عواء سيارة الإسعاف يثيرالفزع في المكان، العيون تترقب.. جثة أسماء مسجاة على ظهرها وبها جرح ذبحي في الرقبة، وقد تجمدت الدماء حولها وشخصت عيناها في جحوظ مرعب.
رجال الإسعاف يحملون الجثة، صوت محقق النيابة يخترق الآذان بعد أن أمر الإسعاف بالتحفظ على الجثة في المشرحة لحين إعداد تقرير الصفة التشريحية للوقوف على ملابسات الجريمة وأسباب الوفاة.
التفاصيل الكاملة بدأت بمكالمة دولية واتصال هاتفي من والد الفتاة الذي يعيش في أحد دول الخليج، وظل لمدة 3 أيام بحاول الوصول إلى ابنته دون جدوى، فيما بدأت رائحة كريهة تنبعث من داخل الشقة التي تسكنها المجني عليها، رائحة الموت التي يعرفها كل من تشممها، ومما زاد من يقين الجيران بأن مكروها وقع للفتاة، عندما لاحظوا أن شباك غرفة النوم مفتوح على مصراعيه، ما يدل على أن أحدا بالداخل، وإلا لكان أغلق جميع منافذها قبل أن يغادرها، طرقوا باب الشقة التي تقع في الدور الرابع، لم يستجب أحد، فاتصلوا بمديرية أمن القاهرة لتحضر بقوة على رأسها اللواء أشرف الجندي، مساعد الوزير لأمن القاهرة، وقوة من قسم شرطة المقطم لكسر باب الشقة، ليكتشفوا الجريمة.
رجال الإسعاف جاءوا وحملوا الجثة إلى مشرحة زينهم بعد أن أمرت النيابة بتشريحها للوقوف على أسباب الوفاة، بينما بدأت وحدة مباحث قسم شرطة المقطم في جمع المعلومات وإجراء التحريات عن كل علاقات المجني عليها، ولأن هاتفها المحمول كان ضمن المسروفات فقد اضطروا إلى اللجوء لشركات المحمول لفحص المكالمات التي أجرتها واستقبلتها القتيلة قبل وقوع الجريمة.
كثف رجال البحث الجنائي، بإشراف اللواء نبيل سليم، مدير الإدارة العامة لمباحث العاصمة، جهودهم في استجواب كل من له علاقة بالجريمة، واستدعوا كل أصدقاء الشابة الضحية، ومن بينهم صديقتها كريمة التي ما أن أخبرها رجال المباحث بما حدث لصيقة عمرها، حتى انهارت بالبكاء، ولم تحتمل الصدمة.اللغز عند كريمةقضت كريمة سنوات شبابها في شقاء وبؤس وحرمان، بالكاد تجمع قوت يومها بعد أن تظل تركض وراء فتات يلقيه لي أحدهم، أو تطارد لقمة خرجت عفوا من بطن من تراهم سبب تعاستها، هولاء الأغنياء الذين ملكوا الدنيا وتركوها في القاع تصارع الذل والمتربة.
عاشت ليالي طويلة ينهش الجوع اللئيم أحشاءها، تكمل عشاءها نوما، ويراودها كابوس من الأسئلة كلما هجعت إلى غفوة قصيرة، “متى يأتي يوم وأعيش كما تعيش بنات الذوات؟ لست أقل منهم في شيء، حظي العثر أنني فقيرة، ليس لدي مال لأعبث به كما تعبث الفتيات التافهات”.
هموم كريمة لم تقف عند هذا الحد، وزادت بعد أن طالبتها صديقة عمرها برد مبلغ 5 آلاف جنيه كانت قد اقترضته منها، لا تملك من حطام هذه الدنيا سوى الحقد والكراهية لصديقتها ولكل من رأت مالا في يدهم، أو لحظت أثرا للنعمة عليهم، فأكلت الغيرة القاتلة قلبها وأعمته حتى عمد إلى ارتكاب جريمة قتل صديقتها مع سبق الإصرار والترصد.
