بلاغ عاجل للنائب العام بسبب هذا التحقيق.. كيف أصبح «محمد عبد السلام» رجل الإخوان الأول في الأزهر الشريف؟

ثقافة , Comments Disabled

تقدم الأزهر الشريف، ببلاغ للمستشار نبيل صادق النائب العام، ضد كل من عبد الرحيم علي رئيس تحرير موقع «المرجع»، وكاتب التحقيق المنشور على الموقع تحت عنوان «رحلة الصعود.. كيف أصبح محمد عبد السلام رجل الإخوان الأول في الأزهر».

 

وأوضح عبر حسابه الرسمي على موقع «تويتر»، اليوم الأربعاء، أنه تم تقديم هذا البلاغ بتهمة السب والقذف، وإهانة الأزهر وقيادته، وادعاء وقائع كاذبة وافتراءات؛ بهدف الإساءة للمؤسسة وتشويه رسالتها.

وإلى نص التحقيق كاملا

رحلة الصعود.. كيف أصبح «محمد عبد السلام» رجل الإخوان الأول في الأزهر الشريف؟

المرجع

محمد أبو العيون

«أخونة الأزهر».. التفاصيل الكاملة لـ«مخطط الجماعة» بالمشيخة

 

◄ أهالي «نوب طريف»: والد «المستشار» كان يعمل «ترزي».. والحالة المادية للعائلة كانت أقل من المتوسط

 

◄ «عبد السلام» لم يكن طالبًا نابغًا.. وانتدابه «مستشارًا لشيخ الأزهر» هو السبب وراء ثراء عائلته الفاحش

 

◄ «عبد السلام» يمتلك شقتين فاخرتين في حي سان ستيفانو بالإسكندرية يتجاوز سعرهما 6 ملايين جنيه مصري

 

◄ رحلة «عبد السلام» داخل الأزهر بدأت بانتدابه «مستشارًا قانونيًّا لشؤون ديوان مظالم المشيخة»

 

◄ «عبد السلام» أصبح مركز قوى يهابه الجميع داخل المشيخة بعد 3 أشهر من تعيينه مستشارًا تشريعيًّا وقانونيًّا لشيخ الأزهر

 

◄ استولى على ملايين الجنيهات المخصصة لبناء مكتبة الأزهر الجديدة.. والمشيخة تتفاوض معه من أجل إعادتها

 

 

 

بين الصعود إلى قمة الهرم في الأزهر الشريف ثم إجباره على تقديم استقالة مسببة، توجد الكثير من الأسرار والخفايا التي تحيط بشخصية محمد عبد السلام، المستشار التشريعي والقانوني السابق للإمام الأكبر، الذي تمكن خلال ثماني سنوات (2010 – 2018) أن يُصبح الآمر الناهي داخل أروقة المرجعية الإسلامية الأكبر على مستوى العالم.

 

 

 

كان بزوغ نجم «عبد السلام» للحد الذي جعل رضاه مطلب كل الأزاهرة وتفادي غضبه غاية أملهم، أمرًا يُثير العديد من علامات الاستفهام؛ فكيف أصبح هذا الشاب (الذي لم يكن في العام 2010 يتجاوز الثلاثين من عمره) هو المتحكم في كل كبيرة وصغيرة داخل الأزهر حتى إن أبناء المؤسسة لقبوه بـ«شيخ الأزهر الفعلي»؟ وهل بالفعل ينحدر من أسرة شامخة ينتسب كثير من أبنائها إلى السلك القضائي كما اعتاد أن يروج لنفسه؟ وماذا عن المليارات التي يمتلكها.. هل هي ثراء موروث أم أنه تربح من وظيفته التي ظل قابعًا فيها طوال ثماني سنوات؟

 

نوب طريف.. البداية

 

بداية البحث عن إجابات للألغاز التي تحيط بـ«أسطورة محمد عبدالسلام»، كانت من قرية «نوب طريف» التابعة لمركز السنبلاوين (جنوب شرق محافظة الدقهلية بدلتا مصر)؛ حيث مولد الرجل ونشأته ومحل إقامة أسرته.

