أسفرت نتائج الانتخابات البرلمانية في لبنان عن مفاجآت تمثلت في فقدان حزب الله وحلفائه الأغلبية في البرلمان. وفق النتائج النهائية للانتخابات النيابية التي أعلنها وزير الداخلية الثلاثاء (17 مايو/ أيار 2022 ، والتي سجّلت دخول مرشحين مستقلين معارضين منبثقين من الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في 2019، إلى البرلمان للمرة الأولى، بعدد لم يكن متوقعا .وشهدت الانتخابات تقدما واضحا للمرشحين من اجل التغيير وحزب القوات اللبنانية.
بينما حصد حزب الله ،المدعوم من إيران والحرس الثوري الإيراني، نحو 62 مقعداً من أصل 128. وشهدت الانتخابات انخفاضا في نسبة المشاركة في التصويت نتيجة لمقاطعة بعض القوى الحزبية، وفي مقدمتهم تيار المستقبل الذي يترأسه سعد الحريري رئيس الوزراء الأسبق .وكانت نتيجة الاقتراع تعكس بوضوح الغضب الشعبي من النخبة الحاكمة في لبنان، وفي مقدمتهم حزب الله وحلفائه.
خسارة حزب الله
أظهرت النتائج احتفاظ حزب الله وحليفته حركة أمل التي يتزعمها رئيس البرلمان المنتهية ولايته (نبيه بري)، بكامل المقاعد المخصّصة للطائفة الشيعية (27 مقعداً) في البلاد، لكن حلفاءهما وبينهم التيار الوطني الحر بزعامة رئيس الجمهورية ميشال عون ، خسروا مقاعد في دوائر عدة. وحصل حزب الله (الجهة الوحيدة غير الرسمية التي تمتلك ترسانة من السلاح خارجة عن سيطرة واشراف الدولة اللبنانية )، على 62 مقعدا من أصل 128 في البرلمان في انتخابات يوم الأحد الماضي، مقارنة مع الأغلبية التي حققتها في 2018 عندما حصلت على 71 مقعدا.
بينما جائت الصفعة الأقوى التي تعرض لها الحزب تكمن في فوز مرشحين، أحدهما أورثوذكسي والثاني درزي، في المنطقة الحدودية الجنوبية التي تعتبر أحد معاقله، وهو أمر لم يحصل منذ العام 1992.ولم يتضح بعد العدد النهائي للمقاعد التي سيجمعها مع حلفائه، لكنه لن يتمكن قطعا من الوصول الى 65 مقعدا.
في المقابل، تمكن حزب القوات اللبنانية، خصم حزب الله، من زيادة عدد مقاعده مع حلفائه (من 15 الى 19)، متجاوزا التيار الوطني الحر المتحالف مع حزب الله وكأكبر حزب مسيحي منفرد في لبنان. كما وصل الى البرلمان مرشحون من الطائفة السنية من أبرز خصوم حزب الله، مثل مدير عام قوى الأمن الداخلي سابقا أشرف ريفي. وعقب الإعلان عن النتائج، تشير التوقعات أنه وعكس انتخابات 2018 التي قرّبت لبنان من فلك إيران بقيادة الحزب الشيعي، فإن هذه النتيجة قد تفتح الطريق للدول السنية مثل السعودية وحلفائها لإعادة تأكيد نفوذهم في بلد لطالما كان ساحة لتنافسها الإقليمي مع طهران.
ماذا يتنظر البرلمان ….؟
تعد الانتخابات هي الأولى بعد انهيار اقتصادي صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، وبعد انفجار مروع في 4 آب/ أغسطس 2020 في مرفأ بيروت أودى بحياة أكثر من 200 شخص ودمّر أحياء من العاصمة ونتج عن تخزين كميات ضخمة من مواد خطرة من دون إجراءات وقاية. وتظهر نتائج الانتخابات أن البرلمان سيضمّ كتلاً متنافسة لا تحظى أيّ منها منفردة بأكثرية مطلقة، ما سيجعله عرضة أكثر للانقسامات وفق ما يقول محللون.
أولى مهام المجلس النيابي الجديد انتخاب رئيس له ليخلف نبيه بري الذي يشغل المنصب منذ العام 1992، ويجمع كثيرون على أن استبداله سيكون صعبا رغم حجم الكتلة المعارضة لبقائه، وذلك لأن أي شيعي آخر لن يتجرأ على الأرجح في الترشح. تبقى المهمة الأصعب هي تشكيل حكومة. ويتمسك حزب الله بحكومة توافق تجمع كل الأطراف، بينما يقول المعارضون إنه يجب أن تكون هناك أكثرية تحكم ومعارضة.
انتخابات تجدد الأمل لدى اللبنانيين
كانت احتجاجات شعبية قد اندلعت تزامناً مع بداية واحدة من أسوأ فترات الكساد الاقتصادي والتدهور المعيشي الذي تشهده لبنان ، ويعيش حاليا نحو 80 في المئة من سكان لبنان في حالة فقر، فضلاً عن النقص الحاد في الغذاء والوقود والأدوية. كما تفاقمت أزمة البلاد مع تفشي جائحة فيروس كورونا، والانفجار المدمر الذي شهده ميناء بيروت عام 2020، الذي أودى بحياة ما يربو على 200 شخص، فضلا عن تعثر التحقيقات بصفة مستمرة لتحديد المسؤول عن الانفجار، وإخفاق سياسيين في الإدلاء بشهادتهم. وكان حزب الله وحلفاؤه، من بينهم “التيار الوطني الحر” الماروني بزعامة الرئيس، ميشال عون، وحركة “أمل” الشيعية بزعامة رئيس مجلس النواب، نبيه بري، قد فازوا في الانتخابات الأخيرة في عام 2018 بـ 71 مقعداً من مجموع 128 مقعداً. لذلك يضعهم الشعب اللبناني في موضع المسألة والاتهام عما حدث في البلاد من دمار وتردي للأوضاع كافة .