تدخل الأزمة السياسية بين مدريد وبرشلونة بشأن استقلال إقليم كتالونيا عن أسبانيا أسبوعها الثاني، وسط ترقب واهتمام شديدين من قبل حكومات دول الاتحاد الأوروبي وأسبانيا لخطاب الحسم المرتقب الذي سيلقيه غدا الثلاثاء حاكم الإقليم كارليس بيجديمونت أمام البرلمان الكتالوني بعدما لم ترد الحكومة الإسبانية على مقترحات الوساطة تجاه الأزمة.
وخطاب الحسم الذي سيلقيه غدا بيجديمونت قد يعلن خلاله استقلال إقليم كتالونيا المتمتع بالحكم الذاتي عن أسبانيا، وذلك من طرف واحد في ظل حوار غائب، بعدما فتح رئيس حكومة الإقليم يوم الأحد الماضي عبر إجراء الاستفتاء على الانفصال، الباب أمام احتمال إعلان الاستقلال، فكتالونيا ذات اللغة الخاصة بها والعادات والتقاليد المميزة لإقليمها يعود تاريخ مطالبتها بالاستقلال عن أسبانيا للواجهة من جديد بسبب الأزمة الاقتصادية، بعدما أعيتها محاولات عديدة للاستقلال على مدى قرون سابقة.
وفي محاولة للتهدئة، وإزالة التوتر الذي يخيم على الموقف وقبول الأمر الواقع، أكد بيجديمونت أن الانفصاليين لا يخططون لانفصال صادم مع إسبانيا، ملمحا إلى أنه لن يتراجع، حيث لا يمكن العودة للوراء بعد الاستفتاء، فيما تعهد الزعماء من الانفصاليين في الإقليم بإعلان الاستقلال من طرف واحد، وعلق القضاء الإسباني جلسة برلمان كتالونيا التي كان من المقرر عقدها اليوم الاثنين بناء على طلب الكتلة الاشتراكية في البرلمان الرافضة لعقد جلسة حول الاستقلال.
خطوة جريئة غير محمودة العواقب يترقبها الجميع غدا في هذه المنطقة الأوربية من العالم، لما تحمله من خطورة وعواقب وخيمة، إذ أنها قد تثير المزيد من الاضطرابات في إقليم كتالونيا القابع في شمال شرق البلاد، والذي يعتبر الواجهة السياحية الأشهر في أسبانيا.
وبالأمس وبعدما تأكد حتى تلك اللحظة أن سبل الحوار مسدودة، خرج نحو مليون شخص في مسيرات حاشدة بمدينة برشلونة عاصمة الإقليم، تتكلم بصوت الأغلبية الصامتة الداعمة للوحدة الوطنية، مسيرات ضمت مؤيدين ومعارضين للاستقلال، وممثلي المجتمع المدني، تحت شعار ” فلنعد للصواب”، خرجوا مدافعين عن وحدة البلاد في محاولة منهم للضغط على كافة الأطراف لفتح الطريق للحوار، آملين أن تكلل محاولاتهم بالنجاح في تغيير مسار الأزمة التي تجنح نحو المزيد من التعقيد، وأن يقبل الطرفان الأسباني والكتالوني مبدأ الحوار والجلوس على طاولة المفاوضات قبل أن تتأزم الأمور أكثر من ذلك.
يأتي ذلك على ضوء فشل ضغوط الاتحاد الأوروبي الداعية إلى الحوار كوسيلة للخروج من الأزمة، بعدما تشبث كل طرف بموقفه، وساءت لغة الحوار أكثر مع اتهام بيجديمونت حالكم الإقليم لملك أسبانيا فيليبى السادس بالوقوف في صف الحكومة في الأزمة القائمة وتجاهل مطالب الكاتالونيين.
سبل الحوار باتت مسدودة بحسب آخر تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوى الذي أكد رفضه التفاوض من أجل حل أزمة إقليم كتالونيا، مشددا على أن وحدة أسبانيا غير قابلة للتفاوض، وأن الابتزاز لا يمكن أن يساهم في بناء شيء دون العودة للشرعية، رافضا نتيجة الاستفتاء، معتبرا أنه غير قانوني ولم يراع العمل ضمن أطر النظام الدستوري في أسبانيا.
ساعات قليلة باقية على خطاب الحسم، ولم يحن بعد في الأفق وقت الحوار والسبيل للخروج من المأزق وباتت كل الاحتمالات متوقعة ومطروحة في هذه الأزمة، حيث إعلان استقلال كتالونيا من طرف واحد استقلال أحادي الطرف يحرمها من عضوية الاتحاد الأوروبي وهو ما حذر منه رئيس الوزراء الإسباني، ويدفع المحكمة المركزية في إسبانيا إلى إلغاء الحكم الذاتي أو تعليقه وفرض حكم مباشر من العاصمة وهو الأمر الذي يخشاه الكثيرون، وزيادة المخاطر الاقتصادية في إسبانيا التي تشهد أسوأ أزمة سياسية منذ عقود حيث تساهم كتالونيا أغنى الأقاليم الإسبانية الواقعة شمال شرقي البلاد بقرابة 22 في المائة من الاقتصاد الإسباني، وهي مقر لآلاف الشركات المحلية والأجنبية التي توظف الملايين.