 

لم يكن الوصول إلى «نوب طريف» بالأمر السهل؛ فمصادرنا هناك كانت منعدمة، ولذا فقد تواصلنا عن طريق الهاتف مع صديق لنا يقيم في مدينة المنصورة (عاصمة محافظة الدقهلية بدلتا مصر) وأطلعناه على ما نريد، ومن خلاله تواصلنا في البداية مع أحد الأشخاص الذين يثق بهم؛ إلا أنه وبمجرد أن علم ما نبحث عنه رفض التعاون معنا خوفًا من بطش «عبد السلام»، صاحب السطوة والعلاقات المتشعبة (بحسب وصفه)، وتكرر الأمر ذاته مع شخصين آخرين.

 

كان علينا أن نحاول من جديد؛ لأن الوصول إلى «نوب طريف» يعني الإمساك بطرف الخيط الذي يحل لنا «لغز المستشار»، وبالفعل وجدنا من أبدى موافقته على مساعدتنا من أهالي القرية، وذلك بعد أن اشترط عدم ذكر اسمه فيما سننشره بعد إتمام مهمتنا، وأن نمتنع عن تصوير أي شيء. وافق الرجل على أن يكون دليلنا الذي ندلف من خلاله إلى موطن المستشار التشريعي والقانوني السابق لشيخ الأزهر، إلا أنه كان طوال الساعات التي قضيناها داخل القرية خائفًا يترقب.

 

استغرقت رحلة السفر من القاهرة مرورًا بمدينة المنصورة ومنها إلى مركز السنبلاوين وحتى الوصول إلى قرية «نوب طريف» أربع ساعات كاملة، وعلى مشارف داخل القرية وجدنا «دليلنا» في انتظارنا.

 

عبد السلام.. وجذور العائلة

 

استضافنا «دليل نوب طريف» (الذي اشترط عدم ذكر اسمه) داخل منزله، رافضًا أن نغادره لنقوم  بجولة ميدانية في القرية كما كان يقضي اتفاقنا. قال الرجل معتذرًا عن تغيير الاتفاق: «منذ الأمس لم يغمض لي جفن. لديَّ أطفال صغار والمستشار لا يرحم. ستبقون في بيتي ضيوفًا كرامًا وسيأتيكم عشرة رجال موثوق بهم من أهل القرية وستجدون لديهم إجابات على كل ما لديكم من أسئلة».

 

وبالفعل وفي غضون عشر دقائق كان الجميع حاضرًا. بدا من ملامح الرجال أن جميعهم تجاوز الأربعين ربيعًا، وعند سؤالهم عن قصة عائلة المستشار أكدوا لنا أن جذور العائلة من مركز «أبو كبير» بمحافظة الشرقية وفقًا لما سمعوه ذات مرة من الحاج «محمود عبد السلام» (والد المستشار).

 

أضاف شهود العيان من أهالي قرية «نوب طريف»، أن الحالة المادية لـ«عائلة المستشار» في بداية دلوفهم إلى القرية كانت أقل من المتوسط، ويعتمدون في دخلهم على ما يكسبه «محمود عبد السلام» (الوالد) من حرفة «الحياكة»؛ فقد كان يعمل «ترزي»، ولم يتغير هذا الحال إلا بعد التحاق ابنه «محمد» بالنيابة الإدارية بعد أن توسط له المستشار ناصر معلا (نائب رئيس مجلس الدولة)، والذي أصبح فيما بعد والد زوجة المستشار.

 

عبد السلام.. وملايين سان ستيفانو

 

شهود العيان، أوضحوا أن المستشار التشريعي والقانوني السابق لشيخ الأزهر لم يكن طوال سنوات دراسته في مراحل التعليم الأزهرية المختلفة طالبًا نابغًا، وحتى بعد التحاقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر فرع طنطا (عاصمة محافظة الغربية بدلتا مصر) لم يكن أحدٌ من أهالي القرية يلقي له بالًا، ولا يتوقع أن يصل إلى ما وصل إليه في السنوات الأخيرة، كما أن الثراء الفاحش لم يظهر على أفراد عائلته إلا بعد أن أصبح مستشارًا لشيخ الأزهر؛ فمنذ ذلك الحين أصبحت العائلة في مصاف كبار عائلات «نوب طريف» وباتوا يمتلكون مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والسكنية؛ إلا أن أملاك المستشار  والمسجلة باسم زوجته تفوق بأضعاف أملاك العائلة.

 

يمتلك محمد عبد السلام (على سبيل المثال وليس الحصر)، شقتين فاخرتين في حي سان ستيفانو بمحافظة الإسكندرية (أحد أرقى أحياء المحافظة، ويتبع إداريًّا حي شرق المدينة)، يتجاوز سعر الواحدة منهما الثلاثة ملايين جنيه مصري، وفقًا لما أكده شهود العيان من أهالي «نوب طريف».

