعلم مكانه إلا القليل، ذاكرة أن المبنى وقف شامخا شاهدا على عصور مضت، تضرب بجذورها حتى القرن الـ16 الميلادي، مشددة على أنه لم يسلم ممن جهلوا قيمته، ذاكرة بأنهم وقفوا يحتفلون بنصرهم، أمام قلوب تعتصر من هول ما يرون، يتراقصون على أصوات لهيب النار وهي تأكل أوراقا ووثائق قل ما يجود بها الزمان.

 

وتابعت الكلمة بأنه من الظلم أن يقال إن أبناء مصر الأحرار يؤمنون بأن هذا هو النضال، مشددة على أن أيادي سوداء تحالفوا مع الشيطان لإحراق الدولة ومنشآتها وإسقاطها، ذاكرة الآية الكريمة: «خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ».

 

وتواصلت الكلمة بالتأكيد على قيام المتهم أحمد سعد دومة وبعض المتهمين بالتجمهر بشارع القصر العيني بأعداد ناهزت الألف متجمهر حاملين زجاجات مولوتوف وكرات اللهب والحجارة والأسلحة البيضاء على نحو جعل السلم العام في خطر ونشر الفوضى ومنع الموظفين العمومين من ممارسة أعمالهم باستعمال القوة والعنف، حيث التقت إرادتهم أمام مجلس الشعب بقصد حرقه وتخريبه وقاموا بتدمير أجزاء من مجلس الشعب واقتحموه وعاثوا فيه فسادا وألقوا كرات اللهب فخربوه واضرموا النيران بمقر اللجان الفرعية بالمبنى، مما أدى إلى اشتعال النيران بالمبنى من الطابق الأول للثالث.

 

حتى قاموا بإشعال النيران بمركز المعلومات مما دفع القوات المدنية لاستخدام خراطيم المياه لمنعهم من إشعال النيران في مكتبة مجلس الشعب لإنقاذ أحد الأشياء المهمة ومن بينها “كتاب وصف مصر”.

 

وأشارت المحكمة إلى تعديهم على رجال الأمن فأشارت إلى أنهم أحدثوا إصابات بعدد 12 ضابطا و44 فردا من جهات مختلفة وتعمدوا وآخرون مجهولون تعطيل حركة السير وحركة المرور بأن تجمهروا بالشوارع المحيطة والمؤدية لميدان للتحرير كما حازوا وأحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء وأدوات حارقة للإخلال بالأمن والنظام العام، وقد وقعت جميع تلك الجرائم من المشاركين في التجمهر وكانت نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، وقعت جميعها حال التجمهر وبذلك تظهر أركان جريمة التجمهر على الوجه الذي حققه القانون قد تحققت.

 

وقد وقعت جميع الجرائم حال التجمهر، ونوهت المحكمة بأنه وإن كان إعمال صحيح القانون يقتضي مساءلة المتهم أحمد دومة عن جميع الجرائم التي وقعت أثناء التجمهر إلا أنها تقف عاجزة تقيدًا بالمبادئ القانونية وحدود الدعوى التي تحال إليها، وهي حدود المحكمة التي أصدرت الحكم المنقوض، لعدم شمول أمر الإحالة لها وتتقيد أيضا بقاعدة ألا يضار الطاعن بطاعنه، وإلا يتحول التظلم وبًالا على المرء الذي تظلم.

 

وأكد المستشار محمد شيرين فهمي أن المحكمة قامت بدورها في البحث عن الحقيقة فقامت بنظر الدعوى في جلسات متعاقبة وقامت باستدعاء من دعت الضرورة لسماع شهادته وإدلاء شهادته، استمعت لـ 23 شاهدا ووجدت في شهادتهم إحقاقا للحق وإنارة للطريق أمام المحكمة، واستمعت لهيئة الدفاع وأتاحت لهم كل الفرص الممكنة لتقديم دفاعهم شفاه وكتابة ليطمئن وجدانها بعد 37 جلسة حققت المحكمة خلالها كل قواعد المحاكمة العادلة المنصفة وتحققت خلالها كافة الحقوق والحريات في إطار الشرعية الإرجائية التي تعتمد على أن الأصل في المتهم البراءة، وبلغ عدد صفحات محاضر الجلسات 320 ورقة وعكفت على دراسة جميع أوراق الدعوى دون كلل أو ملل للوصول للحقيقة.

 

ولقد استقر في يقين المحكمة أن الواقعة ثابتة ثبوت لإدانة المتهم، إذ اطمأنت لشهادة شهود الإثبات وما جاء من أدلة فنية وارتاح وجدانها للأخذ بها سندا للإدانة ولا تعول على إنكار المتهم وإثبات أن تلك وسيلته للهروب من العقاب، وتلت المحكمة في نهاية كلمتها الآيتين الكريمتين: «خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ»، «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ».


بحث

ADS

تابعنا

ADS