قال عالم الآثار الدكتور زاهي حواس: “ليس هناك أي داعٍ لأن يتحدث الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق عن الآثار، فهو رجل فقيه في الدين ولذا فإنه عندما تحدث عن الآثار فقد تحدث بمعلومات عن الآثار لا تمت للعلم بصلة، بل هي معلومات رددها الكثيرون من مهووسي الآثار دون علم أو دراسة، ولا يمكن للشيخ علي جمعة أن يأتي في حديث تليفزيوني ويفتي في أشياء ليست من تخصصه، وهو لم يكتب مقالاً علميًا واحدًا في علم الآثار، مشيرا إلى أن أغلب ما قاله الشيخ علي جمعة هو ترديد لما كتبه الدكتور سيد كريم في كتاب له باسم “لغز الحضارة المصرية”.
وأضاف: كل ما جاء في هذا الكتاب عبارة عن تخيلات بعيدة عن العلم، وقد ردّد هذه المعلومات، التي أدلي بها الشيخ علي جمعة، الدكتور مصطفي محمود في برنامجه “العلم والإيمان” وما يزال البعض من غير الدارسين يرددون هذا الكلام الذي يتساوى مع مهاويس الشهرة الذين يقولون إن الهرم بناه قوم جاءوا من قارة أطلنتس المفقودة. وما قاله الآن هو عبارة عن ترديد لما قاله الرحالة العرب عندما جاءوا إلى مصر في القرن التاسع الميلادي.
أولاً: ما هو دليله على أن النبي إدريس هو أول من بنى الأهرامات وأن تمثال “أبو الهول” تجسيد له وعلم التحنيط…؟!
ولدينا الأدلة الكاملة عن أن الملك زوسر هو الذي بنى أول هرم موجود لدينا، وأن الذي غيّر البناء من الطوب اللبن إلى الحجر هو إيمحتب العبقري، ولدينا أقدم بردية عُثر عليها إلى الآن، وهي بردية وادي الجرف، والتي يتحدث فيها رئيس العمال “مرر” عن بناء هرم خوفو. وقال إن منطقة الهرم كانت تسمى “عنخ خوفو”، بمعنى “خوفو يعيش”، وأن خوفو عاش في قصر بالهرم، وتحدث عن مدة حكم خوفو.
وبعد ذلك استمر بناء الأهرامات حتى بداية الدولة الحديثة. وهل يمكن أن ننسى كل هذا وكذلك المقابر الموجودة في الجيزة، والتي تتحدث عن كهنة خوفو وخفرع ومنكاورع والعديد من الألقاب المتصلة بالعالم الآخر وبالادارة في الحكم، وهل يمكن أن ننسى القوائم الملكية التي تحدد أسماء الملوك وليس بينهم اسم النبي إدريس عليه السلام؟!!
أما عن “أبو الهول” فلا يعود، على حد قول الشيخ علي جمعة، إلى ما قبل عهد خوفو وخفرع وهذا خطأ فادح؛ لأن كل الأدلة العلمية تشير إلى أن “أبو الهول” يعود إلى عهد الملك خفرع وأن نحته تم؛ كي يظهره في شكل حورس وهو يتعبد إلى الإله رع، والذي يظهر في المعبد الكائن أمام “أبو الهول”، وأن المصريين القدماء قد ربطوا بين قوة الأسد والملك، في شكل أسد يظهر وهو يطأ ويدوس أعداءه. وقد ظهر هذا الشكل الفني منذ عهد الملك “جد إف رع”، ابن الملك خوفو. ويُصور فيه الملك بوجه إنسان وجسم أسد مما يظهر قوة الملك،واستمر ذلك التصوير للملوك في الأسرتين الخامسة والسادسة حتى نهاية العصر المتأخر في طريق “أبو الهول” الذي يربط معبد الأقصر بمعابد الكرنك. ولا أعرف كيف ربط الشيخ علي جمعة بين تمثال “أبو الهول” وسيدنا إدريس؟ وما دليلك على ذلك يا شيخ علي؟
وأما عن موضوع أن سيدنا إدريس هو أول من قام برسالة التوحيد، فلا يجب أن لا ننسى قبل وجود أية أديان سماوية أن ظهر لنا الملك أخناتون كأول إنسان يتحدث عن التوحيد.، أما عن موضوع إدريس وربطه بأوزيريس، فهذا للأسف تم ربطه بسبب السجع اللغوي بين الاسمين. وآسف جدًا أن أقول إن هذا هو ما ردّده د. سيد كريم دون علم أو دليل، وإن سيدنا إدريس لم يعلم التحنيط؛ لأن التحنيط لم يأتِ مرة واحدة بل تعلمه المصريون منذ الأسرة الأولى حين قاموا بتجفيف الجثث، ووضعوا بعض المواد على الأرجل. وبعد ذلك تطور الأمر إلى عمل أقنعة في الأسرة الرابعة، ولم يصل التحنيط إلى ذورته إلا في الأسرة 18.
واختتم حديثة: “كنت أتمني من الشيخ علي جمعة، وأنا أحبه وأقدره على المستوي الشخصي، ولكن عندما يتحدث عن الآثار، فأقول له بصدق وقوة ووضوح: “قف، وتراجع عن هذه الأقاويل غير العلمية والتي يرددها غير المتخصصين”.