 

لم يكن باقي حديثنا مع شهود العيان على قدر من الأهمية، لذا فقد شكرنا «دليلنا» وغادرنا القرية بعد أن تأكدنا من زيف ادعاءات «محمد عبدالسلام» التي كان يروج خلالها أنه سليل عائلة لها جذور راسخة في السلك القضائي، وأنه ورث من عائلته الثراء والمناصب، وتبين لنا أنه اتخذ وجوده في الأزهر الشريف مطية للتربح من منصبه وتحقيق ثراء فاحش.

 

كان علينا لاستكمال تحقيقنا اللجوء إلى مصادرنا الموثوق بها داخل الأزهر الشريف، والذين أمدونا بمعلومات، وأطلعونا على حقائق صادمة، وحين عرضنا عليهم ذكر أسمائهم فيما سينشر رفضوا، مؤكدين أن «محمد عبد السلام» مازال متحكمًا في كل الأمور داخل المشيخة؛ فجميع القيادات الأزهرية الموجودة حاليًا يدينون له بالولاء التام، وهم على أهبة الاستعداد للفتك بأي موظف يحاول الاقتراب من الرجل الذي أجلسهم في مناصبهم.

 

«عبدالسلام» و«مهنا».. التلميذ والأستاذ

 

عند مراجعة شهادة أهالي قرية «نوب طريف» توقفنا كثيرًا أمام سؤال مُحير: إذا كان «محمد عبد السلام» لم يكن طالبًا نابغًا، وينتمي لأسرة محدودة الحال، وليس لوالده أي علاقات بكبار رجال الدولة المصرية؛ فكيف تعرف على المستشار ناصر معلا ثم استطاع توطيد علاقته به وأصبح زوجًا لابنته؟ وهنا برز اسم الدكتور محمد عبد الصمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر، والمشرف العام على الرواق الأزهري، وأستاذ القانون الدولي بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر فرع طنطا.

 

يقول أحد مصادرنا الذي يعمل بمكتب وكيل شيخ الأزهر، وكان من المقربين للدكتور عباس شومان (وكيل الأزهر السابق): «الدكتور محمد مهنا، كان أستاذًا لمحمد عبد السلام إبان دراسة الأخير بكلية الشريعة والقانون بطنطا، وكان «مهنا» يتبنى «عبد السلام» ويعتبره تلميذه النجيب ولا يكف عن تقديم أوجه الدعم كافة له في حياته الدراسية والاجتماعية، وهو السبب في نشوب علاقة وطيدة بين «عبد السلام» وبين المستشار ناصر معلا؛ كما أنه هو من دفع «معلا» إلى التوسط لـ«عبد السلام» وإلحاقه بسلك النيابة الإدارية وذلك بعد تخرجه من كلية الشريعة والقانون في العام 2005 بتقدير عام جيد جدًا».

 

المصدر ذاته، يؤكد: «أجاد محمد عبد السلام، استغلال الدكتور مهنا، واستطاع من خلاله والوصول إلى ما أصبح فيه الآن من ثراء فاحش وسطوة، ثم كان أول من انقلب على «مهنا» وهمش وجوده في المشيخة، والقصة بدأت عقب تولي الدكتور أحمد الطيب مشيخة الأزهر الشريف، حينها طلب عبد السلام من الدكتور مهنا، التوسط له لدى الإمام الأكبر (الذي تربطه علاقة وطيدة بمهنا) وانتدابه مستشارًا قانونيًّا لشؤون ديوان المظالم الذي استحدثه الطيب في بداية اعتلائه سدة المشيخة، وبالفعل تحقق هذا الأمر في نهاية العام 2010».

 

موظف في ديوان المظالم

 

يقول أحد مصادرنا، ويعمل بديوان المظالم بالأزهر الشريف: «حين انتدب محمد عبد السلام، كمستشار قانوني لشؤون ديوان المظالم، لم يكن هناك فرق بينه وبين باقي الموظفين؛ فقد كان يجلس على مكتب متواضع، وكنا نرى الضجر وعدم الرضا يظهر على وجهه، إضافة إلى التعالي في التعامل معنا، ويبدو أنه كان يدرك أن هذا الوضع الذي استمر من العام 2010 وحتى 2012 مؤقتًا ولا يتعدى كونه قنطرة يصل من خلالها إلى الإمام الأكبر، ولذا فقد كان دائم الإلحاح على الدكتور محمد مهنا من أجل التوسط له لاستصدار قرار من الإمام الأكبر يقضي بانتدابه مستشارًا قانونيًّا لشيخ الأزهر».

