تنتمي الفنانة زوزو حمدي الحكيم إلى الجيل الأول للفنانات المصريات اللاتي احترفن التمثيل، فهي من أوائل الفتيات المصريات اللاتي عملن بالتمثيل خلال النصف الأول من القرن العشرين ولم يسبقها بالتمثيل سوى عدد قليل من الفنانات أبرزهن أمينة رزق، وفردوس حسن والمصريات اليهوديات ومن بينهن: أديل ليفي، صالحة قاصين، استر شطاح، نظلة مزراحي، سرينا إبراهيم، هنريت كوهين.
مكان مولد زوزو الحكيم
الفنانة القديرة زوزو حمدي الحكيم من مواليد 6 ديسمبر 1912 بمحافظة “أسيوط” (وإن ذكرت بعض المراجع الأخرى أنها من مواليد 8 نوفمبر 1912 بقرية “سنتريس” بمحافظة المنوفية”)، وهي تنتمي إلى إحدى الأسر التي تتمتع بثقافة رفيعة وحس فني عالي.
بدأت علاقتها بإحتراف الفن بالإلتحاق بعدة فرق مسرحية من أهمها الفرق الأربعة التالية: “الريحاني”، “رمسيس” ليوسف وهبي، “فاطمة رشدي”، “القومية”. وقد شاركت من خلال فرقة “فاطمة رشدي” في العديد من المسرحيات المتميزة ومن بينها على سبيل المثال: “النسر الصغير”، “اليتيمة”، “مروحة الليدي وندرمير”، “عفريت مراتي”، “الملك لير”، “الدفاع”، “الستات ميعرفوش يكدبوا”.
ريا وسكينة
وقد اشتهرت الفنانة القديرة زوزو حمدي الحكيم بتجسيدها لأدوار المرأة الشريرة، ولم ينافسها في أداء أدوار الشر سوى عدد قليل جدا من الفنانات منهن نجمة إبراهيم، علوية جميل، ملك الجمل، زوزو نبيل، نعيمة الصغيروتفوقت في تجسيد شخصيات المرأة الشريرة التي تحالف الشيطان، والقاتلة محترفة الإجرام، ورئيسة العصابة، المرأة قاسية القلب التي لا تعرف الرحمة لقلبها سبيلا، زوجة الأب القاسية، الزوجة المستبدة، ولعل أشهر أدورها في هذا الصدد دور “سكينة” في فيلم “ريا وسكينة” عام 1952.
ولعل من أشهر أدوارها السينمائية أيضا دورها بفيلم “المومياء”، وهو الفيلم الذى ما يزال متصدرا قائمة السينما المصرية، وقد قدمت من خلال هذا الفيلم نموذجا للأم الصعيدية المتسلطة الصارمة، وكذلك أدوارها في أفلام: “موعد مع السعادة (كبيرة الممرضات شديدة الحزم والقسوة)، “صراع الأبطال” (شخصية الداية الجاهلة التي تحرض الأهالي ضد الطبيب)، “بيت الطالبات” (مديرة الدار الحازمة الأستاذة نعيمة)، “وا إسلاماه” (شخصية مشرفة الجواري المتعجرفة في قصر السلطان).
زوزو الحكيم والإذاعة
وتضم قائمة أعمالها عدة مساهمات ثرية بالإذاعة حيث قامت ببطولة عدد كبير من المسلسلات والتمثيليات الإذاعية، وكذلك كانت من أوائل الفنانات اللاتي قمن بالعمل في في الدراما التليفزيونية منذ بداية الإنتاج عام 1961، وذلك بمشاركتها في بطولة عدة مسلسلات من بينها المسلسل التليفزيوني الأشهر “العسل المر”، كما يحسب لها أيضا عدة مشاركات تليفزيونية أخرى مهمة، بتجسيدها لبعض الأدوار الرئيسة في عدد من المسلسلات المتميزة ومن بينها: “مذكرات زوج”، “أفواة وأرانب”، “محمد رسول الله”.
ويذكر أنها فى أوائل فترة الستينيات من القرن العشرين أقامت في دولة “الكويت” لمدة أربعة أعوام ساهمت خلالها مع أستاذها الرائد زكي طليمات في تأسيس المسرح الكويتي.
قصيدة الأطلال
وجدير بالذكر أن الفنانة زوزو حمدي الحكيم كانت من الممثلات المثقفات وحافظة جيدة للشعر وتجيد إلقاءه، ومن رواد الصالونات الأدبية فقد حرصت منذ أن بدأت تشق طريقها الي الفن علي التواجد بالوسط الثفافي وحضور الندوات والأمسيات الشعرية. وقد ارتبطت بالعديد من العلاقات والصداقات في الوسط الثقافي والفني، كما أشيع أنها كانت الملهمة الأولى لبعض فطاحل الأدب والشعر ومن بينهم الأديب زكي مبارك والذي قيل إنه كتب فيها عددا من قصائده الشعرية، والدكتور إبراهيم ناجي الذي ترجم مشاعره نحوها في قصيدته الأشهر “الأطلال” (التي تغنت بها سيدة الغناء العربي أم كلثوم)، حيث أكد ناجي بنفسه أنه وقع في حبها بعدما جذبته بثقافتها وجمالها الهادئ أثناء ترددها علي عيادته الخاصة لعلاج والدتها، فكان يكتب لها أبيات الشعر علي ظهر “روشتة” العلاج، ثم ربطته بها بعد ذلك قصة حب فأصبحت ملهمته في عدد من القصائد، ومن بينها كما أشيع قصيدة “الأطلال” التي تغنت بها كوكب الشرق أم كلثوم، والقارئ لدواوين د.إبراهيم ناجى سيجد أكثر من قصيدة له كتب تحت عنوانها إهداء إلى “ز”.
زواج زوزو الحكيم من محمد التابعي
وإذا تطرقنا إلى حياتها الشخصية فيذكر أن الفنانة زوزو حمدى الحكيم قد تزوجت ثلاث مرات، ولم يحالفها الحظ بالتوفيق في زيجتين منهما. كان زواجها الأول وهي لم تبلغ السادسة عشرة بعد، وذلك عندما اضطر والدها إلى تزويجها لأول عريس مناسب يتقدم لخطبتها نظرا لأن جمالها الهادئ كان حديث شباب القرية، وذلك بالرغم من إقتناعه الكبير بضرورة تعليمها – حتى أنها قبل زواجها مباشرة كانت قد قاربت من الحصول على البكالوريا – وبالفعل اشترط والدها على زوجها ضرورة استكمال ابنته لتعليمها حتى تحصل على البكالوريا، ولكن الزوج نكث وعده بعد شهور من الزواج ورفض رفضا قاطعا أن تستكمل “زوزو” تعليمها، مما جعلها تهرب إلى منزل خالها بالقاهرة، واستكملت الدراسة بالفعل وحصلت على شهادتها مما دفع الزوج إلى تطليقها على الفور!!.
أما زواجها الثاني فكان زواجا سريا من دونجوان الصحافة الكاتب الصحفي محمد التابعى، لكن زواجهما لم يستمر طويلا. وبعد عدة سنوات من طلاقها الثاني تزوجت في منتصف الأربعينيات من خارج الوسط الفني، وقد استمر زواجها الثالث ربع قرن أنجبت خلاله ابنتها الوحيدة، وقد ظلت وفية له في حياته وباقية على عهده بعد رحيله.
حتى رحلت بعد رحلة معاناة مع المرض في 18 مايو عام 2003، حيث أصيبت بالشلل خلال الفترة الأخيرة من عمرها.