كشف المخرج الكبير محمد خان في كتابه “مخرج على الطريق” أن الفنان نور الشريف من اقترح إنتاج أول فيلم له بعنوان “ضربة شمس”، ويصفه أنه أنشط ممثل منتج في السينما المصرية الحديثة.
وتحمس الشريف -الذي حلت أمس ذكرى وفاته في 11 أغسطس 2015- لتقديم محمد خان في أول أفلامه السينمائية، كما كان داعما لجيل من السينمائيين الجدد في السينما المصرية ممثلا ومنتجا، وكان أهم من تعاون معهم الشريف هو المخرج عاطف الطيب الذي قدم معه أحد أهم أفلام السينما المصرية “سواق الأتوبيس” في بداية مشواره، كما أنتج أيضا الفيلم المثير للجدل “ناجي العلي”.
ناجي العلي
تبنى المخرج عاطف الطيب والمؤلف بشير الديك ونور الشريف في أواخر الثمانينيات فكرة إنتاج فيلم يحكي قصة رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، ليعيد القضية الفلسطينية للنقاش في مصر، وعرض الفيلم لمدة أسبوعين فقط في دور السينما عام 1992، وتم سحبه عقب الهجوم الشديد من الصحافة، وظل الفيلم ممنوعا من العرض حتى عرضه التليفزيون المصري في 2014.
وردا على حملة الهجوم، كتب نور الشريف “صورَنا الهجوم، نحن فريق الفيلم، كما لو كنا مجموعة من الخونة صنعوا فيلما خصيصا ضد مصر، حتى أنهم كتبوا وقالوا نور الشريف يقوم ببطولة فيلم الرجل الذي “شتم” مصر في رسوماته، والحقيقة أن هذا الاتهام باطل، ناجي العلي كان يعشق مصر لأبعد الحدود، وهذا ما توضحه رسوماته، ولكنه هاجم السادات عند زيارته للقدس، وهاجم اتفاقية كامب ديفيد”.
ويحكي الشريف -في لقاء تلفزيوني مع المؤلف مدحت العدل- أن سيناريو الفيلم تم الإشادة به من الرقابة، وفوجئ بأن بعضا من الزملاء شاركوا في الهجوم عليه واتهامه بتقاضي 3 ملايين دولار من منظمة التحرير الفلسطينية لتنفيذ الفيلم، ويرد الشريف أن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات نفسه تدخل لدى مبارك لمنع عرض الفيلم.
وفي مهرجان القاهرة السينمائي طلب عرض الفيلم في افتتاح المهرجان، فطلب الرئيس ياسر عرفات من مبارك منع عرض الفيلم، وبعد عرض الفيلم انطلقت حملات صحفية معارضة للفيلم في الصحف القومية المصرية، بدأها الكاتب إبراهيم سعده في صحيفة “أخبار اليوم” حيث وصف الفيلم بأنه ضد مصر، وطالب بعدم عرضه في المهرجان القومي للسينما، وفقا للناقد الراحل سمير فريد.
الكرنك
في عام 1975، قدم المخرج علي بدرخان فيلم “الكرنك” عن رواية لنجيب محفوظ، وقدم الفيلم عمليات التعذيب الممنهج لسجناء الرأي في عهد جمال عبد الناصر، ورأي مهاجموه أن الفيلم يشوه صورة الزعيم جمال عبد الناصر، رغم أن نور الشريف كان ناصريا بحسب جريدة الأهرام.
جاء إنتاج الفيلم عقب حرب أكتوبر، إذ سمح نظام السادات بمهاجمة الحقبة الناصرية، ومع نجاح الفيلم تم إنتاج العديد من الأفلام التي هاجمت النظام الناصري مثل “وراء الشمس” و”إحنا بتوع الأتوبيس”.
ويعد الشريف أحد أهم نجوم السينما لمصرية، حيث قدم أكثر من 180 فيلما وعشرات الأعمال المسرحية والتلفزيونية، وقد ولد نور الشريف في القاهرة في 28 أبريل/نيسان 1946 لأسرة تنحدر من الصعيد.
شكل مع المخرج عاطف الطيب ثنائيا مميزا فقدما معا 9 أفلام، ومن أبرزها سواق الأتوبيس (1982)، كتيبة الإعدام (1989)، ناجي العلي (1992)، دماء على الأسفلت (1992)، ليلة ساخنة (1995).
خاض الشريف أيضا تجربتين جديدتين على السينما المصرية عندما اختار ثيمة الخيال العلمي في فيلم “قاهر الزمن” (1987) و”الرقص مع الشيطان” (1993).
في الدراما التليفزيونية، تنوعت أعماله بين الدراما الاجتماعية والدينية، فكان من أبرزها مسلسل “لن أعيش في جلباب أبي” عن قصة لإحسان عبد القدوس، وجسد فيها الشريف بإتقان رحلة صعود رجل الأعمال “عبد الغفور البرعي”، وأصبح المسلسل أحد أهم إنتاجات الدراما العربية.
كما أثار الشريف جدلا واسعا بتقديمه شخصية الرجل المزواج في مسلسل “عائلة الحاج متولي” (2001)، واهتم بتقديم المزيد من المسلسلات في الألفية مثل ثلاثية “الدالي” و”حضرة المحترم أبي” و”عرفة والبحر”.
كان الشريف عاشقا للتاريخ الإسلامي، وهو ما دفعه لتقديم شخصيتي هارون الرشيد وعمر بن عبد العزيز في مسلسلين تلفزيونيين، كما قدم شخصية الفيلسوف المسلم ابن رشد في العصر الأندلسي في فيلم “المصير” للمخرج يوسف شاهين، الذي عرضه مهرجان كان السينمائي الدولي (1997).
وظل نور الشريف عاشقا للسينما حتى أيامه الأخيرة فقدم فيلم “بتوقيت القاهرة” مع المخرج أمير رمسيس، قبل أن يرحل عن عالمنا في 11 أغسطس/آب عام 2015 عن عمر ناهز 69 عاما.