 

يضيف المصدر ذاته: «لم يكن يظهر على عبد السلام، طوال العامين اللذين قضاهما داخل ديوان المظالم أي مظاهر للثراء الفاحش، فقد كان متوسط الحال، ورحلته لجمع الملايين إن لم تكن المليارات بدأت في العام 2012 حين استجاب الدكتور مهنا، لتوسلات تلميذه واصطحبه إلى مكتب الإمام الأكبر، وأخذ يثني عليه كثيرًا أمام الدكتور أحمد الطيب، وبالفعل وافق شيخ الأزهر على انتداب الشاب الصغير مستشارًا قانونيًّا وتشريعيًّا له (كان عمره في ذلك الوقت 32 عامًا)، ومنذ ذلك الوقت بدأت رحلة الصعود المادي والاجتماعي المريب للمستشار».

 

تحقق لـ«عبد السلام» ما كان يسعى إليه، وسعى منذ الوهلة الأولى لأن يصبح محل ثقة الإمام الأكبر وكاتم سره وذراعه اليمني، وهو ما نجح فيه بالفعل وخلال فترة قياسية لم تتعدى الثلاث أشهر، أصبح مركز قوى داخل المشيخة يهابه الكثيرون، ثم بدأ في تنفيذ الجزء الثاني من مخططه والذي تمثل في إيغار صدر الدكتور الطيب ضد القيادات الأزهرية ذوي القيمة والقامة العلمية، والسبب في هذا أن هؤلاء القيادات كان يعاملون «عبد السلام» مثل أي موظف في الأزهر ولم يكونوا يدينون له بالولاء والطاعة العمياء، ولهذا كان يشعر أن بقاءه مهددٌ في ظل وجود قيادات لا تهابه وتخاف منه؛ هكذا يؤكد مصدرنا داخل ديوان مظالم الأزهر.

 

«عبد السلام» والإخوان.. علاقة مشبوهة

 

خلال السنوات الثماني التي قضاها محمد عبد السلام، مستشارًا قانونيًّا وتشريعيًّا لشيخ الأزهر، تناثرت العديد من الأنباء التي تؤكد وجود «علاقة مشبوهة» تربطه بقيادات جماعة الإخوان الإرهابية، ولذا كان علينا الاستيثاق من صحة هذه المعلومة أو نفيها.

 

يقول مصدر مطلع من داخل مكتب شيخ الأزهر: «محمد عبد السلام هو رجل الإخوان داخل الأزهر، وكما حرصت الجماعة على أن يكون لها رجال يظهرون انتماءهم لها مثل الدكتور محمد عمارة وكثير من أساتذة الجامعة، حرصت أيضًا على أن يكون لها رجال آخرون غير معروفين لأحد سوى لأعضاء مكتب الإرشاد، وكان «عبد السلام» من النوع الأخير».

 

يضيف المصدر المطلع: «هناك العديد من الأدلة التي تؤكد انتماء محمد عبد السلام لجماعة الإخوان، أولها: أنه هو من دفع الإمام الأكبر لاختيار يوسف القرضاوي، وحسن الشافعي، ومحمد عمارة، أعضاءً بهيئة كبار العلماء، ولم يكتفِ بهذا بل أقنع الدكتور الطيب أن يوكل إلى «الشافعي» مهمة رئاسة اللجنة المختصة باختيار أعضاء الهيئة الجدد في حال خلو مقعد بموت أحد الأعضاء، وكان الهدف من وراء هذا هو «أخونة الهيئة» ليكون هذا طريقًا يصل بالجماعة إلى مشيخة الأزهر».

 

«القرضاوي» والجزائري محمد السليماني

 

وثاني الأدلة التي تؤكد انتماء محمد عبد السلام لجماعة الإخوان (والحديث مازال للمصدر المطلع) العلاقة الوطيدة التي تربطه بمفتي الإرهاب يوسف القرضاوي، وبدت متانة العلاقة واضحة أثناء اللقاءات التي كانت تجمع الشخصين في القاهرة وقت أن كان «القرضاوي» عضوًا بهيئة كبار العلماء، ثم اللقاءات التي جمعتهما خارج مصر التي تكشف أمرها بعد أن اعتاد المستشار التشريعي والقانوني لشيخ الأزهر السفر إلى العديد من الدول الأوروبية بمفرده ودون أي مهام عمل تختص بالأزهر.

