منذ الجمعة الماضية بدأ اللبنانيون المقيمون بالخارج التصويت في الانتخابات البرلمانية المقررة اليوم 15 أيار/ مايو داخل لبنان.
حيث جرت الانتخابات في الخارج على دفعتين، الجمعة في تسع دول عربية وفي إيران، بينما ينتخب المغتربون في 48 دولة أخرى الأحد المقبل. ووصلت نسبة الاقتراع فيهما وفقاً للخارجية اللبنانية، إلى حدود 60 بالمئة . أما في داخل لبنان يُفرض “الصمت الانتخابي” الذي يُمنَع بعده القيام بحملات إعلامية وتصريحات انتخابية.
وبعد انتهاء عمليات التصويت، تُنقل صناديق الاقتراع بعد إقفالها بالشمع الأحمر عبر شركة شحن خاصة إلى لبنان لإيداعها في البنك المركزي، على أن يتم فرزها واحتساب الأصوات في ختام الانتخابات في 15 أيار/مايو.
استحقاق لا يتوقع محللون أن يغير في المشهد السياسي العام في ظل انهيار اقتصادي غير مسبوق.
الانتخابات النيابية في لبنان: هل من ضمانات حول نزاهة وشفافية عملية الاقتراع؟
تأتي هذه الانتخابات بعد انتفاضة شعبية عارمة شهدها لبنان خريف 2019وما تلاها من احتجاجات مناهضة للفساد وتفجير مدمر في مرفأ بيروت في عام 2020 الذي دمر مساحات شاسعة من العاصمة، ما أسفر عن مقتل 215 شخصاً، احتجاجات طالبت بتنحي الطبقة السياسية وحملتها مسؤولية التدهور المالي والاقتصادي والفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة.
وينظر كثر إلى الانتخابات كفرصة لتحدي السلطة التي فشلت عبر السنوات الأخيرة في اخراج لبنان من دوامة الانهيار الاقتصادي والتردي المعيشي ،لكن ورغم إدراكهم أن حظوظ المرشحين المعارضين والمستقلين لإحداث تغيير سياسي ضئيلة في بلد يقوم على المحاصصة الطائفية وأنهكته أزمات متراكمة.
إلا أن المؤشرات الأولية وبعد أن بلغت نسبة التصويت في الخاج 60% ، تتضح نية الناخب اللبناني سواء في الداخل أو الخارج في تنحية الوجه المؤلوفة من الساسة ورجال الدولة ، واختيار أفراد مشهود لهم بالنزاهة بعيداً عن أي انتماء حزبي . كما يعلّق المرشحون المستقلون والمعارضون آمالهم على أصوات هؤلاء.
الناخبون والأمل في الغد
ظهرت الرغبة الجامحة لدى اللبنانيين ولا سيما في الأوساط الشبابية منهم، على تغيير المشهد السياسي في لبنان، والخروج عن الاصطفاف الحزبي الذي حكم هذا المشهد على مدى عقود من الزمن. الانتخابات النيابية اللبنانية هذه المرة تحمل أهمية خاصة ومضاعفة بالنظر إلى حجم التعبئة والتصعيد والتحريض ومقدارها، وماهية وطبيعة الشعارات التي أُطلقت في خضم هذه الحملة الانتخابية، والرهانات التي تصاعدت من هنا وهناك في الداخل والخارج.
حيث يأمل الناخبون أن تعيد الانتخابات إطلاق عجلة العملية السياسية وإحياء نبض الحياة السياسية من جديد. كل من يشارك في الانتخابات يعلق آمالاً كبيرة على متغيرات وتداعيات يمكن أن ترسم وجها آخر لصورة لبنان القادمة.
المواطن اللبناني الذي سيشارك في العملية الانتخابية سيجد صعوبات هائلة في عملية تنقله، خاصة التكلفة المادية ، الأمر الذي سيؤدي إلى إحجام الكثيرين عن ذلك، علاوة على منسوب الحماس المنخفض الذي يعم مختلف الشرائح اللبنانية الناجم عن عدم الإيمان بالقدرة على تغيير الطاقم السياسي الحاكم منذ ثلاثة عقود، والذي يعتبر في نظر الكثيرين المسؤول عما وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
هل يقفز حزب الله وأنصاره على الانتخابات وسط مقاطعات سنية؟
يخوض حزب الله وحليفه التيار الوطني الحرّ الانتخابات التشريعية اللبنانية كأنها معركة للحفاظ على الوجود والبقاء. المواقف التي أطلقها الأمين العام للحزب حسن نصرالله، ومنها وصفه الانتخابات بأنها ‘حرب تموز سياسية’، من شأنها رفع سقف التحدي إلى أقصى الحدود. يدخل حزب الله وحليفه بكل ثقلهما في المعركة، ويركزان اهتمامهما على كيفية الاستفادة من البيئة السنية وسط التشتت القائم فيها ودعوات ‘تيار المستقبل’ الذي يقوده سعد الحريري إلى المقاطعة .
حزب الله المدعوم من مليشيات الحرس الثوري الإيراني والمتلقي لتعليماته من طهران ، يسعى إلى الفوز بأكثرية المقاعد النيابية فيه ، وستؤدي المقاطعة إلى تخفيض الحواصل الانتخابية، مما يمكن الحزب من فرض ما يريده. ومن المتوقع أن تشهد عمليات الاقتراع إحجاماً ملحوظاً من قبل اللبنانيين المناهضين لنفوذ “حزب الولي الفقيه”، في إشارة إلى حزب الله اللبناني.
على الرغم من السخط المتزايد، فإن حزب الله الذي صنفته الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية كمنظمة إرهابية، حافظ على سيطرته على جمهور الناخبين من خلال شبكة المحسوبية الواسعة والتحريض الطائفي وترهيب أنصار المعارضة، كما يقول المحللون.
لبنان البلد الذي يعاني من الإفلاس الممهنج وفساد الطبقة الحاكمة وكل أنواع الانهيارات الاقتصادية، كان من المفترض أن يكون التنافس في البرامج الانتخابيّة على برامج اقتصادية إنقاذية وخطط عاجلة لإنتشال الدولة من هاوية ذاهبة لها لا محالة، ولكن المفاجأة كانت في إفلاس البرامج والسعي للمناصب والمقاعد النيابية فقط لمجرد السلطة.
• من أطلق الصاروخ؟.. توتر الحدود اللبنانية الإسرائيلية ومخاوف من شبح حرب 2006
•إفلاس لبنان .. أمر واقع أم مستقبل لا مفر منه؟