قالت كريمة إنها تعرفت على أسماء منذ نحو سنوات، ربطتهما علاقة زمالة بالدراسة، إلا أنها لم تكمل واضطرت إلى ترك الجامعة والتفرغ للعمل، وأثناء مناقشتها لاحظ الرائد محمود إسماعيل، رئيس مباحث قسم شرطة المقطم، وجود “ماسك” تجميلي حديث على وجهها، كما لاحظوا وجود علبة مكياج حديثة الشراء من النوع باهظ الثمن، بما لا تناسب مع مظهرها والظروف القاسية التي حكتها عن نفسها.
خيط يقود إلى القاتلبدأ معاونو مباحث قسم شرطة المقطم في إمساك الخيط، وعلى الفور تقرر تكثيف مراقبة كريمة، حتى وصلت إشارة من العناصر السرية المكلفة بمراقبتها بتأكيدهم أنها قامت بشراء ملابس باهظة الثمن من أحد المتاجر التي تقع في أحد الأحياء الراقية، وفي هذه اللحظة داهمها رجال المباحث من جديد، وبتضييق الخناق عليها سردت كريمة اعترافاتها بقتل صديقة عمرها وسرقة 20 الف جنيه منها، بالإضافة إلى استيلائها على مصوغاتها الذهبية.
المتهمة قالت إنها وضعت خطتها للتخلص من صديقتها بعد إلحاح الأخيرة عليها في رد المبلغ الذي اقترضته منها، واتصلت بها يوم الحادث في الساعة العاشرة صباحا، واتفقت معها على موعد لزيارتها.
وحكت المتهمة تفاصيل الجريمة أمام جهات التحقيق، فقالت: طرقت الباب، ففتحت لي أسماء، فتصنعت التعب من المشوار وطلبت منها كوب ماء، وذهبت معها إلى المطبخ أتصنع الود، أحفظ كل قطعة في منزلها، وأعرف أين تضع السكاكين وأدوات الطبخ، وعندما أدارت لي ظهرها، ذبحتها من الخلف، فسال دمها على ملابسي، وقد غرست أظافرها في وجهي تطلب الرحمة، وفتشت سريعا في غرفة نومها حيث تضع أموالها، وجدت 20 ألف جنيه وبعضا من مصوغاتها الذهبية، أخذتهم، وخرجت من غرفة النوم فوجدت خيط الدم قد سال في احتجاج على الغ
وجدت 20 ألف جنيه وبعضا من مصوغاتها الذهبية، أخذتهم، وخرجت من غرفة النوم فوجدت خيط الدم قد سال في احتجاج على الغدر بصاحبته، تجاهلته، غسلت يدي من الدم في دلو ماء، في هذه اللحظة أكتشفت وجهي الذي شوهته الجروح والخدوش أثناء مقاومتها لي، عالجت جروحي بماء وقطن، وأتجهت إلى الباب لأخرج.
وأضافت المتهمة بأنها بمجرد أن غادرت مسرح الجريمة، ذهبت إلى الكوافير لعمل مكياج و”ماسك” لإخفاء الخدوش التي سببتها المجني عليها في وجهها أثناء مقاومتها.
وكانت مباحث القاهرة ألقت القبض على (كريمة.أ) ربة منزل لاتهامها بذبح المجني عليها (أسماء.ع) داخل شقتها بحي الأسمرات، وسرقة أموالها، وأظهرت معاينة النيابة لموقع الحادث، أن الجثة لربة منزل في العشرين من عمرها مسجاه على ظهرها بأرضية صالة الشقة ترتدي ملابسها كاملة، وبها إصابات عبارة عن جرح ذبحي بالرقبة من الأمام، وعُثر بجوارها على دلو به كمية من المياه وبداخله سلاح أبيض (سكين) وقطعة قماش تم التحفظ عليهم.