 

 

ثالث الأدلة التي تؤكد انتماء «عبد السلام» لجماعة الإخوان، هو «علاقة التوأمة» التي تربطه بمستشار شيخ الأزهر لتحقيق التراث «محمد السليماني» (جزائري الأصل، ويحمل الجنسيتين الإيطالية والصربية، وينتمي لجماعة تُسمى «الجزأرة» وهي تيار قطبي يتبع فرع جماعة الإخوان بالجزائر وتتخذ من الاغتيالات طريقًا لنشر أفكارها المتطرفة)، وممنوع هو وشقيقه من دخول الجزائر كونهما يمثلان خطرًا على الأمن القومي الجزائري.

 

محمد عبدالسلام والفساد المالي

 

من الجرائم التي قام بها محمد عبدالسلام هي تجنيد موظفين يعملون لحسابه بالمكتب الفني لشيخ الأزهر، ومركز الإعلام وأيضاً المرصد، والغريب أنه لحساب تلك الأسماء كان يتلقى أموالاً بالدولار، وهذا ما وردنا وفق مصدر مقرب من عبدالسلام نفسه يعمل بالمكتب الفني، وهو الذي أكد أن هذه الأموال مودعة بحسابه ببنك مصر.

 

أكد المصدر المقرب من عبدالسلام أنه تم تكليفهم من قبله بالسفر لدولة الإمارات، للعمل داخل مؤتمر ليس خاصاً بالأزهر الشريف!، مزمع إقامته بداية فبراير 2019 بعنوان المؤتمر العالمي للإخوة الإنسانية، وهذا كله من أجل عيونه وليس مؤسسة الأزهر!.

 

لم تقف جريمة مستشار شيخ الأزهر السابق عند ذلك، بل إنه كان يتدخل في تأشيرات الحج التي تحصل عليها المؤسسة من قبل السفارة السعودية مجاناً، حيث حصل في الحج الأخير على 400 تأشيرة وأعطا 250 للمقربين منه، و150 قام بتوزيعها على أهالي الأقصر ليكتسب شيخ الأزهر شعبية بها من أجل الدفاع عنه إذا اتهمت المؤسسة بأي تقصير.

 

أخونة خريجي الأزهر

يؤكد مصدر مطلع كان مقربًا من المستشار التشريعي والقانوني السابق لشيخ الأزهر، أن ترؤس «السليماني» للجنة المنوط بها تنقيح وتحقيق كتب التراث في مختلف المراحل التعليمية بالأزهر كونه مستشار شيخ الأزهر لتحقيق التراث، مكنه من بث الأفكار المتطرفة لجماعة الإخوان والسلفية الجهادية داخل مناهج جامعة الأزهر، وهو مخطط إخواني بعيد المدى تهدف من خلاله الجماعة إلى تخريج أجيال مؤمنة بالأيديولوجية الإخوانية.

 

 

يضيف المصدر المطلع، أن الاجتماعات التي يتم خلالها الاتفاق على بث أفكار «حسن البنا» و«سيد قطب» و«يوسف القرضاوي» وغيرهم من التكفيريين وزعماء الإرهاب داخل مناهج جامعة الأزهر، جميعها تعقد في مكانين، الأول: مكتب محمد عبد السلام بالطابق الثاني بمشيخة الأزهر، والمكان الثاني: استراحة الضيوف داخل المشيخة التي يقيم بها «السليماني» واعتاد «عبد السلام» مشاركته في المبيت داخلها ليالي كثيرة خلال الثمان سنوات الماضية.

 

وفقًا للمصدر ذاته؛ فإن مهمة «أخونة الأزهر» كانت مقسمة الأدوار بين «السليماني» و«عبد السلام»؛ فالأول منوط به تكليف تلاميذه الذين اختارهم للعمل معه في لجان تحقيق التراث بتفخيخ مناهج الأزهر بالأفكار الإخوانية والتكفيرية، ويشاركهم في هذه المهمة أساتذة الجامعة الذين يعرف صدق انتمائهم للإخوان (قلبًا وقالبًا للإخوان) منذ أن كان مستشارًا للدكتور أحمد الطيب وقت أن كان الأخير رئيسًا لجامعة الأزهر (2003 – 2010).

 

أما مهمة محمد عبد السلام، فتمثلت في ضمان تمرير الكتب الإخوانية والموافقة على تدريسها داخل جامعة الأزهر، وكان طريق «عبد السلام» للقيام بهذه المهمة هو اختيار رئيسًا ونوابًا للجامعة يدينون له بالولاء والطاعة التامة، وقد تحقق المخطط الإخواني بأكمله خلال هذا العام الدراسي (2018 – 2019) حيث نجح رجال المستشار التشريعي والقانوني لشيخ الأزهر في تدريس 4 مؤلفات إخوانية على طلبة 14 كلية بجامعة الأزهر، وهذه المؤلفات هي:

 

(1) «أبرز المؤسسات الدعوية في القرن العشرين»، لمؤلفه الدكتور بكر زكي عوض، عميد كلية أصول الدين السابق بالقاهرة، وأستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية المتفرغ، ومستشار وزير الأوقاف للشؤون الثقافية.

 

(2) «وسائل تبليغ الدعوة»، لمؤلفه الدكتور عبدالرحمن جيرة، أستاذ الدعوة بكلية أصول الدين بالقاهرة.

 

(3) النظم الإسلامية»، وهو من تأليف الدكتور مصطفى أحمد أبوسمك، والدكتور حسن عبد الرؤوف البدوي، والدكتور أحمد حسن سيد غنيم، أساتذة الدعوة بكلية أصول الدين بالقاهرة.

 

(4) «مناهج الدعوة الإسلامية»، وألفه 3 من أساتذة جامعة الأزهر، من ضمنهم الدكتور يسري محمد هاني، وهو أحد أقطاب جماعة الإخوان الإرهابية.

 

افتعال معارك مع الدولة المصرية

 

ويؤكد مصدر داخل مكتب الإمام الأكبر، أن «عبد السلام» و«السليماني» حتى يضمنا عدم فضح مخطط «أخونة الأزهر» الذي كانا يشرفان على تنفيذه، دأبا على افتعال معارك وهمية بين الدولة المصرية وبين الأزهر الشريف تارة، وبين بعض الدول العربية والأزهر الشريف تارة أخرى (تونس نموذجًا)، وذلك عن طريق تفخيخ الخطابات التي كان يلقيها الإمام الأكبر داخل المحافل المقامة في مصر بعبارات النقد المبطنة وغيرها من العبارات المحرضة على العداء (السليماني هو من يكتب خطابات الإمام الأكبر).

 

إضافة إلى تضمين كل البيانات الصادرة من الأزهر بجمل من قبيل: «.. تتمنَّى هيئةُ كبار العلماء على مَن يتساهلون في فتاوى الطلاق، على خلاف إجماع الفقهاء وما استقرَّ عليه المسلمون، أن يُؤدُّوا الأمانةَ في تَبلِيغ أحكامِ الشريعةِ على وَجهِها الصحيح، وأن يَصرِفوا جُهودَهم إلى ما ينفعُ الناس ويُسهم في حل مشكلاتهم على أرض الواقع؛ فليس الناس الآن في حاجةٍ إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم في حاجةٍ إلى البحث عن وسائل تُيسِّرُ سُبُلَ العيش الكريم»، والتي وردت في بيان رفض توثيق الطلاق الشفوي، وفقًا للمصدر ذاته.

 

ويوضح المصدر، أن القنوات الفضائية الإخوانية، كان لها أيضًا دور هام في خدمة مخطط «أخونة الأزهر»، وذلك عن طريق تأجيج نيران العداء المفتعل بين الدولة المصرية والأزهر، ونقل صورة مزيفة مفادها أن الرئاسة تحارب الإسلام وقيادات المشيخة يدافعون عنه، وحين كشف أمر افتعال معارك وهمية في نوفمبر من العام 2018 إثر صدور بيان رافض لقرار الرئاسة التونسية بالمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، ادعى محمد عبد السلام، أن المشرف على المركز الإعلامي للمشيخة مصطفى عبد الجواد، هو من دس عبارات لاذعة ضد تونس، وعلى الفور تم إلغاء انتداب «عبد الجواد» وإعفائه من منصبه، وانتهت الأزمة بهذه الحيلة.

 

مرصد الأزهر.. وخدمة الإرهاب الإخواني

 

منذ ما يزيد عن الثلاثة أعوام، وبالتحديد في 3 يونيو من العام 2015، افتتح الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، وأعلن وقتها أن الهدف من وراء إنشاء هذا الصرح هو رصد ومتابعة ومجابهة الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة التي تتبناها الجماعات الإرهابية؛ إلا أن ما حدث هو إغفال الباحثين في المرصد إعداد أي تقارير أو دراسات أو ردود تفضح الفكر الإرهابي لجماعة الإخوان.

 

يقول أحد مصادرنا داخل مرصد الأزهر؛ أن محمد عبد السلام نجح في إحكام القبضة وممارسة السطوة على مرصد الأزهر لمكافحة الأزهر قرابة الثلاثة أعوام وأكثر، والسبب في هذا يعود إلى الانتقائية والدقة الشديدة التي كان يختار من خلالها القيادات الذين يتولون هذا الصرح، والذي انحرف عن تأدية رسالته وتغافل قياداته عن عمد توجيه أي نقد لجماعة الإخوان، فضلًا عن عدم فضحه لفكرهم الإرهابي معتبرين أن الحديث عن الجماعة هو «شأن سياسي» لا دخل لهم به.

 

يؤكد المصدر ذاته، أنه بالرغم من أن المتابعات والتقارير والدراسات التي كان ينشرها مرصد الأزهر، على موقعه الإلكتروني وصفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، كانت تتناول بكل احترافية الأعمال التدميرية التي تنفذها الجماعات والتنظيمات الإرهابية مثل «القاعدة» و«داعش» و«بوكو حرام» وغيرهم، وتعمل على تحصين العقول من الأفكار المغلوطة التي يبثها هؤلاء الإرهابيين، إضافة إلى تفنيد المفاهيم الخاطئة التي يروجون لها؛ إلا أن المرصد لم ينشر أي تقرير أو دراسة تتناول من قريب أو بعيد الإرهاب الذي مارسته جماعة الإخوان ضد الشعب المصري، وقتلوا من خلاله العديد من رجال الجيش والشرطة والمواطنين الأبرياء.

 

قيادة إخوانية تدرب مفتي الأزهر

 

يضم مركز الأزهر العالمي (بجانب مرصد مكافحة التطرف) مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، والذي أعلن وقت افتتاحه نهاية العام 2016 أن الهدف من إنشائه هو القضاء على فوضى الفتاوى والتصدي للفتاوى المتطرفة والمتشددة؛ إلا أن سطوة «عبد السلام» وتحكمه في مقاليد الأمور داخل المشيخة، جعلته يفشل هذا المشروع الهام ويفرغه من مضمونه وذلك حين أوكل إلى الدكتور محمد عمارة، أحد قيادات جماعة الإخوان، مهمة تدريب مفتي الأزهر العاملين بالمركز.

 

وقد نجح «عبد السلام»، في أن يجعل شباب المفتين بمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية متعاطفين مع الفكر الإخواني الإرهابي، ويفخرون بأن محمد عمارة، أستاذهم ومعلمهم، ولعل هذا يظهر في الصور التي توضح تكالبهم على تقبيل يد «عمارة».

 

كما عمل «عبد السلام» أيضًا على أن يتوافر في العاملين بالمركز الإعلامي للأزهر الشريف، مواصفات تخدم مخطط «أخونة الأزهر»، ونجح في هذا بالفعل حين انتقى مجموعة تدين له بالولاء التام ولا يجدون حرجًا في القول بإن «شيخ الأزهر الفعلي هو المستشار».

 

عبد السلام.. وأدلة التربح من منصبه

 

سبق ونقلنا في مقدمة هذا التحقيق شهادة أهالي قرية «نوب طريف» (موطن رأس المستشار) والتي أكدوا فيها أن الثراء الفاحش لم يظهر على أفراد عائلة «عبد السلام» إلا بعد أن أصبح مستشارًا لشيخ الأزهر، وذكروا أن محمد عبد السلام يمتلك (على سبيل المثال وليس الحصر)، شقتين فاخرتين في حي سان ستيفانو بمحافظة الإسكندرية، يتجاوز سعر الواحدة منهما الثلاثة ملايين جنيه مصري، والرواية ذاتها أكدها لنا مصدر يعمل بمكتب وكيل شيخ الأزهر وكان من المقربين للدكتور عباس شومان (وكيل الأزهر السابق).

 

المصدر ذاته، أوضح أن «عبد السلام» يمتلك سيارة «مرسيدس» بيضاء اللون، يتجاوز سعرها الـ«نصف مليون دولار»، وقد أهديت إليه هذه السيارة من إحدى الدول العربية التي تحتضن قيادات جماعة الإخوان، ولم تكن سيارة المستشار الخاصة تظهر داخل أروقة المشيخة إلا في أيام قليلة على مدار السنوات السابقة، وكانت تأتي لتنقله إلى أماكن يلتقي فيها بضيوف من خارج مصر داخل أحد أكبر فنادق القاهرة والذي يقع على مقربة من كورنيش النيل وخصص لـ«عبد السلام» بداخله جناحًا خاصًا مدة 4 سنوات.

 

يضيف المصدر، أن المشيخة خصصت للمستشار التشريعي والقانوني لشيخ الأزهر سيارة ماركة «شيفرولية» سوداء اللون، معتم زجاج أبوابها (الفاميه)، وهذه السيارة هي التي كانت تنقله من وإلى مشيخة الأزهر، وإضافة إلى ذلك فإن «عبد السلام» يمتلك مسكنًا فخمًا داخل حي التجمع الخامس بالقاهرة تتعدى قيمته الـ10 مليون جنيه مصري.

 

سرقة أموال مكتبة الأزهر

 

خلال السنوات الماضية أعلنت إحدى الدول عن تمويل حزمة من المشاريع التي تخدم الأزهر الشريف وتعينه في آداء مهمته، بمخصصات مالية قاربت 155 مليوناً، وكان من ضمنها إنشاء مقر جديد لـ«مكتبة الأزهر الشريف» بطريق صلاح سالم وبالقرب من مقر رئاسة قطاع المعاهد الأزهرية بمدينة نصر، بمواصفات تجعل منها المكتبة الأولى في الشرق الأوسط.

 

يؤكد مصدر مطلع داخل مكتبة الأزهر الشريف، أن دولة الإمارات أرسلت المخصصات المالية لإنشاء مقر جديد لمكتبة الأزهر بالكامل على الحساب الشخصي لـ«محمد عبد السلام»، وفوجئ الجميع منذ أسابيع قليلة مضت بالشركات التي تولت تشييد هذا الصرح العالمي تطالب بباقي مستحقاتها المالية بعد أن أنهت مهمتها ولم تتقاضى سوى نسبة قليلة من حقوقها، وهنا اكتشف الجميع أن «عبد السلام» استولى على ملايين الجنيهات المخصصة لبناء مكتبة الأزهر، وهناك شخصيات من داخل الأزهر تتفاوض معه كي يوافق على إعادة هذه المبالغ خاصة وأنه ينكر صلته بهذا الأمر.

 

 

الإستيلاء على أموال «صوت الأزهر»

 

لم يكن إستيلاء «عبد السلام» على المخصصات المالية لإنشاء مقر جديد لمكتبة الأزهر، هو نهاية المطاف، فقد كرر الرجل الأمر ذاته حين استولى على مبلغ مالي قدره 50 مليون جنيه مصري، تبرعت به إحدى الدول العربية لتمويل خطة شاملة لتطوير صحيفة «صوت الأزهر» وإنشاء مقر جديد لها يتوافر بداخله كافة الوسائل التكنولوجية الحديثة، وذلك وفقًا لما أكده مصدر كان مقربًا من المستشار التشريعي والقانوني السابق لشيخ الأزهر.

 

المصدر ذاته، يؤكد أن أموال تطوير صحيفة «صوت الأزهر» وإنشاء مقر جديد لها، سلمت كالعادة لـ«عبد السلام» والأخير بدوره اعتبر هذه الملايين ملكًا خاصًا له وضرب عرض الحائط بخطة التطوير، وظلت الصحيفة حتى يومنا هذا في مقرها القديم بالطابق الثاني بقاعة الإمام محمد عبده بالدراسة، ولا يُعلم حتى الآن مصير هذه الأموال ولا أين ذهبت؟ كما بقيت الرواتب الشهرية لصحفيي الجريدة كما هي دون زيادة بالرغم من تخصيص مبلغ آخر قيمته مليون جنيه شهريًا لتحسين المستوى المادي الصحفيين والخدمات المقدمة لهم، وهذا المبلغ التزمت بارساله كل شهر إحدى الدول العربية على مدار عامين، ولم يحصل منه الصحفيين والعاملين بـ«صوت الأزهر» سوى على 120 ألف جنيه شهريًا، ودأب «عبد السلام» الإستيلاء على باقي المبلغ كل شهر طيلة عامين.


بحث

ADS

تابعنا

ADS